«مسك» ترسم بالضوء مشهدا إعلاميا واعدا لصناعة المحتوى واستدامته

 تركي التركي

خارج الرياض، وعلى بعد 40 كيلومترا من العاصمة، اختتمت أمس فعاليات ملتقى شوف 4 للإعلام الرقمي، إحدى فعاليات مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية مسك، من على منصة احتفالية حقيقية وليست افتراضية كالمنصات التي سيكون حولها النقاش والحديث. الأجواء معتدلة في الدرة المعتلية فوق رابية من روابي الرياض، فيما المنظمون يثرون هذا الاعتدال من وقت لآخر بدفء السلام والترحاب.

أما الحضور الذي يقدر عددهم بـ ألفي زائر فمنهم من يعرف بعضهم بعضا مسبقا، بينما أتاح هذا اللقاء تجديد العهد، ومنهم من يلتقون معا لأول مرة، على الأقل واقعيا بالنسبة للمعروفين من المتحدثين افتراضيا وإعلاميا. إذن هي فرصة ملائمة للالتقاء عن قرب وإزالة الحواجز "المصطنعة الكترونيا"، كما يؤكد لي أحد الأصدقاء الافتراضيين على "تويتر"، الذي ألتقيه هنا لأول مرة منذ بدء معرفتنا قبل خمس سنوات.

لا بد من منصات حقيقية صحية ورافدة. تصوير: أحمد فتحي - «الاقتصادية»

حواجز وخفايا صنعتها أدوات التواصل والاتصال الاجتماعي بالقدر ذاته الذي تتباهى فيه بتقريب البعيد. لذا كان لا بد من منصات حقيقية صحية ورافدة، كالتي أقامتها مسك في الهواء الطلق، تجمع خبرة التجربة بمواهب الشباب الطموح، في إثراء ملموس ومرتقب للمشهد المرئي المحلي والعربي الذي تكثر حوله الأقاويل والانتقادات، بل الضبط الجنائي أخيراً، لكن دون فعل مبادر؛ كما تفعل "مسك" إذ اختارت لملتقى شوف 4 هذا العام، في لفتة معبرة، شعارا يروم التغيير والفائدة، شكلا ومضمونًا: "لأنك تصنع المشهد .. اجعله بنّاء ومثمرا".

ولأن الصانع الأول لهذا المشهد المرئي هما الضوء والشباب بوصفهما طاقة متجددة ومستدامة، طبيعيا وبشريا، كان المشهد المختصر لورش العمل، وللمتحدثين مساء بكل ما حواه من عفوية مهذبة وحماس متطلع، يختزل الكثير من الأمنيات تجاه صناعة محتوى إعلامي منضبط معرفيا وأدبيا وفنيا، من الشباب وإلى الشباب. وإن ما ينقصه فقط كما ذكر لي أحد الشباب الخارج للتو من إحدى ورش العمل: "توجيه مستحق ومصادر دعم مادي ومعنوي موثوقة تأخذ بيد الشاب الموهوب إلى آفاق أرحب".

وهذا بالفعل هو المطلوب وفقا لمختصين حتى لا يقع الشاب فريسة لإغراءات مادية منفلتة تقدمها بعض الجهات والمنصات الرقمية، منها المعروفة التي تهتم بما يقدمه لها الشاب أو حتى الطفل من انتشار يرفع من أسهمها بغض النظر عما يقدمه هو لنفسه وللآخرين، وأخرى غير معروفة تستغل جهل الشباب وحاجتهم للانتشار بأي طريقة.

فيما تتربح هي من خلالهم عن طريق الترويج الرقمي لما يليق وما لا يليق، لما هو حقيقي وما هو زائف، ما دام الأهم بالنسبة لهؤلاء الاقتطاع ماليا من كعكة سوق إعلان رقمي متنام باستمرار.

يبقى من المهم الإشارة بإشادة إلى أن محاور "مسك" الثلاثة: الثقافة، الإعلام، والتعليم، التي من أجلها يدعى الضيوف، وتعقد الفعاليات، وتتنوع المبادرات منذ تأسيس هذه المؤسسة وإلى اليوم، هي باختصار عميق، الأسس التي يبنى عليها مجتمع "الرؤية" الحيوي، وثقافة شبابه الطموح، لخدمة الوطن وتطلعات مواطنيه، حاضرا ومستقبلا.