تبقى القوة خط الدفاع الأول والأخير لحرية أميركا وأمنها، ومشاكل العالم لا تُحل بالوسائل العسكرية وحدها. فالسياسة الخارجية الناجحة تتطلب توافقًا داخليًا، ويجب أن تكون واضحة وشاملة تتسم بالمرونة.

كتب تشاك هاغل، وزير الدفاع الاميركي السابق، في مجلة فورين أفيرز أن التحديات التي تواجه قيادة الولايات المتحدة وأمنها لن تأتي من قوى عالمية منافسة وإنما من دول ضعيفة، وأن الارهاب يجد ملاذًا له في دول فاشلة أو سائرة إلى الفشل وفي النزعات الاقليمية التي ما زالت بلا حل وبؤس الفقر ويأس المقيمين، وأن انظمة الحكم المارقة تبحث عن الشرعية والقوة من خلال امتلاك اسلحة دمار شامل وليس من إرادة شعوبها.

قوة وتوافق داخلي

تشاك هاغل، وزير الدفاع الاميركي السابق

لاحظ هاغل أن الإدارات الجمهورية تقليديًا تقيم سياستها الخارجية على التزام تعزيز الدفاع القومي، وأن مشكلات العالم لا تُحل بالوسائل العسكرية وحدها، لكن تبقى القوة خط الدفاع الأول والأخير عن حرية أميركا وأمنها.

يدرك الجمهوريون أن السياسة الخارجية الناجحة تتطلب توافقًا داخليًا يبدأ بقيادة رئاسية قوية ورؤية لدور الولايات المتحدة في العالم. وغياب التوافق في الداخل يعني سياسة خارجية متعثرة في الخارج. كما يعرف الجمهوريون أن السياسة الخارجية الناجحة يجب أن تكون واضحة وشاملة تتسم بمرونة للتعاطي مع المجاهيل والتطورات التي لا يمكن السيطرة عليها. لكن نجاح هذه السياسة لا يعتمد على حجم قوة أميركا وحدها، بل أيضًا على تقدير حدود هذه القوة، ويجب أن تُلهم حلفاءها للمشاركة في مشروع بناء عالم افضل، بحسب هاغل الذي يعدد سبعة مبادئ يجب أن تلتزمها الولايات المتحدة للقيام بذلك.

مصالح أميركية

اولًا، على الولايات المتحدة أن تبقى ملتزمة قيادة الاقتصاد العالمي. وفي هذا الإطار، يجب أن تُوسع اتفاقيات التجارة الحرّة والعادلة وتُشجع التجارة والاستثمار داخل المناطق الإقليمية نفسها. كما يجب أن تدعم السياسة الخارجية الأميركية الحاكمية الصالحة وحكم القانون والاستثمار في المواطن وحقوق الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية.

ثانيًا، لا يمكن السياسة الخارجية الاميركية أن تتجاهل الأمن الطاقي العالمي. ولدى أميركا مصلحة في تأمين إمدادات مستقّرة ومضمونة من النفط والغاز. لذلك، يعتمد الأمن القومي الأميركي على الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط والمناطق النفطية الأخرى.

تشاك هاغل ملتقيا نظيره الإسرائيلي موشيه يعلون- صورة ارشيفية

ثالثًا، ترتبط مصالح أميركا الأمنية على المدى البعيد بتحالفات وائتلافات ومؤسسات دولية. ويجب أن تنظر سياسة الجمهوريين الخارجية إلى هذه على انها امتداد لنفوذ الولايات المتحدة وليس قيدًا على قوتها. لذلك، يجب أن تساعد على تقوية المؤسسات والتحالف العالمية بدءًا من الأمم المتحدة وحلف الأطلسي (الناتو).

إصلاحات وبرنامج شامل

رابعًا، يجب أن تُواصل الولايات المتحدة دعم الاصلاحات الديمقراطية والاقتصادية خصوصًا في الشرق الأوسط الكبير، حيث لا يمكن أن تخسر معركة الأفكار. يجب أن تقوم المبادرات الهادفة إلى تشجيع إصلاح السياسة على أساس تقييمات واقعية لاحتياجات كل بلد وقواه المحركة، وليس على اعتبارات أيديولوجية. كما على الولايات المتحدة وحلفائها إقامة نظام أمني للشرق الأوسط الكبير.

خامسًا، يجب تقديم نصف الكرة الغربية إلى صدارة السياسة الخارجية الأميركية. ومن الضروري أن تتطور عملية التكامل الاقتصادي التي بدأت باتفاقية التجارة الحرّة لأميركا الشمالية "نافتا" إلى برنامج شامل لنصف الكرة الغربية. فالطاقة والتجارة والنقل والهجرة والإرهاب وتجارة المخدرات كلها عوامل بالغة الأهمية لمصالح الأمن القومي الاميركي.

سادسًا، يجب أن تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها لمكافحة الفقر وانتشار الأمراض في العالم. وهذا هو أحد التحديات الرئيسية للإدارات الحكومية في العالم النامي.

المبدأ السابع والأخير لسياسة الجمهوريين الخارجية هو أهمية اعتماد دبلوماسية شعبية قوية ذات مخيّلة. وأساس القيادة هو الثقة، والاستياء الشعبي والشك في نيات السياسة الخارجية الاميركية سيقوضان جهود الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب ومبادراتها في الشرق الأوسط الكبير. وتتطلب مبادرات الدبلوماسية الشعبية اتجاهًا استراتيجيًا يرفد بمزيد من الكوادر في مجال الخدمة الدبلوماسية للتواصل مع المواطنين في البلدان المضيفة.

نهج جديد

مبنى وزارة الخارجية الأميركية

بحسب هاغل، يدرك الجمهوريون أن السياسة الخارجية الأميركية في السنوات المقبلة ستتطلب اهتمامًا كبيرًا بأربع شراكات حيوية: مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والهند والصين، قائلًا إن علاقات أميركا مع هذه القوى الكبرى ستكون ذات أهمية حاسمة للاستقرار والأمن في العالم.

يختم وزير الدفاع الاميركي السابق تشاك هاغل مقالته في "فورين أفيرز" بالقول إن هدف الولايات المتحدة في مجال السياسة الخارجية هو رسم نهج جديد في عالم "مضاء بالبرق"، على حد تعبير الرئيس رونالد ريغان. وعلى الولايات المتحدة أن تعبّر عن ديناميكية هذا القرن الجديد وسرعته. وهذا الهدف لا يعكس الغطرسة التي تقترن بالقوة، ولا الاعتقاد أن قوة أميركا ومواردها بلا حدود. فسياسة الجمهوريين الخارجية يجب أن توحّد الاميركيين في الداخل وتحشد الأصدقاء والنفوذ في الخارج، من أجل المشروع الكبير المتمثل ببناء عالم أفضل وأكثر حرية للجيل المقبل.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "فورين أفيرز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.foreignaffairs.com/articles/2004-07-01/republican-foreign-policy