محمد العصيمي

إذا كانت بعض وسائل الإعلام في مصر ترى أن السياسة بلا مبادئ بالمطلق فهذا شأنها، فما نعرفه نحن في السعودية وفي دول الخليج أن وقفتنا مع أشقائنا في مصر، حين ادلهمت بهم خطوب الإخوان وتعاظمت المؤامرات الدولية على بلدهم، كانت وقفة صادقة؛ بل كانت وقفة ضحت بها دول الخليج بكثير من ثرواتها ومصالحها الدولية. لذلك لا يجب أن يستكثر المصريون تعبير مندوب المملكة الدائم في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي عن الألم الذي شعرنا به حين صوت مندوب مصر لمشروع القرار الروسي المضاد لموقفنا. ربما كان الخليجيون سيتفهمون بقاء مصر على الحياد والامتناع عن التصويت على هذا&المشروع من باب أنها تقف على مسافة واحدة من كل فرقاء الوضع السوري المتأزم منذ خمس سنوات.

&ليس صحيحا ولا مقبولا، أيا كانت قوة وسلاطة ألسنة بعض الإعلاميين المصريين، أن أقف معك في شدتك وأُقطع من لحمي في سبيل سلامة بلدك وأخذها بعيداً عن الأزمات الماحقة ثم أفاجأ بأنك لست معي في شدتي ولا تعينني لدفع هذه الشدة، وحتى لم يسعك أن تقف على الحياد لتبقي على الأمل بدلا من أن تخلق الألم. ثم، حتى لو قال المصريون أنهم أعلم بشؤونهم، يبقى السؤال مشروعا عن ما هي مصلحة مصر مع بشار الأسد في مقابل مصالحها الكبرى مع المملكة ودول الخليج.؟! بالنسبة للسعوديين والخليجيين المصلحة مع مصر واضحة وهم دفعوا وما زالوا مستعدين لدفع ثمنها السياسي والاقتصادي أيا كان هذا الثمن وأيا كانت تبعاته عليهم. وبالتالي إذا لم يقابل هذا الموقف بالمثل من المصريين فلا أحد يلوم السعوديين والخليجيين على ألمهم وخيبة أملهم.

&المعركة الآن معركة وجود عربي في مقابل التغلغل الإيراني في بعض الدول العربية، كما في سورية واليمن، وتهديد إيران المستمر لدول الخليج. ومصر قوة عربية يعول عليها كثيرا في هذه الدول، لكن إذا اختارت أن تكون في مسار آخر وتحالفات مضادة للموقف الخليجي من الوضع السوري والتهديدات الإيرانية فهي تختار أن تتخلى عن حلفائها السعوديين والخليجيين ولا أحد يستطيع أن يجبرها على البقاء معهم. لكن، أيضا، لا أحد يستطيع أن يلوم السعوديين والخليجيين إذا تخلوا عن مصر وعملوا على بناء تحالفات أخرى من أجل الحفاظ على سلامة بلدانهم وشعوبهم.

&ومع ذلك، رغم شدة الألم الأخير، يبقى هناك أمل بأن مصر ما زالت تدرك عواقب فك تحالفها مع دول الخليج، لحساب تحالفات أخرى، على أمنها القومي وعلى الأمن القومي العربي ككل، إذ لا تقبل الحالة العربية الآن أي نوع من المساومات أو الضغوطات لتحقيق مكاسب سريعة من شأنها أن تفوت فرصة إدراك حجم الخطر الداهم الذي يحيق بكل الدول العربية ويهدد مستقبل شعوبها.