نصر المجالي: حشدت روسيا، متحدثيها الرسميين ووسائل إعلامها لمواجهة أي اتهام رسمي محتمل أن يصدر عن لندن بتورطها في حادث التسميم الجديد، الذي أدى لوفاة مواطنة بريطانية بعد 4 أشهر من حادثة تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا. 

وأعرب السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، عن أسف الكرملين لموت ضحية الحادث الذي وقع في أيمزبوري البريطانية. وعبر عن شعور موسكو بقلق بالغ إزاء هذا الحادث، مشددا على أن وقوع هكذا حادث تسمم للمرة الثانية على التوالي في المملكة المتحدة يشكل خطرا ليس فقط بالنسبة للبريطانيين، ولكن على جميع الأوروبيين.

وقال بيسكوف، اليوم الاثنين، للصحفيين: "بالطبع، نحن نأسف جدا على وفاة مواطن بريطاني، ونحن لا نزال نشعر بالقلق العميق من استمرار ظهور هذه المواد السامة في المملكة المتحدة. ونحن نعتقد أن هذا، بالطبع، يشكل خطرا ليس فقط للبريطانيين، ولكن أيضا لجميع الأوروبيين الآخرين".

تقديم أدلة

وكانت موسكو أعلنت أنها ستطالب لندن بتقديم أدلتها على تورط روسيا المزعوم في تسميم شخصين بمادة مشلّة للأعصاب في مدينة أيمزبوري البريطانية، لافتة إلى أن توقيت الحادث مثير للتساؤلات.

وقال المتحدث باسم الكرملين في رده على سؤال الصحافيين حول ما إذا كانت هناك مخاوف من أن حادث أيمزبوري البريطاني قد يؤثر بطريقة ما على قمة الرئيسين الروسي والأميركي في هلسنكي يوم 15 يوليو: "هذا (الحادث) ليس له أي علاقة بالقمة، إنها غالبا مشكلة بريطانية الآن، ومشكلة مدى اهتمام المملكة المتحدة بإجراء تحقيق حقيقي".

وأكد بيسكوف على أن روسيا "انطلاقا من الخطر الكبير لمثل هذه المظاهر، ومنذ البداية عرضت التعاون مع نظرائها البريطانيين في التحقيق في ملابسات ما حدث في سالزبوري، ولكن مع الأسف لم نلق معاملة بالمثل في هذا الصدد ".

وِأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أنه ما من أحد قام بذكر اسم روسيا فيما يتعلق بحادث أميسبوري، وإلا كان هذا سخيفا.

وقال بيسكوف بهذا الصدد ردا على طلب أحد الصحفيين بالتعقيب على ما قاله مندوب روسيا الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ألكسندر شولغين: "لا أعرف ما هي المناقشات وما هي العبارات التي سبقت هذا... ولا نعرف أن شخصا ما ذكر روسيا عبثا على خلفية الحادث الثاني... ونعتقد أنه في أي حال، سيكون هذا سخيفا".

إحاطة زاخاروفا

وكانت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قالت يوم الخميس الماضي، إن موسكو تعرب عن قلقها، وتتمني الشفاء العاجل للضحايا في حادث التسمم في أيمزبوري البريطانية. 

وقالت زاخاروفا في إحاطة إعلامية: "ندعو الجهات الأمنية البريطانية عدم المضي في مسلك اللعبة السياسية القذرة، التي بادرتها بعض القوى في لندن، ولبدء التفاعل مع الجهات الأمنية الروسية".

وقالت زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي: "إننا قلقون بصدق على الضحايا، وكما تم إعلاننا، أن هناك أربعة مواطنين، اثنان منهم من مواطني روسيا الاتحادية، ونتمنى لهم الشفاء العاجل".

غرور بريطاني

ورفضت موسكو الاتهامات البريطانية ووصفتها بأنها استفزازية ولا تستند إلى أي دليل. حيث دحض مندوب روسيا الدائم لدى "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" ألكسندر شولغين في حديث لصحيفة "ازفيستيا" الروسية، الأنباء التي تحدثت عن إخطار بريطانيا "حظر الكيميائي" بحادث أيمزبوري، مضيفا أن روسيا عرضت مساعدة للندن في التحقيق في الحادث، إلا أن الأخيرة رفضت بـ"غرور".

وأشار شولغين بقلق، إلى أن حوادث مشابهة في الآونة الأخير تستبق أحداثا دولية هامة، مذكّرا باقتراب الدور النهائي لكأس كرة القدم في روسيا، وقمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب في هلسنكي.

وقال: "يصعب استبعاد حقيقة أن كل ذلك كان مخططا له، وتم ضخه عمدا بهدف توتير الوضع الدولي والإساءة لسمعة روسيا وعلاقاتها مع دول العالم".

وأعلنت الشرطة البريطانية أمس الأحد، عن وفاة المواطنة دون ستيرجيس التي سبق وأن أصيبت مع رفيقها قبل عدة أيام بمادة "نوفيتشوك" المشلة للأعصاب، وهي نفس المادة التي تتهم لندن موسكو باستخدامها في الاعتداء على الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته مطلع مارس الماضي.

وتواصل الشرطة البريطانية التحقيق في قضية تسمم ستيرجيس البالغة 44 عاما ورفيقها تشارلز رولي البالغ 45 عاما والذي ولا يزال موجودا داخل المستشفى في حالة حرجة.

وسبق أن أعلن مختبر "بورتون داون" الكيميائي العسكري التابع لوزارة الدفاع البريطانية، في الـ4 من يوليو الجاري، أن خبراءه حددوا أن المادة التي تسمم بها ستيرجيس وصديقها هي غاز "نوفيتشوك" الذي أصيب بها الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته في مدينة سالزبوري قبل 4 أشهر.