إيلاف من الرياض: حظي قرار السلطات السعودية، رفع الحظر عن قيادة السيارات للمرأة في المملكة، بترحيب واسع بين النساء السعوديات، اللواتي عبرن عن شعور بالتفاؤل حيال ما يحمله ا من آثار إيجابية على المجتمع.

وبدأت السعوديات يوم الأحد 10/10/1439هـ الانطلاق بمركباتهن في مناطق متعددة من شوارع المملكة تفعيلاً للقرار السامي الذي سمح لهن بقيادة السيارة، وفي هذا اليوم المرتقب قامت (إيلاف) برصد مشاعر السعوديات ومعرفة أثر هذا القرار وأثره على مستوى الدولة والعائلة والفرد. 

شعورٌ لا تفهمه إلّا السعوديات 

تجاه هذا الحدث وصفت عضو مجلس الشورى لينا المعينا قرار السماح بقيادة المرأة بـ "التاريخي" حيث قالت: "إن هذا القرار التاريخي هو امتداد لسلسلة من القرارات منذ إعلان رؤية المملكة 2030 في 25 ابريل 2016م حيث تصنف المملكة العربية السعودية اليوم من دول العالم الأول، كما أنه يعطي المرأة كرامتها وعزتها ويصونها، إذ أن قيادتها لسيارتها بنفسها أفضل بكثير من أن تكون خلف السائق الأجنبي الذي نجهل أخلاقياته".

وتابعت "ومن حينها والمملكة تشهد سلسلة من القرارات كانت المرأة جزءاً منها، ولهذه القرارات أبعاد مهمة على كافة المستويات التي من شأنها أن تعكس صوراً إيجابية للعالم، كما أن الدولة لا تفرض على أحد القيادة حيث أن القرار يتيح حق الاختيار للمرأة".

وعن شعورها تجاه هذا الحدث قالت: "لا يختلف شعور عضو مجلس الشورى عن بقية النساء، وهو شعور لا تفهمه إلّا السعوديات تجاه هذه التحولات التي تشهدها الدولة السعودية بشكل عام وهذا الحدث التاريخي بشكل خاص".

وأشارت المعينا إلى أن جميع القرارات تصب في مصلحة الأسر السعودية يعود عليها بالكثير من المنفعة الاجتماعية والاقتصادية والراحة النفسية، فبحسب الإحصائيات فإن الحد الأدنى لمرتب السائق سنوياً يبلغ 12000 ريال سنوياً، لذلك ستوفر الأسر السعودية نتيجة هذا القرار سنوياً أكثر من 90 بليون ريال. 

مشاركة المرأة السعودية في دفع عجلة التطور 

وقد قدمت الباحث الرئيس نجاح بنت مقبل القرعاوي، أستاذ جغرافية النقل المشارك بقسم الجغرافيا ونظم المعلومات الجغرافية - عميدة خدمة المجتمع والتنمية المستدامة بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ضمن قضايا ملتقى ورقة عمل حملت عنوان *المشروع البحثي الوطني أثر قيادة المرأة للسيارة على التنمية المستدامة والسلامة المرورية في المملكة العربية السعودية*.

حيث تكمن أهمية المشروع البحثي أنها تعدّ الأولى من نوعها في العالم التي ترصد هذا التحول في المملكة العربية السعودية، وتقدم تصوّر حول مشاركة المرأة في دفع عجلة التطور عبر الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للتنمية المستدامة والسلامة المرورية في المملكة العربية السعودية.

دور النساء

كما تقدم هذه الدراسة أفكارًا حول تغيّر دور النساء وفرص العمل المتاحة لهن بعد رفع الحظر عن القيادة وكيف يمكن لهن المساهمة في تنمية المجتمع والاقتصاد والبيئة، بالإضافة إلى تناول العديد من الجوانب النفسية المرتبطة بهذا القرار.

كما يوثّق المشروع مرحلة هامة من التاريخ التنموي للمملكة العربية السعودية ستطوى في يوم 10/10/1439هـ، وهي مرحلة انتقالية ما بين الحضر والسماح للمرأة بقيادة السيارة في شوارع وطرقات المملكة، ومن المتوقع لنتائج هذا المشروع ومخرجاته العلمية أن تكون بمثابة تنبؤ مستقبلي لصانعي القرار في المملكة تساعدهم في وضع الاستراتيجيات وسنّ الأنظمة والتشريعات التي يمكن أن تسهم في تفعيل أبعاد التنمية المستدامة، وتعزيز مفاهيم السلامة المرورية وتحقيق جودة الحياة، وبالتالي خفض قيمة الإنفاق العام تمشيًا مع رؤية 2030.

تبعات القرار

في حين يتطلع العالم بأجمعه لمعرفة أثر قيادة المرأة للسيارة في المملكة العربية السعودية، تتمثل الفكرة المبتكرة للمشروع البحثي في كونها دراسة وطنية على مستوى السعودية، وتتزامن مع حدث تنموي هام في تاريخها مما سيتيح للباحثة فرصة نادرة من نوعها بأن تسهم في رصد وتوثيق هذه المرحلة الانتقالية بقيادة المرأة للسيارة.

وتتبع عن كثب تبعات إعلان ذلك القرار وما يتطلب من إجراءات تحضيرية تمهيدا لتطبيقه وما سيترتب عليه من آثار ملموسة على التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة (الاقتصاد ، البيئة، والمجتمع) والسلامة المرورية قبل رفع الحظر وبعده، ومقارنة المملكة في هذا المجال مع دول مجلس التعاون الخليجي. 

استبيان

واشارت القرعاوي في تصريح خاص لـ "إيلاف"، إلى نتائج استبيان خاص تم توجيهه للرجال بهدف معرفة وقع قرار القيادة على الرجال، ومدى دعمهم للنساء.

إذ أنه يعتبر شريك مسئول وفاعل في دعم المرأة في كل ميادين الحياة والسند لها في اجتياز هذه المرحلة، فجاءت النتائج مبشرة إذ أن 61% من الرجال من إجمالي 30,000 مشارك أيدو تقديم الدعم المادي. و66% من الرجال يوافقون بشدة باعتبار القيادة حق مشروع للمرأة. 

كما توجهت (القرعاوي) لولاة الأمر أصحاب القرار ممن ترى أنهم ذوي رؤية بعيدة بتمكين المرأة على القيام بدورها بتحقيق رؤية 2030، حيث قالت: "لم يكن القرار ارتجالياً بل كان قراراً مدعماً باستراتيجية مدروسة لها أهداف سامية أتفق عليها الجميع, وهناك ثقة كبيرة حصلت عليها المرأة من قبل القيادة السعودية وبالتالي يجب أن تكون على قدر هذه الثقة والمسئولية".

وأضافت "نتطلع أن يكون دور المرأة إيجابي في رفع معايير الضبط المروري لدى الرجل. 

وأخيراً نوهت بدور الأكاديميين و الأكاديميات إذ تعتبره دور استراتيجي وهام في توثيق هذه اللحظة والمرحلة الانتقالية التي تمر فيها المملكة.

ورأت أنه قبل أن تطوى صفحة ما قبل القرار، كان لابد أن يضع الأكاديميين بصمتهم على هذه المرحلة في رصد مشاعر وسلوكيات وأنماط النقد وهذا هو دورهم من خلال الجامعات. 

عصر ذهبي 

من جهتها أعربت الكاتبة والإعلامية حليمة مظفر، عن مدى سعادتها عبر (إيلاف) حيث قالت: "أشعر بالفرح والفخر ان صدر هذا القرار مما سيكون له من الآثار الايجابية الكثيرة في المجتمع، ولم يكن ذلك ليحصل لولا الله ثم تلمس القيادة السعودية بمباركة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الطموح والملهم الأمير محمد بن سلمان لأهمية هذا الحق للمواطنة السعودية".

وأضافت "بصدق اليوم أشعر براحة كبيرة ومتفائلة جدا لان المرأة السعودية تعيش عصرها الذهبي فليس هذا القرار فقط الذي أعاد لها حق من حقوقها بل العديد من القرارات الملكية التاريخية التي أصدرتها القيادة الرشيدة لتعين المرأة وتمكنها من حياة مستقرة وآمنة في مجتمعنا". 

وأشارت إلى أن هذا القرار كفيل بأن يفتح للمرأة السعودية فرصاً وظيفية جديدة، وتمكين المرأة العاملة من التنقل بسهولة مما يساعدها على التركيز والانتاجية دون اهدار وقتها تجاه مشكلة التنقل، بجانب الأثر الاقتصادي الايجابي على الأسرة بتوفير اجرة السائق ومستحقات تأمينه الصحي واستقدامه ومعيشته، وتخفيف العبء على رب الأسرة ومساعدته من خلال مشاركة زوجته له ومساعدته في ظل التزاماته العملية. 

الأمن الاجتماعي

ولفتت (مظفر) إلى فائدة بالغة الأهمية تتمثل في تحقيق الأمن الاجتماعي من خلال الحدّ من استقدام السائقين الأجانب وحماية النساء والأطفال من تحرش السائقين ممن تسول له نفسه، بالإضافة إلى الآثار الإيجابية بما يتماشى مع رؤية 2030 الطموحة. 

وعن مبررات تأخير هذا القرار وأسبابه، قالت لـ "إيلاف" : "من المهم جداً التركيز على مناقشة الحاضر والمستقبل، أما ما حصل بالأمس فقد انتهى بالأمس وتعتبر اليوم مرحلة جديدة وتاريخية على المرأة السعودية الاحتفاء بها". 

وحول إسهام هذا القرار في إغلاق هذا الملف أمام كل من استغل قيادة المرأة في المنظمات الحقوقية أمام الإعلام الغربي، اعتبرت مظفر مسألة القيادة شأن داخلي وضمن الخصوصية السعودية.

وقالت: "دون شك أن قرار قيادة المرأة مهم وحيوي خارجياً إذ ترى أن بذلك سيغلق ملفاً كان يتم استغلاله من قبل منظمات حقوقية مشبوهة في أهدافها، وسيعودون خائبين ولن يفلحوا فيما يسعون اليه، لأن المجتمع السعودي يعيش في وطن يتمتع بلٌحمة قوية فيما بين القيادة والشعب، وهذه مسألة داخلية وحلها يكون بالداخل، والقيادة السعودية تتميز جيداً احتياجات المواطنين وتهتم بهم وبتوفير كل ما يجعل حياتهم سهلة وميسرة وسعيدة". 

وعن الرافضين لفكرة قيادة المرأة قالت مظفر: "نحترم رأيهم وهي مسألة اختيارية وليست اجبارية، وجميع الاختيارات تحترم كل دون مصادرة أحد، فمن رغبت أن تقود سيارتها لحاجة بات الأمر متاحاً، ومن لم ترغب ولديها القدرة على توفير سائق فلها ذلك".