ظهر الصحفي الروسي المعارض أركادي بابشينكو حيا وبصحة جيدة في مؤتمر صحفي الأربعاء في العاصمة الاوكرانية كييف بعد يوم من انتشار أنباء عن اغتياله. وقال رئيس الأمن في أوكرانيا، فاسيل هيرتساك في المؤتمر الصحفي إن حادثة القتل تم تلفيقها لكشف العملاء الروس.

وكانت زوجة الصحفي قد قالت في وقت سابق إن زوجها أطلق عليه النار في ظهره بينما كان يغادر مسكنهما في المدينة.

كيف لفق اغتيال صحفي "لكشف عملاء روس"؟

وكتب بابشينكو في 24 فبراير/شباط 2017 في صحيفة الغارديان البريطانية عن تجربته في معارضة حكم الزعيم الروسي فلاديمير بوتين وكيف اضطر الى الفرار من بلاده مايلي:

قبل شهرين سقطت طائرة ركاب روسية في البحر الأسود وكان على متنها الفرقة الموسيقية العسكرية الروسية المشهورة على المستوى العالمي الكسندروف وكانت في طريقها لاحياء حفل للطيارين الروس المشاركين في الغارات الجوية على مدينة حلب السورية. كتبت بوستا على فيسبوك حول الحادث لم يكن فيه أية إساءة أو نقد لأحد، فقط وددت أن أذّكر قرائي بأن روسيا تقوم بحملة قصف عشوائي على مدينة حلب دون أي تمييز، متجاهلة أن هناك عشرات الأطفال الذي قتلوا في هذه الغارات الجوية وصورهم تصل إلى وسائل الإعلام حول العام وقلت إن روسيا دولة معتدية.

أبواب الجحيم

ومنذ ذلك الحين فتحت أبواب الحجيم وبدأت بالدعوات إلى تجريدي والصحفية بوزينا رينسكا من الجنسية الروسية وترحيلنا ومصادرة أملاكنا بسبب كتابات "تفتقر الى الوطنية" حسب رأي أصحاب الدعوات.

وانضمت وسائل الإعلام الرسمية مثل القناة التلفزيونية الأولى في روسيا الأوسع انتشارا والاكثر نفوذا إلى الحملة وطالبت مشاهديها بالمشاركة في الدعوة إلى تجريدي من المواطنة وترحيلي.

وانضمت محطة تلفزيون منوعات إلى الحملة الى درجة صدرت علي حكم قضائي لعدم دفعي قيمة تذكرة ركوب باص، رغم ان جندي سابق وكل وسائل النقل العام هي مجانية لي.

تم نشر عنوان منزلي على الانترنت مع دعوات لـ"زيارته" وتلقيت أنا وأسرتي آلاف التهديدات عبر البريد الالكتروني والهاتف وفيسبوك.

وأخيرا وليس آخرا نشرت محطة تلفزيون قومية روسية مقربة من الكنيسة قائمة بأسماء 100 شخصية ممن وصفتهم بأنهم "أشد أعداء روسيا" وكان ترتيبي العاشر فيها رغم أنني شاركت في حربين دفاعا عن هذا البلد الذي لم أعد أشعر بالأمان فيه.

سنوات الحرب

وعمل بابشينكو المولود عام 1977 في موسكو مراسلا حربيا لدى عدد من الصحف والمجلات الروسية المرموقة مثل صحيفة "موسكوفسكي كومسموليتس" الواسعة الانتشار.

كان أثناء خدمته العسكرية في الجيش الروسي خلال حرب الشيشان الأولى يكتب في مدونة خاصة ابتداء من 1995 وكتب ذات مرة بلغة ساخرة إنه شارك في عملية "اعادة فرض سلطة القانون" على الشيشان وهي التسمية التي أطلقتها روسيا على حربها في الشيشان التي أدت الى مقتل مئات آلاف الشيشان ودمار مدن بأكملها مثل العاصمة غروزني.

وتم استدعاء بابشينكو إلى الخدمة العسكرية مرة ثانية في تسعينيات القرن الماضي وكتب في نهاية الفترة الثانية من خدمته العسكرية "لقد أنهيت خدمتي العسكرية دون جراح وأوسمة".

وكتب مذكراته خلال الحرب ونشرها في كتب حمل أسم "حرب جندي في الشيشان" عام 2006 وترجمت إلى اللغة الانجليزية عام 2008.

بعد تسريحه من الجيش عمل مراسلا حربيا في مناطق الصراع وساحات المعارك حيث غطى الحرب بين روسيا وجورجيا عام 2008 والحرب في قيرغيزيا 2010.

وعند سقوط الطائرة التي كانت تحمل جوقة الكسندورف العسكرية وصحفيين موالين لبوتين عام 2016 ومقتل جميع من كان على متنها كتب ما يلي : لا أشعر بالحزن أو الشفقة على القتلى. ولا أقدم التعازي لأقاربهم وأصدقائهم. القتلى كانوا خدما لدولة أرتكبت انتهاكات.

بعد حملة المضايقة التي تعرض لها فر بابشينكو إلى العاصمة التشيكية براغ وبعدها إلى اسرائيل وكان اخر المطاف في العاصمة الاوكرانية كييف حيث كان يعمل مذيعا في قناة تلفزيونية له صلة بتتر شبه جزيرة القرم.

وكتب بابشينكو قبل أقل من عامين عند مقتل الصحفي الروسي المعارض بافل شيريميت الذي لجأ إلى أوكرانيا مثله، في انفجار عبوة ناسفة "لقد تعبت من دفن أصدقائي".