لاغوس: صبت ملايين الدولارات التي تكرسها حكومة نيجيريا رسميا لمكافحة غياب الامن، في الواقع في منظومة واسعة من "الصناديق السرية" المخصصة للفساد، كما ذكرت الاثنين منظمتان غير حكوميتين في تقرير قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية.

وتشهد نيجيريا عددا من النزاعات الدامية من تمرد جماعة بوكو حرام "الجهادية" في شمال شرق البلاد الى المواجهات المستمرة بين المزارعين ومربي الماشية من اجل الحصول على موارد في ولايات الوسط.

ونشر الجيش المنتشر على كل الجبهات، قوات في الشمال ايضا الذي تنتشر فيه عصابات تقوم بعمليات خطف وسرقة ماشية على نطاق واسع، وكذلك في الجنوب الشرقي حيث تقوم مجموعات متمردة بتخريب البنى التحتية النفطية.

وبينما تقدر ميزانية الدفاع بنحو 1,2 مليار دولار (1,03 مليار يورو)، قالت منظمة الشفافية الدولية (ترانسبارنسي انترناشيونال) ومركز الدفاع عن المجتمع المدني التشريعي، المنظمة النيجيرية غير الحكومية، ان اكثر من 670 مليون دولار (571 مليون يورو) اضافية توزع سنويا وسط سرية تامة.

وتحدث التقرير الذي يحمل عنوان "المال المموه: كيف تغذي +الاصوات الامنية+ (الصناديق المخصصة للامن) الفساد في نيجيريا"، عن اموال خاصة تكرس نقدا في اغلب الاحيان لمسؤولين سياسيين كبار لتغطية نفقات استنسابية في مجال الامن.

وللمقارنة تتجاوز قيمة هذه المبالغ الميزانية المخصصة للجيش النيجيري وهي اكبر بتسع مرات من المساعدة المالية الاميركية منذ 2012.

ويؤكد التقرير ان "نيجيريا لن تحتاج على الارجح الى هذه المساعدة اذا خفضت استخدام +الاصوات الامنية+ واعادت ادراجها في الميزانية الرسمية للدفاع والامن في البلاد".

ونقلت الوثيقة عن كاثرين ديكسون من منظمة الشفافية الدولية تأكيدها ان هذه الاموال تشكل في الواقع "شكلا من الفساد التاريخي في نيجيريا"، معتبرة انها "صندوق سري يسهل استخدامه ويلفه الغموض الكامل".

واضافت ان "الفساد في قطاع الدفاع والامن الاساسي يعود بالفائدة على الذين يزرعون بذور عدم الاستقرار والرعب".

وتابعت ديكسون ان هذه الظاهرة مسؤولة جزئيا عن "نقص التمويل" المزمن للقوات المسلحة و"يغذي مجموعات يمكن ان (تسعى لان) تزعزع الانتخابات".

- زيادة تثير القلق -
انتخب محمد بخاري، القائد العسكري السابق، رئيسا لنيجيريا قبل ثلاث سنوات بناء على وعد بدحر جماعة بوكو حرام والقضاء على الفساد المستشري في الادارة.

وقد اكد حينذاك انه في عهد سلفه غودلاك جوناثان، كان الجنود يعانون من نقص الاسلحة والذخائر لمحاربة الجهاديين الذين استولوا على مناطق واسعة من اراضي نيجيريا.

ومن اولى اجراءات الرئيس بخاري، فتح تحقيق واسع حول الممارسات المبهمة في عقود الاسلحة، ادى الى توقيف المستشار السابق للامن القومي سامبو داسوكي.

وهذا الكولونيل متهم باختلاس ملياري دولار من ميزانية وزارة الدفاع مخصصة لمكافحة بوكو حرام من اجل تمويل حملة الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان في مواجهة بخاري في 2015.

وفي كانون الاول/ديسمبر، اعلنت حكومة بخاري سحب مليار دولار من اموال الفائض النفطي من اجل مواجهات التحديات الحالية في نيجيريا.

من جهته، اتهم حزب الشعب الديموقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، حزب مؤتمر التقدم الحاكم باستخدام هذا المال لدعم بخاري في الانتخابات المقبلة التي ستجرى في شباط/فبراير 2019.

وقالت منظمة الشفافية الدولية ان عدد المستفيدين من "الاصوات الامنية" ارتفع من ثلاثين في الميزانية الاتحادية لـ2016 الى اكثر من تسعين هذه السنة على الرغم من الوعود بالشفافية التي اطلقها رئيس الدولة.

واوضح التقرير انه "مع اقتراب انتخابات 2019، يفترض ان تثير هذه الزيادة المفاجئة قلق الذين يشرفون على النفقات العامة النيجيرية".

وتطلب المنظمتان غير الحكومتين كذلك من كل المرشحين المقبلين للانتخابات الرئاسيى التعهد بمنع هذه الممارسات وتعزيز اجراءات تدقيق البرلمان في النفقات الامنية.

وكانت منظمة الشفافية الدولية قالت في تقرير ان اكثر من 15 مليار دولار من اموال الجيش اختفت في تاريخ نيجيريا الحديث.