لندن: راقب المرصد الآشوري لحقوق الانسان الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت أخيرا ، وكتب في تقرير موسع أن الانتخابات شهدت خروقات وانتهاكات كان من المفترض عدم وقوعها أو معالجتها قبيل بدء العملية الانتخابية من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، والتي طالب بإعادة هيكلتها.

وقال جميل ديار بكرلي مدير المرصد الآشوري لحقوق الانسان في تصريح لـ"إيلاف": "جرت العادة أن تتطور التجربة الانتخابية عام بعد عام ، ولكن ما حصل في الانتخابات البرلمانية العراقية كان تراجعاً ملحوظاً وبشكل كبير ".

وأعاد أسباب ذلك "لكثرة الأخطاء والانتهاكات كما هو موضح في التقرير النهائي الصادر عن المرصد الاشوري بالإضافة للضعف في ادارة الانتخابات من قبل الجهة المشرفة عليها و لعدم وجود كوادر مدربة للقيام بعملها".

واعتبر أنه "كان الرد الشعبي على هذه الانتخابات من خلال الامتناع عن التصويت"، لافتا أن الانتخابات شهدت "نسبا متدنية جدا في المشاركة مقارنة بالانتخابات السابقة"، مؤكدا أن "هذا دليل واضح على أزمة الثقة بين الشعب العراقي الذي يعيش ظروف معيشية قاسية جدا، وسط شُح بالكهرباء والماء وفرص العمل بالرغم من ان العراق من الدول الغنية بالموارد وبين الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد ،والتي تخوض كل الانتخابات البرلمانية في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى اليوم دون أن تغير شيء من الواقع المعاشي للمواطنين بالأمور تزداد سوء" . 

وقال ديار بكرلي "كمتابعين للانتخابات وجدنا أنه من الضروري اعادة هيكلة ومأسسة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وذلك على أسس الحيادية والمهنية، بالإضافة الى ضرورة فرض الدولة العراقية على كامل الرقعة الجغرافية للبلاد وكف يد المليشيات، والعمل على اعادة إعمار ما دمره تنظيم داعش الإرهابي ورفع مستوى الخدمات المعيشية في مقدمتها الماء والكهرباء، وبالتالي عودة النازحين والمهجرين وذلك من شأنه بداية عودة الثقة بين الشعب والحكم". 

وقال "بِتحقيق كل ما سبق تكون الظروف مهيأة لإجراء اي استحقاق ديمقراطي".

 هذا وتحدث التقرير المفصل الذي أصدره المرصد الآشوري "عن كثرة الشكوك حيال امكانية القائمين على المفوضية بإدارة العملية الانتخابية من الناحية المهنية وعدم التبعية لأية جهة كانت". لذلك وجد "انه من الضروري فتح تحقيق شفاف وشامل بكل الشكاوى المقدمة بما يخص العملية الانتخابية والتعاطي معها بمهنية وحيادية لرد الاعتبار للاستحقاق الديمقراطي الذي يفترض ان يكون عرساً للديمقراطية في اي بلد يقام فيه خاصةً "وان اكبر نكسة للانتخابات البرلمانية العراقية كانت عزوف نسبة كبيرة من المواطنين العراقيين عن التصويت، مما يدل على وجود ازمة ثقة حقيقية بين الدولة بما تمثله من قوى حاكمة وبين المواطنين".

ووجد التقرير أيضا أنه من أهم واجبات البرلمان العراقي الجديد إعادة هيكلة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، وتكون الهيكلة الجديدة بعيدة عن اساليب المحاصصة الطائفية والحزبية، ويكون اساسها الحيادية والمهنية والاستقلالية البحتة". 

كما يتطلب منهم إعادة النظر في القوانين الناظمة للانتخابات، وخصوصاً القوانين المتعلقة بانتخابات مقاعد الكوتا المسيحية.

وحول واجبات الحكومة العراقية فرأى التقرير أنه من" واجباتها الأساسية في المرحلة المقبلة هو بسط سلطة الدولة على كل المناطق العراقية، والحد من انتشار المليشيات، مما يعطي انطباع مريح للمواطنين، في ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية، ويكون ولاؤهم للدولة اولا وأخيرا .

ونوه التقرير بأن أحد أهم أركان أية انتخابات، إضافة إلى الناخب والمرشح والهيئة المشرفة على الانتخابات، هي منظمات المجتمع المدني، والتي نرى أن لها دور مهم في العملية الانتخابية منذ بداياتها، من خلال توعية المجتمع بأهمية الانتخابات، التي هي أساس الحياة الديمقراطية، وحث على المواطنين اختيار من يمثلهم في إدارة الدولة خلال الفترة التي تعقب الانتخابات، وصولًا إلى تفعيل الرقابة الشعبية على من انتخبهم الشعب، وخصوصًا في بلد كالعراق الذي يحاول أن يستعيد عافيته بعد العديد من الاضطرابات والفساد والإرهاب الفكري والعملي الذي يعبث فيه هنا وهناك.