بروكسل: وصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الثلاثاء الى بروكسل للمشاركة في قمة لحلف شمال الاطلسي يُتوقع أن تسودها توترات شديدة بسبب الشكوك المتزايدة لدى الأوروبيين بشأن نوايا سيد البيت الابيض الذي يكثر من تصريحاته العدائية تجاههم.

وترافق ميلانيا ترمب زوجها في جولة أوروبية تستمر أسبوعًا.

رسائل حازمة

وعشية قمة الناتو، دارت حرب تغريدات تبادل فيها ترمب ورئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك تعليقات لاذعة.

ودعا ترمب الحلفاء في أوروبا لزيادة إنفاقهم على مجال الدفاع قائلاً إنهم يحصلون على ميزة القوة العسكرية الأميركية مجاناً.

وغرد الرئيس الأميركي قبيل توجهه إلى بروكسل قائلا "أستعد لمغادرة واشنطن متوجهاً إلى أوروبا (...)، والولايات المتحدة تنفق أكثر من أي دولة أخرى في الحلف بعدة مرات من أجل حماية الدول الأعضاء، وهذا ليس عادلاً".

وبعد هذه التغريدة، وجه دونالد توسك رسالة حازمة إلى ترمب دعاه فيها إلى "تقدير" حلفائه.

وقال توسك خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي في مقر الحلف في بروكسل، "عزيزتي أميركا، قدري حلفاءك، فليس لك كثير منهم في نهاية المطاف"، مذكرا ترمب بأن القوات الأوروبية قاتلت الى جانب نظيرتها الاميركية في افغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

وتابع "رجاء أن تتذكر ذلك غدا حين نلتقي في قمة حلف الأطلسي، ولكن قبل كل ذلك حين تلتقي الرئيس (فلاديمير) بوتين في هلسنكي. من الجدير دائما ان تعرف من صديقك الاستراتيجي ومن عدوك الاستراتيجي".

وفي طعنة أخرى للاتحاد الأوروبي، أشاد ترمب بـ"صديقه" وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الذي استقال أول من أمس بسبب خلافات حول بريكست.

طابع تاريخي

والاثنين سيلتقي ترمب في هلسنكي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة ترتدي طابعا تاريخيا لانها ستكون اول لقاء ثنائي رسمي بين الرئيسين.

وقبيل مغادرته واشنطن أكد ترمب مجددا ان دولا عدة في الحلف "لا تفي بالتزاماتها" على صعيد الانفاق الدفاعي، معتبرا أن قمته المرتقبة مع بوتين في هلسنكي "قد تكون الأسهل" في جولته الأوروبية.

وفي بروكسل سيلتقي ترمب يومي الاربعاء والخميس قادة الدول الاعضاء في الحلف الأطلسي الـ29 على أمل إظهار مشهد من الوحدة على الرغم من التوتر الصريح بين الحلفاء عبر الأطلسي في عدد من القضايا.

وفي تصريحات للصحافيين بشان لقاءاته المقبلة في جولته الأوروبية، بما فيها اول قمة ثنائية مع بوتين الاثنين في هلنسكي، قال ترمب للصحافيين "بصراحة، قد يكون بوتين الأسهل بينهم جميعا، من كان ليظن ذلك؟".

وتعهد ترمب عدم السماح للاتحاد الأوروبي "باستغلال" الولايات المتحدة، وهو يشير باستمرار الى ان الاتحاد لا يقوم بما هو كاف لدعم الحلف الاطلسي ويستفيد "بشكل غير عادل" من التجارة مع الاميركيين.

وقال للصحافيين "بالتأكيد سيكون وقتا ممتعا مع حلف الأطلسي".

خلاف علني؟

وتابع أن "حلف الأطلسي لا يعاملنا بشكل عادل لكنني أظن أننا سنتوصل لحل. نحن ندفع الكثير جدا وهم يدفعون القليل جدا"، متداركا "لكن سنصل الى حل وكل الدول ستكون سعيدة".

وفي 2018 بلغت قيمة المساهمة الاميركية في موازنة حلف شمال الاطلسي حوالى 70% من اجمالي النفقات العسكرية للحلف.

ويمكن أن تتحول قمة القادة الغربيين في بروكسل الى خلاف علني جديد بعد قمة مجموعة السبع في كندا في يونيو الفائت والتي شهدت انقساما كبيرا.

وينظر إلى هذه القمة على انها الأصعب منذ سنوات، وسط مخاوف أن يصبح ترمب أكثر عدوانية تجاه التحالف التاريخي الذي يدعم الأمن الأوروبي منذ 70 عاما.

سيناريو قمة السبع

ويخشى دبلوماسيون أوروبيون من تكرار سلسلة الاحداث التي سجلت في يونيو الفائت حين اشتبك ترمب مع حلفائه الغربيين في قمة مجموعة السبع.

ووصف ترمب يومها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ"غير الأمين والضعيف"، ثم أشاد بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون "الموهوب جدا" في قمة اعقبت ذلك مباشرة.

وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة فرانس برس أخيرا إن "ترمب "يوبخ حلفاءه بشدة ثم يعانق خصومه".

ووصف الكرملين الحلف الأطلسي كأحد مخلفات الحرب الباردة، وذلك قبل القمة المرتقبة لقادة الحلف.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "موقفنا من حلف الأطلسي معروف تماما: هذا الحلف هو ثمرة الحرب الباردة والمواجهة في الحرب الباردة"، وتابع أن الحلف "قد تشكل من اجل المواجهة وباسمها".

وأعد ترمب العدة للاشتباك في قمة الأطلسي، إذ كتب رسائل الى عدد من قادة الحلف يوبخهم فيها على عدم وفائهم بالتزامهم في العام 2014 انفاق 2 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي لبلدانهم على شؤون الدفاع بحلول 2024.

وقال ترمب لحشد من مؤيديه في تجمع هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة لن تبقى ذلك الشخص "الاحمق الذي يدفع كل شيء".

لكن البيانات الجديدة التي نشرت الثلاثاء تدعم ما قاله، إذ تظهر أن سبع دول فقط في الحلف، هي بريطانيا واليونان ولاتفيا واستونيا وبولندا وليتوانيا ورومانيا، قد تصل لهدف انفاق 2 بالمئة من الإجمالي المحلي في العام 2018.

رغم ذلك، اكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الانفاق العسكري يرتفع في أوروبا منذ العام 2014 وأن الاعضاء يبذلون جهودا للوفاء بهدف الـ2 بالمئة، وخصوصا المانيا التي دائما ما يهاجمها ترمب.

وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي إن "المانيا لديها خطط لزيادة انفاقها (الدفاعي) 80 بالمئة من 2014 إلى 2024. المانيا تتحرك في الاتجاه الصحيح لكني اتوقع منها المزيد".