جيفري كمب

تعاني الحملة السياسية للمرشح «الجمهوري» دونالد ترامب من ورطة عميقة، ومع تبقي أقل من أربعة أسابيع فقط على الثامن من نوفمبر، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، فإن فرصه للفوز تُعد حالياً متدنية للغاية. وإذا ما كانت الانتخابات ستجرى هذا الأسبوع، ستكون المرشحة «الديمقراطية» هيلاري كلينتون هي الفائز، استناداً على نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في الآونة الأخيرة.

إن طبيعة ونبرة الحملة الحالية هي الأكثر استقطاباً وكراهية في التاريخ الأميركي الحديث. ويقع قدر كبير من اللوم على ترامب الذي بدأ مسيرته غير الرسمية للرئاسة في عام 2012 عندما تساءل بتحدٍ ووقاحة ما إذا كان باراك أوباما قد ولد في الولايات المتحدة. وبالنسبة للكثيرين، فإن هذه «الخطوة بشأن منشأ أوباما» كانت خطوة عنصرية صريحة ومهينة للكثير من الأميركيين من أصل أفريقي والذين كانوا يشعرون بالفخر بعد الانتخابات وبعد ذلك إعادة انتخاب أوباما. وجاء إعلان «ترامب» الرسمي عن ترشحه لخوض انتخابات 2016، وذلك في شهر يونيو من عام 2015 عندما أدلى بتصريحات عنصرية صارخة حول المكسيكيين، من خلال إصراره على وضع الهجرة غير الشرعية على رأس جدول أعماله الوطني. وقام في وقت لاحق، بإهانة المسلمين، والمعوقين وبطل الحرب جون ماكين والأكثر صراحة، المرأة القوية التي تشكك في حكمته.

ولكن على الرغم من سوء أدائه في المناظرتين الوطنيتين مع كلينتون والتسجيلات التي أخذت له عام 2005 وتظهر كيف يعامل المرأة، فإن مؤيديه المتشددين لن يتخلوا عنه. ويستند الأساس لدعمه على غضب الطبقة الدنيا من الطبقة المتوسطة من البيض والذين يعتقدون أنهم تم تجاهلهم وتركهم في الفقر من قبل الإدارات الأميركية الأخيرة، والذين يعتقدون أيضاً أنهم أصبحوا أقلية في بلادهم. وهم يرون أنهم فقدوا وظائفهم في مجالات التصنيع بعد أن أخذها المنافسون الأجانب، وأن بلداتهم ومدنهم تملؤها الجريمة ويجتاحها المهاجرون غير الشرعيين. 

كما أنهم على قناعة بأن المؤسسة الليبرالية تريد أن تحد من حصولهم على السلاح وأن تقوض، إن لم تكن تلغي، حقوقهم بموجب التعديل الثاني من دستور الولايات المتحدة الذي يسمح لهم بامتلاك السلاح. وبنفس القدر من الأهمية، هناك كراهيتهم العنيفة للمرشحة «الديمقراطية» هيلاري كلينتون. فهي يُنظر إليها باعتبارها مثالاً لمؤسسة واشنطن الليبرالية ووزيرة الخارجية المتهمة بالتسبب في كارثة ليبيا والتي فشلت في التصدي لظهور روسيا مجدداً في الشرق الأوسط، وتأكيد الصين لذاتها في شرق آسيا. وهم أيضاً غاضبون بسبب علاقاتها الوثيقة مع إدارة أوباما وإصرار الإدارة بأكملها على تأييدها في معركتها الانتخابية في الولايات المتأرجحة.

ومن حيث الانتخابات، فإن قاعدة ترامب من المؤيدين ستظل موالية وينبغي عليه أن يأمل أن يذهب هؤلاء المؤيدون بأعداد كبيرة إلى التصويت في الثامن من شهر نوفمبر المقبل. لكنهم بمفردهم لا يشكلون الأعداد الكافية لضمان الفوز، حيث إنهم أصبحوا جماعة سياسية معزولة نسبياً والتي هي غير قادرة على حشد الدعم من الأقليات ومن هؤلاء المتعلمين تعليماً جيداً ومن الرجال والنساء البيض.

فهل هناك أي سيناريوهات واقعية من الممكن أن تمد ترامب بوسيلة للتعافي ومن ثم الفوز في الانتخابات؟ أولا، إن أربعة أسابيع تعد مدة طويلة في السياسة ومن الممكن تدخل عدد من الأحداث لمصلحة ترامب. ومن ناحية أخري، يمكن لمشاكل كلينتون الصحية أن تعاودها ولا يزال من الممكن أن يتمكن ترامب من الفوز فعلياً في المناظرة المقبلة المقرر إجراؤها في التاسع عشر من شهر أكتوبر الجاري إذا ما استطاع حقاً أن يستعد جيداً لها، وأن يركز على قضايا بدلاً من خطابه التهجمي. وهو لديه انتقادات مهمة فيما يتعلق بالتجارة والسياسة الخارجية التي كان من الممكن أن يركز عليها بقوة أكبر في مناظراته مع هيلاري كلينتون.

وإذا قام تنظيم «داعش» بعمل إرهابي كبير في الولايات المتحدة، فقد يساعد هذا ترامب، نظراً لخطابه المتشدد فيما يتعلق بالتعامل مع القانون والنظام والهجرة غير الشرعية. ولكن على الجانب الآخر، فقد كانت كلينتون صارمة كذلك، والكثيرون يعتقدون أنها ستكون أقل ترجيحاً للتصرف بطريقة مبالغ فيها، مما يجعل الأزمة تزداد سوءاً. والأهم من ذلك، أن الهجمات التي لاهوادة فيها على ترامب من قبل وسائل الإعلام قد تخلق رد فعل وتحفز قاعدته في الولايات الرئيسية المتأرجحة مثل ولاية فلوريدا وأوهايو وينسلفانيا للتصويت بأعداد كبيرة أكثر من «الديمقراطيين»، بيد أن هؤلاء الذين يقدمون احتمالات عن فوز كلينتون أو ترامب ما زالوا يعتقدون أن انتخابات كلينتون هي التي ستخسر.