الرياض وأنقرة تصفان مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل بـ«الكارثة» * تأكيد خليجي ـ تركي على مواجهة
كيانات إرهابية.. وجماعة غولن نموذجًا

الرياض: عبد الهادي حبتور


حذرت السعودية وتركيا من أن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي العراقي في عملية تحرير الموصل ستؤدي إلى كارثة وتؤجج النزاعات الطائفية والمذهبية بين أبناء الشعب العراقي، مطالبتين بغداد باستخدام جيشها الوطني وأبناء المناطق لمواجهة «داعش» والقضاء عليها.

وقال عادل الجبير وزير الخارجية السعودي إن الحشد الشعبي ميليشيا طائفية انتماؤها لإيران وارتكبت في أماكن مختلفة في العراق، وأضاف: «إذا ما دخلت الموصل ستحدث كوارث، عندما دخلت الفلوجة ارتكبت جرائم هائلة، هناك مقابر جماعية، واعتداءات على حرمة المنازل والعائلات، وقتل للأبرياء، وهذا زاد من التأزم الطائفي في العراق ولم يقلص منه، فإذا كان هناك دور سيكون لهذه الميليشيات في الموصل سيكون كارثة، ومن الأفضل للعراق أن يركز ويستخدم جيشه الوطني وأبناء المناطق وعناصر ليست محسوبة على إيران ومعروفة بالطائفية المتشددة، إذا أراد أن يواجه إرهاب (داعش) ويتفادى سفك الدماء والطائفية بين أبنائه».

واعتبر الجبير عقب الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا الخامس للحوار الاستراتيجي الذي عقد أمس في الرياض أن تطبيق العراق لتفاهمات 2014 القاضية بتطبيق إصلاحات تضمن مشاركة كل الفئات والطوائف العراقية في الحكومة المركزية في اتخاذ القرار ليشعروا بأن الحكومة العراقية تمثلهم جميًعا لا يزال مفقوًدا للأسف، على حد قوله، وتابع: «للأسف لم يتم تطبيق هذه الإصلاحات بعد، هذا أحد أسس المشاكل التي يواجهها الأشقاء في العراق».

وفيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، بّين وزير الخارجية السعودي أن المطلوب منها أمر سهل وبسيط وهو ألا يدعموا الإرهاب ولا يتدخلوا في شؤون دول المنطقة، ولا يشعلوا الفتنة الطائفية، وأردف: «يجب ألا يقتلوا الدبلوماسيين ولا يفجروا السفارات، وألا يحاولوا تحريض الشعوب على حكوماتهم، وألا يعتقدوا أنهم أولياء على من يتبع المذهب الشيعي، من يتبع المذهب الشيعي ينتمي إلى دول سواء في الكويت، العراق، لبنان، السعودية، البحرين أو غيرها، هؤلاء مواطنو هذه الدول وليس لإيران علاقة بهم، وقتها سيكون الباب مفتوحا لأفضل العلاقات».

من جانبه، شدد مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي على أهمية مشاركة أهالي الموصل في تحرير مدينتهم، محذًرا من إجبار سكان الموصل على الاختيار بين «داعش» والحشد الشعبي الطائفي، وقال: «نريد أهل الموصل أن يقوموا بهذا الموضوع ضد (داعش)، طبًعا مع الجيش العراقي والعناصر الأخرى، ويجب عدم التفريق بين الداعشيين والميليشيات الشيعية ولا نرجح أحدا على الآخر، بهذه الطريقة الناس قد يرجحون داعش». 

وأضاف: «عملياتنا في جرابلس نقوم بها مع أهالي جرابلس والقوات المحلية وهذا مهم جدا، السؤال هو ما الذي سيحدث بعد إبعاد (داعش)، إذا أتيتم فقط بالحشد الشعبي والميليشيات الشيعية وسيطرت على تلك المناطق فسوف تكون كارثة كبيرة والناس ستتضرر كثيًرا، كذلك وحدات حماية الشعب الكردية في الرقة التي يسكنها عرب 100 في المائة، لماذا نضطر لتهجيرهم وإحداث تغيير ديموغرافي، نريد أن نقول علينا التفكير فيما بعد هذه العملية ماذا سيحدث، أميركا عندما تركت العراق لم تفكر ماذا حدث في العراق ونرى اليوم ماذا يحدث فيه، وأصبح الأمر أكثر تأزًما، نريد أن نقوم بدعم أصدقائنا وجارنا العراق للتخلص من مشاكله».

وتوقع وزير الخارجية التركي أن يتم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع الخليج العام القادم، وأشار في هذا الخصوص بقوله: «نريد استمرار التعاون مع مجلس التعاون في جميع المجالات لكن المجالات التجارية نريد تطويرها، بشأن منطقة التجارة الحرة اتفقنا على معاودة المفاوضات وإعادة تحديد اللجان التقنية والفنية للاجتماع مرة أخرى، ونتمنى في الاجتماع القادم أن يتم التوقيع على هذه الاتفاقية وتزال جميع العقبات لاستقرار أمننا وسلامة دولنا، ونتقاسم التجارة بين شعوبنا ونزيل العوائق بينهم في هذا المجال».

وطالب الوزير التركي إيران بأن تلعب دوًرا إيجابًيا في المنطقة، وقال: «نطالبها بأن تلعب دوًرا إيجابًيا بعيًدا عن المذهبية ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى ونكرر ذلك في كل مناسبة».

وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا أصدروا بياًنا، أعربوا فيه عن ارتياحهم للجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وتركيا. واتفق الوزراء على تمديد خطة العمل المشتركة الحالية بين مجلس التعاون وتركيا إلى نهاية عام 2018، وتطويرها بما يتلاءم مع تطورات التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية تركيا.

وأكد الوزراء عزمهم مواجهة الأشكال الجديدة الناجمة عن الكيانات الدينية مثل تنظيم أتباع فتح الله غولن الإرهابي. كما وجه الوزراء فرق العمل لعقد اجتماعات حول التجارة والاستثمار، الزراعة والأمن الغذائي، المواصلات والاتصالات، الطاقة، البيئة، السياحة، الصحة، الثقافة والتعليم، وتكثيف الجهود من أجل تنفيذ خطة العمل المشترك بين مجلس التعاون وجمهورية تركيا. وتم تكليف الأمانة العامة لمجلس التعاون بإعداد تصور عن تطوير التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون وتركيا في جميع المجالات، بما في ذلك مفاوضات التجارة الحرة.

وأًكد الوزراء على هدف إنشاء منطقة تجارة حرة بين مجلس التعاون وتركيا في أقرب وقت ممكن، من خلال استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة.

وهنأ الجانبان السعودية بنجاح موسم الحج لهذا العام، وأعربوا عن تقديرهم للجهود والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من أجل رعاية حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزائرين للأماكن المقدسة، والتنظيم المميز الذي تدير به هذه الشعائر، منطلقة بذلك من مسؤولياتها وواجباتها لخدمة الحرمين الشريفين، مؤكدين الوزراء رفضهم محاولات تسييس فريضة الحج.

وعبر وزراء مجلس التعاون تضامنهم مع تركيا في مواجهتها لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016م، مرحبين بتجاوز تركيا لهذه المحاولة، وعبروا عن دعمهم للإجراءات التي تتخذها بهذا الشأن، بما في ذلك جهودها في مواجهة تنظيم أتباع فتح الله غولن الإرهابي المتورط في محاولة الانقلاب.

كما أكد جانب مجلس التعاون على دعمه في الحفاظ على أمن واستقرار الجمهورية التركية بقيادة الرئيس رجب طيب إردوغان.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية أكد الوزراء على التزامهم بالحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية وأهمية التوصل لحل سلمي يضمن انتقالا سياسيا يتيح للشعب السوري التعبير عن نفسه بشكل كامل، وفقَا لما تضمنه بيان جنيف (1) وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مجددين دعمهم لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا الرامية للوصول إلى الحل السياسي المنشود.

وأدان الوزراء تصعيد العمليات العسكرية في حلب من قبل النظام ومؤيديه من قصف جوي عشوائي ضد السكان المدنيين والبنية التحتية للمستشفيات ودور العبادة والأسواق والمدارس ومحطات المياه، باعتبارها عدواًنا سافرا يخالف القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.

وعبر الوزراء عن التزامهم بالحفاظ على وحدة واستقرار العراق وسلامته الإقليمية، وتضامنهم مع الشعب العراقي في تصديه لما يسمي بتنظيم داعش الإرهابي، مؤكدين على تكثيف الدعم والتعاون مع الحكومة العراقية في سعيها لتلبية احتياجات الشعب العراقي كافة.

وأعرب الوزراء عن قلقهم حيال خطط إشراك قوات الميليشيات الطائفية في عملية تحرير الموصل الوشيكة، التي ارتكبت هجمات انتقامية، وقتلا جماعيا وتعذيبا وانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان ضد السكان المحليين في المناطق المحررة، مما قد يؤثر سلًبا على استمرارية نجاح العملية ويؤدي إلى صراعات طائفية.

وشًدد الوزراء على رفضهم التام لاستخدام أراضي الجمهورية العراقية كملاذ آمن للجماعات الإرهابية كمنطلق لتنفيذ العمليات الإرهابية، بما في ذلك تهريب الأسلحة والمتفجرات، مشددين على أهمية الالتزام بقرارات الأمم المتحدة التي تتعلق بمكافحة الإرهاب، وبمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وبشأن إيران، أًكد الوزراء على دعوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وأن تقوم العلاقات بين جميع الدول في المنطقة على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وبمبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية للدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية، والاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل قضية الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى من خلال المفاوضات المباشرة أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.

وحيال الوضع في ليبيا، رًحب الوزراء بنتائج الاجتماع الوزاري حول ليبيا الذي عقد في نيويورك يوم 22 سبتمبر (أيلول) 2016م، الذي أكد دعمه لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، بصفتها الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد، كما أقرت في قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة 2259 و2278، وحث جميع الأطراف الليبية على استكمال البناء المؤسساتي الانتقالي للدولة، لتمكين مجلس النواب من القيام بدوره، وفق ما نص عليه اتفاق الصخيرات، ودعوة الاجتماع الوزاري في نيويورك حكومة الوفاق الوطني إلى تعزيز الحوار، مع كافة المكونات الوطنية لتعزيز المصالحة الوطنية.

وعًبر الوزراء عن رفضهم إقرار الكونغرس الأميركي مؤخًرا قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا»، مؤكدين أنه يخالف مبادئ القانون الدولي، وخاصة مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. مؤكدين أنهم يعتبرون هذا التشريع الأميركي يتعارض مع المبادئ التي تحكم العلاقات والأعراف بين الدول، بما هي ذلك مبدأ الحصانة السيادية. وعبروا عن الأمل بأن تتم إعادة النظر في هذا التشريع لما له من انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية.