مايكل سينج

غالبا ما تبدأ المناقشات السياسية الخارجية بالتكتيكات، سواء على سبيل المثال لفرض "خطة العمل المشتركة الشاملة" للبرنامج النووي الإيراني بصرامة أو للابتعاد عنها بالكامل. وأعتقد أنه بإمكان الولايات المتحدة التوصل إلى سياسات أفضل، إذا بدأت بدلا من ذلك بالبحث في الأهداف والنتائج التي تأمل تحقيقها، وفي رسم طريقها نحو تحقيقها.


إلى جانب ذلك، لدى واشنطن توجه مؤسف للتفكير في السياسة الخارجية باعتبارها ممارسة تخص حل المشكلات، مع التركيز -أولا وأخيرا- على معالجة الصراعات، وإهمال العمل الأكثر مللاً الذي يقضي ببناء العلاقات ومعالجة المشكلات الجديدة. لكن من المرجّح أن تلقى الولايات المتحدة -في منطقة الشرق الأوسط- نجاحا أسرع وأكبر بكثير في تعزيز التحالفات التي نجت من عواصف المنطقة لإنهاء الحرب الأهلية في سورية أو بناء حكومة جديدة في ليبيا على سبيل المثال.


وأخيرا، تميل واشنطن إلى التفكير والتخطيط في إطار تطورات محدودة، والبحث فيما يجب القيام به خلال الأشهر المقبلة، دون الإشارة إلى أي جدول أعمال واضح على المدى الطويل.


رغم التطورات المأساوية التي طرأت في السنوات الأخيرة، لم تتغيّر مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط جذريا. فهي تشمل عوامل عدة مثل حظر الانتشار النووي ومكافحة الإرهاب، فضلا عن التداول الحُر للطاقة والتجارة وغير ذلك. بيد أن العقبات التي تحول دون تعزيز هذه المصالح قد تغيّرت بشكل جلي، وهي لا تشمل "خطة العمل المشتركة الشاملة" المعيبة فحسب، بل أيضا بروز تنظيم داعش.


في الوقت الذي تفكر فيه واشنطن في كيفية المضي قدما في أعقاب "خطة العمل المشتركة الشاملة"، لا بد من أن تكون السياسة تجاه إيران التي تخطط لها الولايات المتحدة لما بعد الصفقة متسقة مع هذه الإستراتيجية وتعمل على تعزيزها. ويذكر أن أياً من الخطوات السياسية التي أُوصي بها تقتضي أن تتم إعادة التفاوض على "خطة العمل المشتركة الشاملة".


ينبغي أن يظل الهدف الأول لسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران كامنا في منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط. ففي حين توفر خطة العمل المشتركة الشاملة بعض الأدوات المفيدة في هذا الصدد -وذلك بشكل رئيسي من خلال زيادة نفاذ مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإلزام إيران بتنفيذ تدابير وقائية معززة- إلا أنها تعاني أيضا نقاط ضعف كبيرة.


وتكمن نقطة الضعف الأولى والأكثر أهمية في خطة العمل المشتركة الشاملة في أنها ليست قوية بما يكفي لمنع إيران من مواصلة سعيها إلى امتلاك سلاح نووي سرّاً.


كما أن كثيرا من الخطوات الواردة أعلاه تعتمد على استمرار الولايات المتحدة بتلقي الدعم من أربعة أعضاء آخرين من الأعضاء الثمانية في "اللجنة المشتركة" لخطة العمل المشتركة الشاملة، أي الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.