&فتـحي مـحـمود

&

&

&

&

مع مرور عام على الإعلان رسميا عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ورغم تشكيل تحالف دولى بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة داعش فى سوريا والعراق عسكريا، فإن الواقع على الأرض يقول إن هذا التنظيم ينتشر بسرعة رهيبة، ليس فقط فى سوريا والعراق ولكن فى ليبيا أيضا، مع امتداد نشاطه الإرهابى إلى دول أخرى مثلما حدث أخيرا فى السعودية والكويت وتونس وفرنسا، وأصبحنا أمام تنظيم يدخل نطاق العولمة بسرعة كبيرة.


ولم يكتف التنظيم على ما يبدو بذلك، اذ نشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، أن لديه القدرة المالية، التي تمكنه من امتلاك أول سلاح نووى في أقل من عام.

&

ففى العراق لابد من الاعتراف بأن هناك أبعاد مذهبية ساعدت فى انتشار داعش، نتيجة الممارسات الفاشية لما يُسمّى «وحدات الحشد الشعبي» داخل مناطق السنّة، وانفضاض شرائح شعبية واسعة عن الجيش والدولة، وتفضيل وجود تنظيم الدولة، بل الانضمام إلى صفوفه أيضاً.

&

فهناك ثلاثة أسباب أساسية، عسكرية ومخباراتية واجتماعية أدت لانتشار داعش، لأن حرب الشوارع تحتاج إلى مقاتلين من نوع خاص وإلى معلومات استخباراتية من داخل المدن، كما تحتاج إلى ثقة سكان هذه المدن بالقوات الأمنية، وهذه الأمور غير متوافرة لدى الجيش العراقى والفصائل الشيعية.

&

ورغم أن السكان السنة في العراق أكثر المتضررين من داعش إلا أنهم يخشون الفصائل الشيعية، لأن هذه الفصائل تعتبر هؤلاء السكان خوّنة ومتحالفين مع الإرهابيين كما حصل في مدينة «سالدور» في تكريت.

&

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت قيام فصائل شيعية بحرق منازل واعتقال العشرات من سكانها بتهمة التعاون مع داعش.

&

ناهيك عن حالة الرعب التى يسببها التنظيم نتيجة عمليات الذبح والإعدام التى يبثها، وتجعل سكان المدن التى يقتحمها يستسلمون بسرعة من شدة الرعب.

&

أما ضربات التحالف الدولى فلم تحقق شيئا حتى الآن وسط شكوك كثيرة حول جدواها، فأمريكا التي ترسم سياستها بازدواجية معايير مطلقة ، تؤكد تقارير إعلامية كثيرة أن أسلحتها تصل إلى داعش من الجو، وأنها لم تحقق شيئا في مواجهة التنظيم الإرهابي وبانتقائية تنفذ عمليات محددة لا تؤثر على قوة التنظيم.

&

وفى سوريا يسيطر تنظيم داعش على نحو 50 % من الأراضى ، و80 بالمائة من حقول النفط والغاز في البلاد بحسب مصادر المعارضة، وسط حالة من الإنهاك الشديد التى يعانى منها الجيش السورى الرسمى الذى يحارب على عدة جبهات فى وقت واحد، ورغم الدعم الإيرانى واشتراك حزب الله فى القتال إلى جانبه.

&

والأخطر ما يحدث فى ليبيا، وقد تكون طرابلس أول عاصمة عربية يستولى عليها داعش إذا استمر الوضع الحالى، فالاحصاءات المنشورة تشير إلى أن داعش يمتلك نحو ألفى مقاتل فى سرت ونحو 700 مقاتل في مدينة صبراتة الساحلية، التى تبعد 41 ميلاً فحسب عن العاصمة طرابلس، أى أنه في وقت وجيز للغاية قد نجح في تحويل ليبيا إلى ساحة تدريب مترامية الأطراف وآمنة.

&

وهو ما دعا مجلس النواب الليبى إلى استنكارصمت المجتمع الدولى تجاه تمدد تنظيم داعش في سرت وشرق ليبيا ووصولها إلى مصراتة، مطالبا الليبيين بضرورة الالتفاف حول شرعية الدولة لمحاربة الإرهاب أينما حل.

&

لكن قضية تدفق المقاتلين الأجانب إلى داعش لاتزال تشكل جانبا خطيرا فى هذه الظاهرة الإرهابية، ووفقا لتقرير لمجلس الأمن فإن ظاهرة المقاتلين الأجانب باتت تشمل دولاً كانت بمنأى عن نشاط الجماعات الإرهابية، مثل تشيلي وفنلندا وجزر المالديف، مشيرًا إلى أن عدد المنضمين إلى صفوف داعش قد ارتفع بنحو 70% خلال الأشهر التسعة الماضية، وهو ما يشكل قلقاً متزايداً إزاء تضخم ظاهرة التطرف عالمياً، واتساع نطاقها الجغرافى، لتشمل دولاً عدة تشهد استقراراً، بما فيها دول أوروبية.

&

وأشار التقرير إلى أن معدل تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق تحديداً، بات حاليًا الأعلى من أي وقت مضى، مع ظهور بوادر نمو متسارع للتنظيم في ليبيا، واصفاً العراق وسوريا وليبيا بأنها «مدرسة التخرج الحقيقية» للإرهابيين.

&

بل ووصل الأمر إلى مناطق بعيدة ، فقد لفتت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أنه على طول الحدود الطاجيكية الأفغانية، بدأ يتشكل خط جبهة جديد من المتشددين الإسلاميين، ومنهم داعش، حيث ضم عدد من الجماعات المتشددة في وسط آسيا، ومنها طالبان في باكستان وأفغانستان، قواته إلى داعش لتحدى أنظمة علمانية تحكم جمهوريات سوفيتية سابقة.

&

وتتبقى قضية المواجهة الفكرية لداعش التى لم تلق اهتماما دوليا كبيرا حتى الآن، رغم أن القوة الأساسية التى يستقطب بها التنظيم أعضاء ومناصرين جددا هى الإيديولوجيا التى يقوم عليها، ولم يستطع الأزهر أو المؤسسات الدينية الأخرى القيام بالدور المطلوب فى هذا السياق حتى الآن.
&