تواصل الصحف العربية تسليط الضوء على الاحتجاجات المستمرة في محافظات جنوب العراق، وأنحى بعض الكُتّاب باللائمة على الحكومة والسياسيين لـ"فشلهم" في توفير الخدمات الأساسية للعراقيين في تلك المحافظات.

فيما اتهم كُتّاب آخرون إيران بالتسبب في اندلاع المظاهرات، التي بدأت في البصرة منذ أكثر من أسبوع ثم امتدت إلى محافظات أخرى في جنوب ووسط العراق احتجاجا على نقص خدمات الكهرباء والماء وانتشار البطالة.

وقد شهدت الاحتجاجات اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن قُتل فيها اثنان من المتظاهرين وأصيب فيها العشرات من الجانبين.

"ثورة جياع"

يقول هاني الظاهري في عكاظ السعودية إن الاحتجاجات التي تشهدها محافظات جنوب العراق هذه الأيام "ليست نتاج معارضة سياسية أو توجيهات ودعوات حزبية أو طائفية كما قد يظن البعض، وإنما هي انتفاضة جياع بكل ما تعنيه الكلمة، فمعظم العراقيين الذين يرقدون على بحار من النفط، لم يعيشوا يوماً جيداً منذ أكثر من ربع قرن".

يضيف الكاتب: "لقد أدرك العراقي أن السياسيين الذين رفع صورهم وجاب بها الشوارع معادياً إخوته من أجلهم، عاجزون تماماً عن معالجة أزماته المتتالية، ما دفعه للخروج اليوم صارخاً في الطرقات ضد كل شيء بلا استثناء متوحداً مع أخيه العراقي دون التفات لطائفته أو انتمائه السياسي؛ ولأن الجوع وحده هو موحد الجموع ومجيشها وتسقط أمامه كل الشعارات".

ويقول مشرق عباس في الحياة اللندنية إن حدوث الاحتجاجات لم يكن بالأمر المفاجئ، وإنها جاءت نتيجة "فشل" الحكومة في توفير الخدمات.

وأوضح قائلا: "كأن غضب شعب كشعب العراق مشهد مفاجئ، خارج عن السياق، وعن المتوقع، وعن الطبيعة الإنسانية، وغير قابل للتحليل. وكل التحذيرات من نتائج الفشل السياسي والاقتصادي والأمني كأنها واهمة، وماكينات الفساد العملاقة كأنها كانت لسنوات تحفر في جسد ميت، وليس في ضمير شعب تاريخي حي وجسده".

ويضيف: "أن يسجل العراق بنهريه وأرضه الخصبة وبحر النفط الذي ينام عليه ثورة جياع فذلك خبر ليس مفاجئاً أيضاً، وإذا لم نسمع به اليوم، قد يصبح واقعاً غداً في ضوء استمرار آليات الدولة العاجزة عن كسر دائرة الفشل المغلقة".

في السياق ذاته، يتساءل محمد السيد محسن في العرب اللندنية: "لماذا يستكثر البعض على العراقيين أن يكونوا ثوارا حينما يحسون أن استهتار السلطة وصل إلى حد لا يتحملونه. لماذا إذا تظاهر العراقي يتم اتهامه بأنه إما داعشيا وإما بعثيا أو أن حزبا ما حركه لحاجة في نفس يعقوب؟...من المستحيل استمرار الصمت الجماهيري على التقصير الحكومي".

ويضيف الكاتب: "القضية واضحة الملامح ولا يمكن أن يتم تحريف أهدافها. شعب يطالب بالماء والكهرباء وتوفير وظائف خارج إطار التوصيات والمحاصصات الحزبية. وما استهداف مقرات الأحزاب سوى استفتاء شعبي على السياسيين أن يراجعوا مضمون رسالته، وإن كانوا يعرفون تحليل المضمون".

ويقول علي حسين في المدى العراقية: "لا يريد ساستنا أن يعترفوا بأنّ هذا الشعب يملك شجاعة الاحتجاج، فهم يريدونه تابعاً لهم، مثلما هم تابعون لبلدان الشرق والغرب، لكنهم رغم ذلك يوزّعون الأجندات الأجنبية على المتظاهرين، فيما يحاول جهابذتهم أن يلقنوننا دروساً في فنون الوطنية".

ويختتم الكاتب بقوله: "على مرمى حجر من البصرة أغنى مدن العالم، تستقرّ مدن مثل الدوحة ودبي والشارقة والكويت وأبو ظبي حيث يسابق حكامها العالم في التنمية والإعمار والازدهار.. ونحن نقرأ عن التنمية والإعمار من الصحف فقط وكان آخرها مانشيت قال فيه العبادي : مقبلون على عمليّات استثمار كبيرة.. متى؟ الجواب معروف، في الأول من كلّ نيسان/إبريل!"

اتهامات ضد إيران

تظاهرت أعداد من العراقيين ضد البطالة
AFP
تظاهرت أعداد من العراقيين ضد البطالة

في الشرق الأوسط اللندنية، يتهم عبد الرحمن الراشد إيران بالوقوف وراء اندلاع الاحتجاجات في جنوب العراق، قائلا إن "النظام في طهران يعتبر الجارة العراق امتداداً جغرافياً وطائفياً وملحقاً به" وإنه "يسعى للسيطرة الكاملة بفرض حكومة عراقية تكون دمية له".

ويضيف: "لم تنجح طهران تماماً، لكنها تمكنت من شلِّ السلطة في بغداد حتى أصبحت عاجزة عن توفير ما يكفي من الكهرباء، وعاجزة عن إخراج الميليشيات التي تُمارس التسلط على المدن، وعاجزة عن تأمين الوظائف، وعاجزة أيضاً عن وقف تدخلات إيران وميليشياتها في شؤون جنوب العراق" وهي الأسباب التي أدت إلى المظاهرات.

كذلك تقول صحيفة اليوم السعودية في افتتاحيتها إن هذه الأحداث "تنذر بالكثير من العواقب جراء استفحال الدور الإيراني الشرير في الداخل العراقي، ليبقى هكذا مجرد ساحة لمغامرات معممي طهران".

وتضيف: "اللافت أن هذه المظاهرات ربما تكون بداية اليقظة لما أنجزه التدخل الإيراني من الخراب السياسي والاقتصادي والخدمي، وإلى ما تضمره لهم ولبلادهم سنة وشيعة، عربا وكردا من العداوة والأحقاد التاريخية، ليتجاوزوا خلافاتهم المفتعلة، ويوحدوا كلمتهم بوضع أيديهم بأيدي أشقائهم العرب".