صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تسببت اتهامات بالفساد ضد إدارة مستشفى "57357" المتخصص في علاج السرطان لدى الأطفال، والذي تعتمد ميزانيه بالكامل على التبرعات في صدمة كبيرة بمصر، وأدت تلك الاتهامات إلى اتخاذ الحكومة عدة إجراءات منها تشكيل لجنة للتحقيق وفحص أعمال المستشفى، ووضع البنك المركزي شروطًا جديدة لحملات التبرع وتقدم نواب بمشروع قانون جديدة لإنشاء هيئة للإشراف على التبرعات.

 أصيب المصريون بصدمة كبيرة بعد انتشار اتهامات بالفساد بحق إدارة مستشفى "57357" المتخصصة في علاج الأطفال من السرطان، والذي يعتمد في ميزانيته بالكامل على التبرعات، وتنتشر حملاته للتبرع في مختلف وسائل الإعلام، ولاسيما التليفزيونات، وتصل ميزانيته السنوية إلى أكثر من مليار جنيه سنويًا.

وتزعم الكاتب والسيناريست الشهير وحيد حامد الاتهامات ضد إدارة المستشفى التي وصفها بأنها "عائلية"، وكتب مقالاً مطولا في صحيفة المصري اليوم، قال فيه: إدارة هذا المستشفى تهيمن عليها عائلة واحدة هي عائلة الدكتور شريف أبو النجا الذي يقبض بيده على جميع السلطات، ويشغل عدة مناصب فهو المدير العام وعضو مجلس إدارة المجموعة، وعضو مجلس الأمناء وأيضاً أصدقاء المبادرة القومية ومناصب أخرى.. ثم الأستاذ محمود التهامي الذي يشغل منصب المدير التنفيذي للمؤسسة وهو زوج أخت الدكتور شريف أبوالنجا، وهو أيضاً عضو مجلس الأمناء وعضو مجلس إدارة المجموعة وأيضاً جمعية المبادرة القومية للسرطان وهو أيضاً الأمين العام..

أما الدكتورة منال زمزم فقد تم تخصيص مقاطعة أو أبعادية تكون خاصة بها تحت مسمى أكاديمية العلوم الطبية، ولا نعرف هل هناك ترخيص رسمي بإنشاء هذه الأكاديمية من وزارة البحث العلمي أم لا؟ وما هو الدور الذي تقوم به؟ وهل تصلح الدكتورة لإدارتها؟ وما الفائدة منها بالنسبة للمستشفى؟ ثم الأستاذ محمد عرفان ابن عمة الدكتور شريف وهو مسؤول عن قسم (IT) وأيضاً الدكتور طارق عيسى ابن خاله الدكتور شريف ثم زوجة ابن الأستاذ التهامي الحاصلة على مؤهل متواضع وتشغل منصب مدير إداري، بالإضافة إلى رهط من أصحاب الرتب الذين تركوا مناصبهم وكلهم من ذوى القربى أو المحاسيب.. وكل هؤلاء رواتبهم خيالية بمعنى الكلمة".

وهزت تلك الاتهامات الرأي العام في مصر، لاسيما أن المستشفى يعتمد على التبرعات بالكامل، وأدت إلى اتخاذ الحكومة مجموعة من الاجراءات للسيطرة على فوضى حملات التبرع، ويبحث نواب بالبرلمان سن قانون إنشاء هيئة عليا للإشراف على جمع التبرعات للمستشفيات، أو إنشاء صندوق موحد للتبرعات.

وتقدمت النائبة ايناس عبد الحليم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، بمقترح لإنشاء الهيئة للسيطرة على فوضى التبرعات.

 وقالت في مشروع القانون الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، إن الكثير من المستشفيات تم بنائها بالكامل بتبرعات المصريين، بهدف العلاج المجاني بالكامل، كصدقة من جانب أغنياء وفقراء مصر، وتزايدت فى الآونة الأخيرة الإعلانات التى تهدف الى جمع التبرعات، حيث أن هناك الكثير من الجهات الطالبة للتبرع ترفع شعار الدعاية أهم من العلاج، تنفذ مشروعاتها بالأمر المباشر، وتنفق لتنقل صورة مختلفة عن واقع مؤلم، متسائلة: "مليار جنيه سنويًا تبرعات لمستشفى واحد فقط والمتبرع يطمئن لأنه تبرع لعلاج من يستحق لكن أين الرقابة؟".

وأضافت: شكاوي كثيرة من عدم حصول البعض على العلاج بحجة الإمكانيات، وهناك شكاوي بشأن حالات أخرى رفضت المستشفيات علاجها نتاج عدم وجود الأجهزة، إذن أين تذهب التبرعات؟ مليارات سنويا يدفعها الشعب المصري، فقراؤه قبل أغنيائه وموازنة تتضاعف في الإنفاق، دون مراقبته سوى من موظف يعمل بإدارة تتبع مديرية التضامن الاجتماعي.

وتابعت: "هناك مستشفيات تعيش على التبرعات وينفق على الأجور 140% مما ينفقه على العلاج، هناك مستشفيات تنفق ملايين على الإعلانات سنويًا هل ذلك لا يعد إهدارا لأموال الشعب، هناك بعض المستشفيات التي أنشأت بجنيهات الشعب المصري فقرائه وأغنيائه"، مؤكدة أنه يتم وقف علاج بعض الأطفال الفقراء الذين ظن آباؤهم أنهم تحقق حلمهم بشفاء أبنائهم، بينما تصل الزيادة في المدة البينية بين كل جرعة كيماوي وأخرى للبعض إلى أسبوعين، مما يقلل معدلات الشفاء ويعمل على إنهاء حياتهم، فضلا عن وجود مستشفيات بخلت بالعلاج على الفقراء بينما تقدم وبسخاء أموال التبرعات إلى مشروعات صرف صحي وبناء مدارس.

وأضافت عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أن المواطن الغلبان الذي تقف على باب المستشفى بالأيام والأسابيع يحمل فلذة كبده ليقال له في النهاية أمامك قائمة انتظار تصل إلى شهور، بينما يقترح عليك الأطباء الذين يحصلون على عشرات الآلاف من الجنيهات شهريًا، وأيضًا فرق التمريض وغيرهم والإداريون أنه من الأفضل لابنك أو ابنتك أن تسرع بها إلى المعهد القومي للأورام أو معهد ناصر أو أي مكان آخر، والسبب أن حالة ابنك خطيرة وتحتاج لسرعة التدخل، وإن أردت البقاء فلن يكون الدخول إلا بعد شهور.

واستكملت: "درءا لأي شبهات، ولكي نضمن وصول التبرعات لمن يستحق، ولكي نضمن العلاج المجاني لكل طالب أو سائل، نريد إنشاء جهاز خاص يشرف على تبرعات المستشفيات، وأوجه إنفاق، ونريده خاضعًا لرئاسة الوزراء والأجهزة الرقابية لا إلى موظف داخل إدارة داخل مديرية تتبع وزارة التضامن، سبق أن تم كشف تواطؤها وضلوعها في عملية تلاعب استهدفت إعطاء من لا يملك ما لا يستحق".

وطالبت النائبة بإنشاء هيئة عليا للإشراف على جمع التبرعات للمستشفيات، تشكل بقرار من رئيس الوزراء وعضوية وزير الصحة، ووزارة التضامن، والرقابة الإدارية، والبنك المركزي، وكافة الجهات المعنية بالأمر، دورها الرقابة على موازنات التبرعات وكيفية جمعها وصرفها، ورفع تقاريرها إلى رئيس الوزراء والى الرقابة الإدارة لاتخاذ اللازم بشأن أي مخالفات قد ترد بهذا الشأن.

وفي السياق ذاته، أعلن البنك المركزي المصري، إنه لن يتم جمع تبرعات الجمعيات الأهلية وغيرها من المؤسسات العاملة بمجال العمل الأهلي، إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعي.

وأكد البنك عبر موقعه الإلكتروني، أمس الثلاثاء، أنه سيسمح للبنوك بفتح حسابات لتلك الجمعيات بعد الحصول على ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعي.

وكان "المركزي" اشترط في مايو الماضي بضرورة قيام البنوك بالتأكد المسبق من حصول الجمعيات التي يجوز التبرع لها من قبل العملاء على ترخيص بجمع المال من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، وذلك وفقًا لأحكام قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة بمجال العمل الأهلي الصادر بقانون 70 لسنة 2017.

وقررت وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، قرارا وزاريا بتشكيل لجنة موسعة لفحص أعمال مؤسسة مستشفى 57357 لسرطان الأطفال.

وقالت في تصريح لها تلقته "إيلاف" إن اللجنة ستكون برئاسة المستشار القانوني للوزارة وعضوية ممثلين عن إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة وأستاذ متخصص في إدارة المستشفيات وأستاذ في أورام الأطفال وممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات وعن هيئة الرقابة الإدارية.

وأضافت إن الوزارة تراجع كل أوجه انفاق الجمعيات بشكل دوري، وفقا للقانون وأن الميزانيات تراجع فور اعتمادها من جميع المديريات ومن الإدارة المركزية.

وتابعت: "تقديرًا لما أثير في وسائل الإعلام تم تشكيل لجنة لفحص أعمال مؤسسة مستشفى 57357 "، مشيرة إلى أنه ضمن اختصاصات اللجنة الاطلاع على محاضر مجلس الأمناء والميزانيات للعام المالي الحالي و5 أعوام السابقة، والاطلاع على جميع السجلات وفحصها من النواحي الإدارية والفنية والمالية ومراجعه المصروفات والإيرادات للتحقق من مطابقتها لأحكام القانون.

وأضافت أن اللجنة ستحقق من أوجه صرف أموال المؤسسة من تبرعات وهبات ومنح وغيرها من المصادر المرخص لها بها ومتابعة ومطابقة أنشطة المؤسسة مع لائحة نظامها الأساسي ومراجعة اللائحة الداخلية لها.

كما ستراجع اللجنة كافه التعاقدات للتأكد من سلامة الإجراءات، فضلًا عن مراجعة الخدمة الطبية المقدمة للمرضى والنظر في مجمل الشكاوى المتداولة في وسائل الإعلام لتكون مهمتها إجلاء الحقائق للرأي العام.

ومن جانبها، رحبت اللجنة التنفيذية لمجلس أمناء مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، بقرار وزيرة التضامن الاجتماعي، بتشكيل لجنة موسعة لفحص أعمال 10 مؤسسات خيرية مختلفة من ضمنها مؤسسة مستشفى 57357 لسرطان الأطفال.

وقال مجلس أمناء المؤسسة، في بيان له، إنه سبق وأعلن ترحيبه بكل أوجه الرقابة على أعمال المستشفى، وكل التبرعات التي تتلقاها، وتشكيل هذه اللجنة من قبل وزارة التضامن الاجتماعي خطوة مُرحب بها في هذا الإطار تحقيقًا لمبدأ الشفافية، وكشف الحقيقة أمام الرأي العام المصري من قبل مؤسسات الدولة الرقابية التي نكن لها كل الاحترام والتقدير.