وافق مجلس النواب المصري على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن مكافحة جرائم تقنيات المعلومات، ويعرف إعلاميا بقانون "مكافحة جرائم الإنترنت".

ويُعد القانون الجديد الأول من نوعه في مصر في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية، ويُنتظر التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية كي يصبح ساريا.

ويَنص القانون على فرض عقوبات تصل إلى السجن، ولغرامة مالية قد تصل إلى خمسة ملايين جنيه مصري، ضد مستخدمي الإنترنت والشركات مقدمة الخدمة في حال مخالفة أحكام هذا القانون.

ويكلف القانون رئيس المحكمة الجنائية المختصة بإصدار أوامر "بضبط أو سحب أو جمع أو التحفظ على البيانات والمعلومات أو أنظمة المعلومات، وتتبعها في أي مكان، أو نظام، أو برنامج، أو دعامة إلكترونية، أو حاسب تكون موجودة فيه، ويتم تسليمها للجهة المنفذة للأمر، في حال كان لذلك فائدة في اثبات ارتكاب جريمة تستلزم العقوبة بمقتضى أحكام هذا القانون".

كما تتضمن تلك الأوامر ولنفس الأسباب " البحث والتفتيش، والدخول والنفاذ إلى برامج الحاسب وقواعد البيانات وغيرها من الأجهزة والنظم المعلوماتية تحقيقا لغرض الضبط" وكذلك " أمر مقدم الخدمة بتسليم ما لديه من بيانات أو معلومات تتعلق بنظام معلوماتي أو جهاز تقني، موجودة تحت سيطرته أو مخزنة لديه، وكذا بيانات مستخدمي خدمته، وحركة الاتصالات التي تمت على ذلك النظام أو الجهاز التقني أو في نطاقه".

وألزم القانون مقدم الخدمة " بحفظ وتخزين وتأمين تقنية المعلومات، ومحتوى النظم المعلوماتية، لمدة مائة وثمانين يوما متصلة، ومحدثة بصفة مستمرة، وعلى الأخص، البيانات التي تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة، والبيانات المتعلقة بحركة الاتصال، والبيانات المتعلقة بأجهزة الاتصال".

ويعاقب القانون المتورطين في نشر معلومات عن تحركات الجيش أو الشرطة، أو الترويج لأفكار التنظيمات الإرهابية بالسجن، ويفرض غرامات مالية بعشرات آلاف الجنيهات على من يثبت تورطه في سرقة واختراق البريد الإلكتروني لآخرين.

وينص القانون كذلك على معاقبة من يثبت تورطه في إتلاف بيانات رسمية بالسجن، وتغريمه مليوني جنيه مصري كحد أدنى، وخمسة ملايين جنيه كحد أقصى. إضافة إلى بنود أخرى عديدة.

ومنح القانون جهات التحقيق المختصة حق حجب موقع أو عدة مواقع أو روابط أو محتوى، إذا أمكن ذلك من الناحية الفنية، وفي حال وجدت أدلة على قيام تلك المواقع بوضع أية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية تُشكّل تهديدا للأمن القومي، أو تُعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر.

وأجاز القانون للنائب العام، أو من يفوضه من المحامين العامين، أن يأمر بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول لمدة محددة.

كما تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب فعلا خارج الإقليم المصري ، يجعله ضالعا أو شريكا، في جريمة منصوص عليها في هذا القانون، وجرت كلها أو بعضها، داخل الإقليم المصري أو ضد أحد الأملاك العامة للدولة أو مصالحها في الخارج.

شفرة الكترونية على وجه رجل مغطى الرأس
Reuters

اعتراضات منذ البداية

وأثارت موافقة مجلس النواب على مشروع القانون تحفظات عدد من المؤسسات المعنية بحرية التعبير.

وقال حسن الازهري محامي وباحث قانوني بملف الحقوق الرقمية في مؤسسة حرية الفكر والتعبير لبي بي سي "إن تحفظات سابقة لمؤسسته على مشروع القانون لا تزال قائمة، مشيرا إلى أنه لم تحدث تعديلات جوهرية على مشروع القانون الذي أُقر".

كما أضاف أن هناك "مشاكل في حماية البيانات الشخصية وتوجيه الاتهامات لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، القانون يجرم مجموعة من الأفعال المجرَّمة سلفا وفقا لقوانين أخرى".

وأردف الأزهري " القانون فيه توسع كبير جدا في صور التجريم وهناك صور تجريم غير محددة مثل جرائم الشروع، التي يصعب فهمها في ظل التطور في وسائل التواصل عبر الإنترنت".

وعن تأثير القانون الجديد على حرية الرأي والتعبير، ولاسيما الفضاء الإلكتروني، قال الأزهري "يوثر بشكل كبير جدا على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لأنه يحمل اتهامات واسعة جدا يمكن توجيهها لأي مستخدم للإنترنت قام بأي فعل على الإنترنت بالمشاركة أو الكتابة أو التعليق".

وكانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ذكرت في تقرير ربع سنوي لها في مارس/ آذار الماضي أن مشروع القانون يهدد الحقوق الرقمية بترسيخ إحكام السيطرة على المحتوى المنشور على الإنترنت وتقنين المراقبة الشاملة على الاتصالات في مصر.

وجاء في التقرير أنه على سبيل المثال " يُلزم مشروع القانون، شركات الاتصالات بحفظ وتخزين بيانات استخدام العملاء، لمدة 180 يوما، وتشمل البيانات التي تُمكّن من التعرُّف على المستخدم والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي والمتعلقة بحركة الاستخدام وبالأجهزة المُستخدمة".

النصب
Getty Images

وأضاف التقرير أن ذلك يعني "أنه سيكون لدى مقدمي خدمات الاتصالات بيانات توضّح كل الممارسات التي يقوم بها المستخدم، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، وكل البيانات المتعلقة بهما، والمواقع التي يزورها والتطبيقات المستخدمة على الهواتف الذكية والحواسيب".

وانتقد التقرير توفير القانون أرضية قانونية لجهات التحقيق لإصدار قرار بحجب مواقع الإنترنت، كما انتقد كذلك منح مشروع القانون الشرطة صلاحية إصدار قرار حجب المواقع، في "حال الاستعجال لوجود خطر أو ضرر وشيك الوقوع".

دفاع برلماني

لكن محمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، يرى أن هناك ضرورة لسن هذا القانون.

وقال الغول إن هناك استخدام "سيء لمواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، يتمثل في انتهاك الحياة الخاصة". مضيفا "خلال الفترة الماضية حصل تضرر للحريات الخاصة لبعض الشخصيات العامة أو الشخصيات الاعتبارية، لقد حصل تعد سافر على هذه الشخصيات بل وعلى الأشخاص العاديين أيضا من قبل مستخدمين لوسائل التواصل عبر الإنترنت".

وأشار الغول الى أنه تفاديا لأي شكوك في إستخدام متعسف لمواد القانون من قبل الأجهزة التنفيذية، وُضع الأمر في يد القضاء وقال: " القاضي هو من يقوم بتحديد مدى خطورة الإجراء الذي اتخذه المستخدم ومدى تهديده للأمن القومي أو الشخصي من عدمه، وبناء عليه يتم اتخاذ الإجراء القانوني من عدمه".

-----------------------------------------------

يمكنكم استلام إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.