الرباط: توفي الخميس بالرباط، الفنان التشكيلي حسن الكلاوي، عن عمر ناهز 94 سنة. ويعد الراحل، الذي ولد بمراكش، سنة 1924، من مؤسسي الفن التشكيلي بالمغرب، كما أنه أحد أبناء الباشا التهامي الكلاوي، الذي يعد من بين أبرز الشخصيات السياسية التي طبعت مغرب القرن العشرين، خصوصا خلال فترة الاستعمار الفرنسي.

أثرت علاقة النسب مع الباشا الكلاوي كثيراً في حياة ومسار حسن الكلاوي الفني، خصوصاً من جانب استثمار علاقات وصداقات الوالد لعدد من القادة السياسيين في العالم، والذين يبقى أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني الأشهر ونستون تشرشل، الذي حين نقل إليه الباشا الكلاوي، خلال إحدى زياراته لمراكش، تبرمه من رغبه إبنه حسن في دراسة واحتراف الفن التشكيلي، عمل، بعد اطلاعه على عدد من أعمال هذا الإبن واقتناعه بموهبته، على إقناع الأب بالسماح لابنه بمتابعة مسار الفن والألوان. وكذلك كان، حيث سيشد الرحال إلى باريس، في 1950، لدراسة الفن بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة.

وبعد أن قضى بعاصمة الأنوار 15 سنة، سيعود حسن الكلاوي نهائيا إلى المغرب، حيث سيستقر بالرباط، بعد أن كان أقام سنة قبل ذلك معرضا بالدار البيضاء فرض به قيمته بين نقاد وعشاق الفن التشكيلي في المغرب، قبل أن ينال عدد من أعماله شهرة عالمية.

صورة تجمع الباشا الكلاوي والد الفنان حسن الكلاوي رفقة ونستون تشرشل بمراكش

واعترف الفنان الراحل، في أكثر من مناسبة، بأنه يفكر، بشكل دائم، في ذلك اللقاء المصيري مع ونستون تشرشل عام 1943، والذي لولاه لحال موقف والده من تعلق ابنه بالرسم دون ممارسته حياة الفنان العجيبة.

ونقرأ لمحمد أديب السلاوي، تحت عنوان "التشكيل المغربي، يمتطي ظهر الأحصنة الجمالية": "استطاع حسن الكلاوي، منذ بداياته الأولى، مطلع خمسينيات القرن الماضي، أن يخط لنفسه بصمة واضحة في الحركة التشكيلية المغربية، لوحاته استقطبت كل العناصر الإبداعية المتصلة بالفرس، بالتبوريدة، بالفروسية التقليدية، والتزمت صياغاتها الزخرفية بالتراث العتيق وبالواقعية. إن أسلوب حسن الكلاوي، يمثل المدرسة التشخيصية. إنه رأى في الفرس منذ البداية كائنا تشريحيا ليس فقط من خلال ألعابه وسباقاته ومعاركه الحربية ولكن أيضا من خلال بروز تقاطيع جسده، وتناسقها ورشاقتها وجماليتها الفائقة، كما رأى في الفروسية ومواسمها واحتفالاتها وصراعاتها ميراثا وطنيا يبرز الهوية الإبداعية، كما يبرز الهوية الثقافية. تميزت أعمال حسن الكلاوي بألوانها الترابية، وبعنايتها الفائقة بالبيئة المغربية، خاصة بيئة الجنوب المغربي حيث مسقط رأس مبدعها. أعماله التشكيلية، بقدر انتمائها إلى المدرسة الانطباعية، تحاول في الكثير منها، الاقتراب من المدرسة الواقعية، وفي الحالتين تسعى إلى طرح مفهوم ثابت للأصالة الإبداعية على مساحاتها اللونية".