&رائد جبر

عنوان تصدّر صفحات وسائل إعلام حكومية في روسيا التي غدت «عرّاب» الحركات الانفصالية في العالم، إضافة إلى كونها «حامية» الأقليات و «راعية» الأحزاب القومية المتشددة في أوروبا.

والمواجهة التي تخوضها روسيا مع الغرب، لم تعد تقتصر على موضوعيها الرئيسين أوكرانيا وسورية، بل غدت أشمل وأوسع، مع انتقال موسكو إلى استخدام كل ملف يعزز قدرتها على تعكير مزاج مَنْ تعتبرهم خصومها في الغرب والشرق.&

فهي فتحت أحضانها لاستقبال «المناضلين من أجل الاستقلال» في العالم، في مؤتمر دولي حمل هذا العنوان نظِّم أخيراً، في فندق تملكه الحكومة في وسط موسكو. ضم المؤتمر عشرات ممّن وُصِفوا بأنهم «زعماء الحركات الانفصالية» من مناطق بينها ولاية تكساس وبورتوريكو والصحراء الغربية، وإرلندا وكتالونيا.

هؤلاء ناقشوا في موسكو سبل دفع نشاطاتهم، ومجالات المساعدة الروسية لتحقيق أهدافهم. وكنموذج عن الأحاديث التي شغلت بال المنظّمين والمدعوّين، نقلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية عمَّن وصفته بأنه «زعيم الانفصاليين» في ولاية كاليفورنيا، لويس مارينيللي، أن القسم الأكبر من سكان الولاية يرغبون في الانفصال عن الولايات المتحدة عبر تكرار سيناريو «القرم»، ويعوّلون على مساعدة روسية.

وبرّر مارينيللي هذا التوجُّه بأن ولاية كاليفورنيا تسدّد سنوياً ضرائب حجمها 16 بليون دولار، وهو رقم أعلى بكثير مما تحصل عليه من المركز الفيديرالي لتمويل الخدمات الطبية والتعليم وتطوير البنى التحتية. وزاد أن فكرته للانفصال أيّدها 3600 شخص من 9000 شملهم استطلاع أُعِدَّ أخيراً، ما اعتبره أمراً يفتح الشهية لجمع 400 ألف توقيع، للمطالبة باستفتاء على غرار القرم، لإعلان الاستقلال.

وأكد الرغبة في «الحصول على مساندة روسيا»، وتابع: «عندما نجري الاستفتاء سنحتاج إلى الاعتراف الدولي بنتائجه، ولدينا أمل بأن تدعمنا السلطات الروسية في هذه القضية». واستدرك: «في حال الفوز بالاستقلال ستكون سياستنا الخارجية سلمية، ولن نساند سياسة البلطجة الدولية التي تنتهجها الولايات المتحدة في الساحة الدولية، وستكون سياستنا ودية مع روسيا».

قبل فتح ملف «الانفصاليين» ودعوتهم إلى موسكو، كانت روسيا رفعت لواء حماية مسيحيي الشرق الأوسط، ولا يكاد يمر شهر من دون تنظيم ندوة أو مؤتمر في موسكو حول هذا الملف، بمشاركة مسؤولين روس، بينهم المفوض الخاص لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية قسطنطين دولغوف الذي أعلن في أحد المؤتمرات أخيراً، أن «خطوات موسكو في الشرق الأوسط أدت إلى تحسين الوضع الإنساني، وهي تلعب دوراً محورياً في حماية مسيحيي المنطقة».

وشدد الديبلوماسي الروسي على أهمية جهود الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وبطريرك موسكو كيريل في حماية حقوق المسيحيين في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن بلاده «ستواصل سياستها من أجل حماية مسيحيي المنطقة، في مواجهة السياسة الجاهلة وقصيرة النظر» لدول غربية، خصوصاً الولايات المتحدة.

في السياق ذاته، جاء تنظيم مؤتمر الأحزاب الأوروبية القومية المتشدّدة في سان بطرسبورغ، المدينة التي كانت رمزاً لمواجهة الفاشية والتطرُّف. حضر كل متطرفي أوروبا ليقولوا من قاعة فخمة قرب متحف الأرميتاج أن حكوماتهم «على خطأ»، وروسيا «على حق»... وأنهم سيبنون مع موسكو أفضل العلاقات، عندما تعمّ أفكارهم القارة الأوروبية، ويغدون أصحاب الكلمة العليا فيها.