إيلاف من أمستردام: دخل العراق بحلول الأول من شهر تموز الجاري للمرة الأولى منذ عام 2003 مرحلة الفراغ الدستوري بانتهاء عمر البرلمان وعدم المصادقة على نتائج الانتخابات الأخيرة التي تتيح للبرلمان الجديد مباشرة أعماله.

وشهدت الساعات السابقة لنهار السبت مساع لكتل ونواب لعقد جلسة أخيرة تمهد لتمديد عمر البرلمان حتى الانتهاء من عمليات العد والفرز اليدوي، لكن لم يتحقق النصاب القانوني للجلسة الأخيرة التي حضرها 127 نائباً فقط وترأسها نائب رئيس مجلس النواب السابق همام حمودي، في ظل تغيب رئيسه السابق سليم الجبوري عن الحضور، الذي قال مقربون منه أنه سافر قبل يوم الى الاردن، مكتفياً بتغريدة له على تويتر في وقت متأخر من ليلة السبت قال فيها: "‏خلال أربع سنوات صعبة ومليئة بالتحديات أنجز البرلمان عشرات القوانين التاريخية، وأسس لأعراف رصينة وقضى على استقطاب الكتل وعبر مرحلة داعش الى ضفة العراق‬ المحرر، شكراً لـ ٣٢٨ نائباً كانوا أبطالا في اختبار المِحنة".

بدون راتب
وكشف نائب سابق في حديث هاتفي مع إيلاف أن سبب عدم حضور غالبية النواب جلسة البرلمان الأخيرة بسبب فشلهم في التوصل لاتفاق تمديد عمر البرلمان حيث اشترط معظم قادة الكتل أن يكون التمديد بدون رواتب للنواب تجنباً لتزايد غضب الشعب وتخوفاً من ردود أفعال تخرج عن السيطرة.

واكتفى المجلس بعقد جلسة تداولية لمناقشة العد والفرز اليدوي للانتخابات التي جرت مؤخرا، وإمكانية ان تشمل العملية صناديق الاقتراع في انحاء العراق كافة.

وقال نائب رئيس المجلس همام حمودي في كلمة خلال الجلسة التي رأسها، “يبدو أن هناك اصرار على عدم اجراء عملية العد والفرز الشامل لصناديق الاقتراع مما يعني ان هناك “سرا خطيرا ومخيفا” من الصعب الوصول اليه".

من جهته شكر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم النواب وحث المفوضية العليا للانتخابات للإسراع، بعمليات العد والفرز اليدوي من اجل الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التي دعا جميع الكتب للقبول بها.

وجاء في بيان رئاسة الجمهورية "بمناسبة انتهاء الدورة الثالثة لمجلس النواب اليوم السبت 2018/6/30، تعرب رئاسة الجمهورية عن أصدق مشاعر الشكر والتقدير لكافة أعضاء مجلس النواب ولهيئته الرئاسية على كل ما بذلوه من جهود مضنية وما قدموه من خدمات من أجل خدمة شعبهم ووطنهم خلال السنوات الاربع المنصرمة".

واوضح البيان "تحث رئاسة الجمهورية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على بذل قصارى جهودها لإكمال اجراءاتها القانونية الضامنة للإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، وتدعو القوى السياسية والمواطنين الى التزام اقصى درجات اليقظة والتحلي بأعلى درجات المسؤولية لتجنيب البلاد اي معصوم يدعو الكتل السیاسیة الى اجتماع یعقد خلال أیام لبحث مستقبل البلاد".

وتابع "وتهيب رئاسة الجمهورية بالكتل السياسية القبول بنتائج الفرز والعد اليدوي المقرر من المحكمة الاتحادية مؤكدة وجوب التزام كافة الكتل السياسية بالتوقيتات الدستورية الخاصة بانعقاد الجلسة البرلمانية الاولى الكفيلة بانتخاب رئاسة مجلس النواب، فانتخاب رئيس الجمهورية، ثم تكليف مرشح الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة خلال الفترة التي يقرها الدستور".

وأضاف "إذ تدعم رئاسة الجمهورية قرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومجلس المفوضين القضاة وإجراءاتهم لإعلان النتائج النهائية للانتخابات، فإنها تدعو الكتل الرئيسية الى اجتماع يعقد خلال الأيام القادمة لمناقشة متطلبات المرحلة المقبلة وبحث سبل تطوير ادارة الدولة ومؤسساتها واحترام إرادة الشعب في حماية أسس وأصول النظام الديموقراطي الاتحادي".

العبادي والصدر
وفي مسعى تشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان المقبل اشتد التجاذب الأميركي الايراني عبر المتنافسين العراقيين على تشكيل الحكومة المقبلة. 

مصدر مقرب من مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر أبلغ إيلاف أن الضغط الايراني يزداد على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتحالف مع الكتل الشيعية مما حدا بالصدر لإرسال عائلته (أرملتا شقيقيه وزوجته الى لبنان" ربما تمهيداً للحاق بهم إذا ما استمر في مسعاه للتحالفات وتشكيل حكومة بعيداً عن النفوذ الايراني.

وأضاف المصدر، طالباً عدم نشر اسمه، أن الضغط الايراني لم يكن على الصدر وحده بل على السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة الذي يتحالف، حتى الآن، مع الصدر لجهة تشكيل الكتلة الأكبر التي ستختار رئيساً للحكومة المقبلة الذي يمتلك رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الحظ الأكبر فيها.

وكشف المصدر أن العبادي استفسر، بشكل شخصي، من رئيس المحكمة الاتحادي القاضي مدحت المحمود عن دستورية استمرار حكومة تصريف الأعمال لأربع سنوات فكان جواب المحمود لا إشكال قانوني في ذلك لكن لن تتمكن من اتخاذ قرارات سيادية. فرد العبادي أن لا حجاة له بالقرارات السيادية فقد تم الانتهاء من ملف داعش ولانحتاج سوى قرارات اقتصادية تعتمد على الميزانية السنوية، حسب قول المصدر.

وأشار المصدر إلى أن الجانب الأميركي يفضل الاستمرار بوضع (تصريف الأعمال) كي يفوت على الجانب الايراني تشكيل حكومة موالية له.

يذكر أن الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت منتصف الشهر الماضي شهدت طعوناً واتهامات بالتزوير ولم تتم المصادقة على النتائج النهائية بعد، انتظاراً لقرار المحكمة الاتحادية بإعادة العد والفرز يدويا لما نسبته 5% من نتائج الانتخابات التي جرت الكترونياً لأول مرة في العراق.

وقد تصدر تحالف سائرون نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة بـ54 مقعداً، وحلّ تحالف الفتح بزعامة العبادي في الترتيب الثالث بـ 42 مقعداً وبينهما تحالف الفتح بزعامة هادي العامري القريب من طهران والقيادي في الحشد الشعبي الذي حلّ ثانياً بـ 47 مقعداً ونال ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بـ 26 مقعداً.

ويتوجب على تكليف المرشح لرئاسة الوزراء أن ترشحه الكتلة الأكبر في البرلمان وينال موافقة 165 نائباً من عدد نواب البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً. ولم تعلن حتى الآن أي كتلة سياسية عراقية، رسمياً، أي مرشح لها لرئاسة الوزراء.