الخوخة: سواتر ترابية، شوارع شبه خالية، دبابات وحركة نزوح بالحافلات والسيارات: مدينة الحديدة اليمنية تستعد لحرب شوارع.

لم يعد هناك مفر امام احمد، وهو شاب يقيم في منطقة مجاورة لمطار المدينة حيث تدور معارك منذ نحو أسبوع، من النزوح نحو منطقة اكثر أمنا، او باتجاه مدينة اخرى.

أصرّ أحمد منذ بداية هجوم قوات الحكومة لاستعادة المدينة من أيدي المتمردين، على البقاء في منزله أملا في تسوية سياسية تجنّب المدينة الحرب، الا ان آماله تضاءلت الثلاثاء مع اشتداد حدة المعارك.

وقال عبر الهاتف لوكالة فرانس برس "أصوات الاشتباكات العنيفة لا تتوقف" منذ الصباح، مضيفا "هناك عائلات تحاول الخروج ولم تتمكن من ذلك".

ووصف أحمد كيف أنه قضى الاسبوع الماضي متحصنا في غرفة الجلوس قرب نافذة يتابع منها أصوات المعارك القريبة. وكلما سقطت قذيفة في مكان قريب، طارت ذعرا العصافير التي تعيش على سطح المبنى الذي يسكنه، قبل العودة الى مكانها.

وبدأت القوات الموالية للحكومة الاربعاء الماضي بمساندة التحالف العسكري بقيادة السعودية، هجوما واسعا تحت مسمى "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

ووصلت القوات الحكومية سريعا الى مطار المدينة الواقع عند مدخلها الجنوبي، لكنها واجهت مقاومة عنيفة من قبل المتمردين.

وصباح الثلاثاء، اندلعت معارك عنيفة في محيط المطار غرب اليمن بعدما بدأت قوات الحكومة عملية جديدة تهدف الى اقتحامه، مدعومة بغارات مكثّفة تشنها طائرات التحالف العسكري على مواقع للحوثيين فيه، بحسب مصادر عسكرية.

وقال أحمد ان هذه الاشتباكات هي "الأعنف" منذ الاربعاء الماضي.

سواتر وخنادق

وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة الى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.

لكن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويضم الامارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.

ويدعو التحالف الى تسليم إدارة الميناء للامم المتحدة او للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم.

وعلى غرار أحمد، راهن العديد من سكان المدينة المطلة على البحر والبالغ عددهم نحو 600 ألف نسمة، على التوصل الى تسوية سياسية خلال زيارة لمبعوث الامم المتحدة لليمن مارتن غريفيث الى صنعاء الخاضعة أيضا لسيطرة المتمردين.

لكن الآمال تضاءلت مع اعلان المتمردين خلال لقائهم غريفيث نيتهم التصعيد، وتأكيد التحالف على انه لن يقبل الا بانسحاب غير مشروط للمتمردين من المدينة الساحلية، ما أثار خشية السكان من دخول الحرب الى شوارع المدينة.

وبحسب أحد سكان مدينة الحديدة، فان المتمردين عمدوا منذ الاثنين الى "قطع شوارع رئيسية في المدينة بالسواتر الترابية وحاويات النفايات الفارغة".

وأضاف مفضّلا عدم الكشف عن اسمه خشية تعرضه للاعتقال "حفروا (المتمردون) خنادق في الشوارع بعمق لنحو مترين".

وتابع "الحركة في المدينة اليوم تبدو شبه مشلولة".

وذكر شخص آخر من سكان المدينة ان "الوضع متوتر جدا جدا"، مشيرا الى ان المتمردين "يمنعون أي شخص من استخدام هاتفه للتصوير في الشارع، ويسألون المارة عن أماكن توجههم".

وقال أب أسرة انه شاهد دبابتين متمركزيتين عند أحد المداخل الشرقية للمدينة.

صحن لاقط وقارورة غاز

بينما تنذر استعدادات المتمردين واصرار طرفي الصراع على التصعيد، بحرب شوارع تقترب من ابواب المدينة، تتزايد حركة النزوح نحو مناطق اخرى مجاورة وبينها العاصمة صنعاء على بعد 230 كلم.

وكانت الامم المتحدة أعلنت الاثنين ان نحو 5200 عائلة نزحت عن منازلها في محافظة الحديدة التي تعتبر مدينة الحديدة عاصمتها، بسبب المعارك الدائرة على طول الساحل الغربي في اليمن.

وتوقعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر نزوح آلاف من سكان مدينة الحديدة خلال الايام المقبلة.

ويقول محمد، الطالب الذي يسكن في وسط المدينة، ان المنطقة حيث يقيم "تشهد حركة نزوح متواصلة" باستخدام حافلات وسيارات.

وعلى الأرض أمام حافلة متوجهة الى صنعاء، وضعت اسرة مغادرة قارورة غاز وحقائب ومواد غذائية لنقلها معها. وأخذت اسرة اخرى صحنها اللاقط وجهازا صغيرا للطهي، ووضعتهما في مكان تخزين الحقائب أسفل الحافلة.