درعا: شنت القوات التابعة للنظام السوري الثلاثاء هجوما استهدف الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا، موسعة بذلك نطاق عملياتها العسكرية المتواصلة منذ اسبوع في هذه المحافظة الجنوبية، ما تسبب بنزوح اكثر من 45 الف شخص.

 وتكتسب المنطقة الجنوبية من سوريا التي تضم الى درعا محافظتي القنيطرة والسويداء خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع اسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.

وبدأت قوات النظام في 19 حزيران/يونيو هجماتها العسكرية في محافظة درعا، إنطلاقاً من ريفها الشرقي، حيث حققت تقدماً ميدانياً خولها فصل مناطق سيطرة الفصائل في الريف الشرقي الى جزئين، قبل أن توسع نطاق عملياتها الثلاثاء لتشمل مدينة درعا وريفها الغربي.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الثلاثاء أن "الجيش العربي السوري يبدأ عملية التمهيد الناري أمام تقدم الوحدات العسكرية في القطاع الجنوبي الشرقي من مدينة درعا"، مشيرة إلى أن وحدات الجيش "تعمل على قطع طرق وخطوط إمداد الإرهابيين بين منطقة طريق السد ودرعا البلد باتجاه الحدود الأردنية".

ونقل التلفزيون السوري الرسمي أن "الجيش ينفذ رمايات نارية مركزة على أوكار وتحصينات الارهابيين في درعا".

وتسيطر الفصائل المعارضة بشكل رئيسي على القسم الجنوبي من المدينة، فيما تتواجد قوات النظام في شمالها.

وشاهد مراسل لفرانس برس عند أطراف المدينة أعمدة الدخان تتصاعد من أحياء عدة بينها طريق السد ومخيم درعا، مشيرا الى قصف جوي وصاروخي كثيف يستهدف المدينة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن "غارات سورية وروسية تستهدف أحياء سيطرة الفصائل في المدينة في هذه الأثناء، تزامناً مع القاء قوات النظام للبراميل المتفجرة".

ويتزامن القصف وفق المرصد مع "اشتباكات عنيفة تدور في جنوب شرق المدينة" قرب الحدود مع الأردن.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس "هذه أول عملية عسكرية برية للنظام داخل مدينة درعا" منذ بدء التصعيد.

وتحاول قوات النظام بحسب المرصد استعادة قاعدة عسكرية في جنوب غرب المدينة خسرتها في العام 2014، ما يمكنها من قطع الطريق بين مدينة درعا والحدود الأردنية، وتقسيم مناطق سيطرة المعارضة في المحافظة أكثر فأكثر.

- "دمار لا مثيل له" -
ويأتي تصعيد الهجوم على مدينة درعا، بعد ساعات من تمكن قوات النظام من السيطرة على بلدتي بصر الحرير ومليحة العطش في ريف درعا الشرقي، للتمكن من فصل مناطق سيطرة الفصائل الى قسمين شمالي وجنوبي، وفق المرصد الذي أفاد عن أن هذا التطور حصل اثر "مئات الضربات الجوية" التي نفذتها طائرات سورية وروسية.

وعادة ما تتبع قوات النظام استراتيجة عزل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة عن بعضها في مسعى لاضعافها وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.

ويتركز القصف حالياً في الريف الشرقي على بلدة الحراك التي استهدفت بأكثر من مئة ضربة منذ صباح الإثنين. وكان المستشفى الميداني في البلدة خرج من الخدمة قبل ثلاثة أيام جراء القصف.

وقال خليل الحريري (48 عاماً) من الحراك لفرانس برس إن عشرات الغارات والبراميل المتفجرة طالت البلدة منذ الصباح متحدثاً عن "دمار لا مثيل له طال البلدة وبناها التحتية".

واستهدفت الطائرات الروسية والسورية الثلاثاء بحسب عبد الرحمن "مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف درعا الغربي القريب من هضبة الجولان للمرة الأولى منذ عام ونصف عام".

وأسفر القصف في الريف الغربي عن مقتل ستة مدنيين على الأقل واصابة العشرات بجروح، لترتفع بذلك حصيلة القتلى المدنيين جراء القصف على المحافظة إلى 38 مدنياً منذ أسبوع.

ونعت منظمة الخوذ البيضاء في درعا، الدفاع المدني في مناطق المعارضة، على حسابها على تويتر أحد متطوعيها بعد مقتله بغارة استهدفت بصر الحرير.

- 45 ألف نازح -
وتسبب التصعيد الأخير بحركة نزوح واسعة في درعا، وفق مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة.

وقالت المتحدثة باسم المكتب في دمشق ليندا توم لفرانس برس الثلاثاء "شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية على فرار عدد كبير جداً من الأشخاص بسبب استمرار أعمال العنف، والقصف والقتال في هذه المنطقة"، مضيفة "لم نر من قبل نزوحاً ضخماً بهذا الشكل في درعا".

وأشارت توم الى تقديرات بنزوح "45 ألفاً وربما أكثر".

وشاهد مراسل فرانس برس شاحنات وسيارات محملة بالمدنيين الفارين. وقد جلس بعضهم على متن شاحنات محملة بالحاجيات من حقائب وفرش وأغطية.

ويفر النازحون وفق توم، بشكل أساسي من ريف درعا الشرقي، ويتوجهون بغالبيتهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن جنوباً.

وأعلن الأردن قبل يومين عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة. كما حذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على نحو 750 الف شخص في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في المنطقة الجنوبية.

وتسيطر الفصائل المعارضة على 70 في المئة من درعا والقنيطرة، فيما تسيطر قوات النظام على محافظة السويداء المجاورة بشكل شبه كامل.

وتدخل هذه المحافظات في احدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سوريا. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية روسية أميركية أردنية في تموز/يوليو الماضي.

ويحضر مستقبل هذه المنطقة في محادثات تدور بين روسيا الداعمة لدمشق، والولايات المتحدة وأيضاً الأردن واسرائيل.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة قبل أسبوعين إن هناك خيارين أمام الفصائل اما "المصالحة" أو الحسم العسكري.

وكانت قوات النظام سيطرت على منطقتي خفض تصعيد خلال الأشهر الماضية هما الغوطة الشرقية وريف حمص (وسط) الشمالي، ولم يبق من المناطق الأربع سوى جنوب البلاد ومحافظة ادلب (شمال غرب).