القدس: توعدت إسرائيل "بردّ" على الهجوم الضخم وغير المسبوق الذي شنته إيران على الرغم من الدعوات إلى ضبط النفس من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتجنب تصعيد في الشرق الأوسط في خضم الحرب في غزة.

وحذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن "أصغر عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل واسع ومؤلم ضد جميع مرتكبيه"، وذلك خلال اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ليل الإثنين، وفق الرئاسة الإيرانية.

وأطلقت إيران ليل السبت الأحد هجوما بمئات الصواريخ والمسيّرات، هو الأول تشنّه مباشرة على عدوتها اللدود إسرائيل، وذلك ردّاً على ضربة استهدفت في الأول من نيسان (أبريل) القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبت إلى إسرائيل.وأدت تلك الضربة الى مقتل سبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران، وأثارت توعدا إيرانيا عالي المستوى بـ"معاقبة" الدولة العبرية.

وبعد مرور نحو 48 ساعة على الهجوم الإيراني الذي أكدت إسرائيل "إحباطه" بالتعاون مع حلفاء تتقدمهم الولايات المتحدة، تعهّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي بالردّ، في تصريحات أدلى بها وهو يقف على مقربة من طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" في قاعدة نيفاتيم (جنوب) التي أصيبت في القصف الإيراني.

وقال هاليفي إن بلاده "ستردّ على إطلاق هذا العدد الكبير جدا من الصواريخ وصواريخ كروز والمسيرات على أراضي دولة اسرائيل".

"الوقت الذي نختاره"
قال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري من القاعدة نفسها "نقوم بكل ما هو ضروري لحماية دولة اسرائيل، وسنفعل ذلك في المناسبة والوقت اللذين نختارهما".

وعلى رغم العديد من الإدانات الدولية للهجوم الإيراني، الا أن غالبية الأطراف، بمن فيهم حلفاء لإسرائيل، دعوها الى تجنب ردّ فعل واسع قد يؤدي إلى زيادة تأجيج منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت بالفعل "على حافة الهاوية"، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وصدرت آخر هذه الدعوات الثلاثاء عن اليابان التي عبرت عن قلقها من "الهجمات الإيرانية التي تؤدي إلى مزيد من تدهور الوضع في الشرق الأوسط"، وحثت طهران على "ضبط النفس".

ورأت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا أن "الوضع الراهن ليس في صالح المجتمع الدولي ككل، بما فيه اليابان، ولا في صالح إيران والشعب الإيراني".

الى ذلك، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي عن "قلقه" من احتمال استهداف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية ردّا على هجوم طهران على الدولة العبرية، مؤكدا أن هذه المنشآت أغلقت الأحد.

ورداً على سؤال بشأن شنّ إسرائيل ضربة انتقامية تطال المنشآت النووية الإيرانية، قال غروسي في مؤتمر صحافي ليل الإثنين "نحن قلقون من هذا الاحتمال"، مضيفا "ما يمكنني أن أقوله لكم هو أن الحكومة الإيرانية أبلغت مفتشينا في إيران أمس (الأحد) بأن كل المنشآت النووية التي نقوم بتفتيشها يوميا، ستبقى مغلقة لاعتبارات أمنية".

وفي حين أشار الى أن الاغلاق هو ليوم واحد، أكد أن المفتشين لن يعودوا الى المنشآت قبل اليوم التالي. وأوضح "قررت عدم السماح للمفتشين بالعودة الى أن نرى أن الوضع هادئ تماما".

وأعلنت إسرائيل أنها اعترضت بمساعدة الولايات المتحدة ودول حليفة أخرى بينها فرنسا والمملكة المتحدة، وكذلك الأردن، الغالبية العظمى من أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ أطلقتها إيران. وأطلق على هذه العملية الدفاعية اسم "الدرع الحديدي".

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين المجتمع الدولي إلى "البقاء موحدا" في مواجهة "العدوان الإيراني الذي يهدد السلام العالمي".

وعلى رغم تأكيدها وقوفها الى جانب إسرائيل ودعمها "الثابت" لها، أكدت الولايات المتحدة أنها لا تريد "حربا واسعة مع إيران"، وشددت على أنها لن تكون طرفا في أي عملية انتقامية.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين "دحرنا هذا الهجوم" الإيراني، داعيا إسرائيل إلى تجنب تصعيد في المنطقة والعمل على "وقف لإطلاق النار" مرتبط بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة حيث يشن جيشها هجوما داميا ضد حماس منذ أكثر من ستة أشهر.

"رغبة في ضبط النفس"
منذ بداية الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، يتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، بما في ذلك بين إسرائيل وإيران المتعاديتين منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979، وحلفاء كل منهما.

على رغم ذلك، امتنعت الجمهورية الإسلامية حتى الآن عن مهاجمة إسرائيل بشكل مباشر. ويخوض البلدان منذ أعوام حربا في الظل عبر أطراف أخرى مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والفصائل الفلسطينية الحليفة لطهران. الى ذلك، تتهم طهران إسرائيل بتنفيذ عمليات سرية على أراضيها، واستهداف قيادات عسكرية إيرانية في سوريا.

وأكدت إيران أن هجومها كان "ناجحاً" وحقق "كل أهدافه"، وأنها تعتبر الرد على قصف قنصليتها مسألة منتهية.

وشدد رئيسي على أن بلاده مارست "حقها في الدفاع عن النفس"، واستهدفت بهجومها "المراكز" التي استخدمت في عملية قصف القنصلية في دمشق.

وتواصلت المداولات الدبلوماسية المرتبطة بهذا التوتر.

فقد تحدث وزير الخارجية الصيني وانغ يي هاتفيا مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية الثلاثاء، ونقل عنه رغبة إيران في "في ضبط النفس".

"أوقفوا العالم من أجل غزة"
وتواصل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المطالبة بوقف نهائي لإطلاق النار، بينما لا يزال نتانياهو يلوّح بشن هجوم بري على مدينة رفح الواقعة في جنوب القطاع ويعتبرها آخر معقل للحركة.

وتثير خطط إسرائيل خشية المجتمع الدولي نظرا لأن رفح الحدودية مع مصر، لجأ إليها مليون ونصف مليون فلسطيني معظمهم من النازحين، وفق الأمم المتحدة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه واصل عملياته وسط قطاع غزة وقتل "إرهابيين كانوا يتقدمون نحوه" بنيران الدبابات. ودمرت طائرات حربية منصة لإطلاق الصواريخ وعشرات "الأنفاق والقواعد العسكرية التي يتواجد فيها إرهابيو حماس"، وفق الجيش.

واندلعت الحرب على إثر هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على الأراضي الإسرائيلية من غزة وأدى إلى مقتل 1170 شخصًا، معظمهم من المدنيين، حسب أرقام لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم وفقا لمسؤولين إسرائيليين.

وردا على ذلك، توعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس التي تسيطر على غزة منذ 2007 وتعتبرها اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "إرهابية".

وأدت الحرب الى مقتل 33843 شخصا في القطاع، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

وتسببت الحرب بأزمة انسانية حادة.

وأغلق متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين الإثنين جسر "غولدن غايت" الشهير في سان فرانسيسكو الأميركية، ورفعوا لافتة تحمل عبارة "أوقفوا العالم من أجل غزة"، في إطار تحرك يشمل عددا من المدن الكبرى في العالم.