إيلاف من القاهرة: ما الذي يحدث في جامعات أميركا وفرنسا؟ ولماذا تتصاعد موجات الاحتجاجات الطلابية بقوة دعماً لغزة؟ صحيح أن المظاهرات أمر معتاد في الغرب، ولكن لماذا أصبحت موجات الغضب "طلابية شبابية" تحديداً هذه الأيام؟

حينما يصل الأمر إلى حدوث مصادمات مع الشرطة داخل الجامعات الغربية في مشهد ليس بالمعتاد في قضايا لا تخص المجتمع الغربي بصورة مباشرة، وسط إصرار الطلاب على الاستمرار في التظاهر، فالأمر يستحق التوقف.

هذه الوقفة من جانب المحللين والأحزاب السياسية والميديا في الغرب، أسفرت عن الكشف عن بعض أسباب الظاهرة.

صحيح أن التظاهرات الطلابية قد تحدث في كل مكان وزمان، ولكن الأمر يبدو مثيراً للاهتمام هذه المرة على وجه التحديد، بالنظر إلى أن الاحتجاجات "طلابية شبابية" أكثر منها مجتمعية بصفة عامة خلال الفترة الراهنة.

ابحث عن سر "ووكيزوم"
كشفت تقارير فرنسية عن أن الطلاب الذين يتظاهرون دعماً لغزة وفلسطين في جامعات أميركا وفرنسا "السوربون"، منساقون وراء تقليعة أمريكية برزت في جامعات كولومبيا وهارفارد وغيرها، دون أي مراعاة للاختلاف بين واقع وظروف فرنسا والواقع الأمريكي.

كما يواجهون الاتهام بتبني الفكر المسمى بـ"ووكيزوم" المنتشر في الولايات المتحدة، والذي يقوم على مراعاة الأقليات العرقية أو الجنسية، واعتبار أن مشاكلهم تأتي في مقدمة مشاكل المجتمع، ويجب أن يكون التصدي لها هو المقياس الوحيد على تقدم المجتمع، أي أن الحالات الاستثنائية أصبح لها الأولوية المطلقة في عقل هؤلاء الشباب، وأصبح للسلاح الشبابي القوي "السوشيال ميديا" دور محوري في انتشار هذا الفكر مؤخراً.

السوربون.. الغاء المحاضرات
وأفادت وسائل إعلام فرنسية الاثنين بأن جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس ألغت المحاضرات والامتحانات التي كان مقررا إجراؤها، بسبب مظاهرة داعمة لفلسطين داخل وخارج حرم الجامعة.

وفضت الشرطة الفرنسية مخيما لدعم قطاع غزة بعد وقت قصير من إقامته من قبل عشرات الطلاب داخل الجامعة، فقد توجه محتجون غاضبون من حرب غزة إلى جامعة السوربون في باريس يوم الاثنين وهم يهتفون “فلسطين حرة” عند بوابات الجامعة بينما نصب بعض الطلاب خياما في الفناء.

على خطى جامعات أميركا
تبنت اعتصامات الطلاب الفرنسيين نفس مطالب زملائهم في الولايات المتحدة من وقف لإطلاق النار في غزة، وتعليق اتفاقات الشراكة والتعاون بين جامعاتهم ومعاهدهم والجامعات والمعاهد الإسرائيلية.

أبناء الجيل الثالث
ووفقاً لتقرير "مونت كارلو الدولية"، فقد اعتبرت أغلب الطبقة السياسية ومعلقي قنوات الأخبار المتواصلة الخاصة أن حزب "فرنسا الأبية" بقيادة جان لوك ميلانشون، المصنف يسار راديكالي، يقوم بالتسلل إلى حركة الطلاب في محاول لاستثمارها في إطار حملة الانتخابات الأوروبية التي تبدأ في السادس من حزيران (يونيو) المقبل.

ورصدت وسائل الإعلام الزيارة التي قامت بها الناشطة ريما حسن المرشحة على قوائم الحزب، إلى المعتصمين في معهد العلوم السياسية، بالإضافة إلى عدد من نواب "فرنسا الأبية".

ويتهم معارضو الحزب، من اليمين واليسار، جان لوك ميلانشان بتبني استراتيجية سياسية معاكسة لمواقفه العلمانية المعروفة، وتبني كل ما يمكن أن يرضي الجيل الثالث من المهاجرين المسلمين، بدء من الدفاع عن المحجبات وحتى التضامن مع الفلسطينيين.

الإسلام السياسي
ويواجه المعتصمون وأحزاب اليسار الراديكالي في فرنسا تهمة الانسياق وراء الإسلام السياسي، ومعاداة السامية، وتبرير الإرهاب برفضهم لوصف هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بأنه عملية إرهابية، والامتناع عن تأييد حكومة نتانياهو "اليمينية المتطرفة" في الحرب التي تخوضها في غزة.