علي سعد الموسى

قبل ساعات قليلة من بدء الثانية الأولى لثامنة داود؛ بعثت رسالة نصية إلى الصديق العزيز داود الشريان أقترح فيها عليه أن يستضيف في الحلقة التالية ثلاثة من أهل الاختصاص للرد والتقييم على حلقة أصحاب المعالي، وأيضا كي تكتمل دائرة الوضوح بأن يسمع أصحاب المعالي أصواتنا في القاع الشعبي والمجتمعي. لكنني، وللأمانة، كنت قبل بث الحلقة أتوقع كل شيء، ولكن أقصى خيالاتي لم تكن تتوقع أن يظهروا إلى الشعب بهذا التشاؤم المخيف، وهذا الكم من الإحباط والنظرة السوداوية اللذين نسفا من عيوننا تلك الصورة الوردية لبرامج التحول الوطني والرؤية السعودية القادمة. كيف بلغت الجرأة بنائب وزير أن يتحدث عن (الإفلاس) في هذه الظروف الإقليمية والدولية العاصفة؟ وبالطبع، فصاحب المعالي لم ولن يقرأ ردة الفعل الجارفة في الداخل، ولكنني أتمنى أن يقرأ بشارته إلى أعداء هذا الوطن وهم يحتفون بنبوءته المزيفة في عشرات القنوات، ويطبعونها في مختلف صحفهم الصفراء الكاذبة. السؤال الأكبر والأهم: لماذا غاب معالي وزير التخطيط عن الجلوس الطبيعي ما بين وزيرين، ليرسل لنا بدلا من معاليه صنع كوابيس تتوالى كلماتها من لسان نائبه، وكأنه يصر على أن يذهب المواطنون خائفين إلى أسرة النوم عند التاسعة؟ من هو المستثمر العالمي الذي سيأتي إلينا إذا ما كان معالي وزير التخطيط يرسل مندوبه بوهم الإفلاس؟ كيف يذر هذا المندوب رماده في عيوننا ونحن نقرأ في ذات اليوم تغطية طرح السندات السعودية بخمسة أضعاف الرقم المطلوب، وفي مشهد غير مسبوق في أسواق الاقتصاد العالمي؟ كيف قرأ نائب وزير التخطيط - وهنا أكرر (التخطيط)- ما رآه ترفا في افتتاح الجامعات الوليدة؟ وكيف لا يعلم نائب وزير للتخطيط - وهنا أكرر (التخطيط)- أن مجرد ثلاث جامعات ناشئة من بينها تضم ربع مليون طالب وطالبة؟ وهل سيعترف بحقهم المستقبلي في الوظيفة وهو الذي لم يستطع أن يقرأهم حتى ولو أرقاما مثلجة على مقاعد التعليم؟ وإذا كان كارتيل وزارة التخطيط لا يعرف عدد طلاب الجامعات فكيف له أن يرسم لهم خطط ما بعد حفل التخرج؟ والجواب المؤكد لمعالي صاحب كلمة (الإفلاس) أن هذا الشعب الذي توحد حول إمامه المؤسس في أقسى ظروف الشتات هو نفسه الشعب الذي بنى هذه المعجزة التنموية على رمال هذه الصحراء. هو نفسه الشعب الذي مر من قبل على ما هو أدهى وأصعب وخرج منها منتصرا شامخ الرأس. 
سؤالي البريء: ألم يكن وزراء المال والتخطيط هم أنفسهم راسمي سياسة المال والتخطيط الذين صادقوا على كل الزيادات والبدلات في السنوات الأخيرة؟ لماذا إذن اكتشفوا فجأة أن المواطن البسيط هو المتسبب وهو السبب؟ لماذا تحول معالي وزير الخدمة المدنية إلى كشكول موسوعي شاهدناه يتحدث عن كل شيء: يتحدث في الاقتصاد والمال والتخطيط وهيكلة القطاعين الخاص والعام، وأنظمة الخدمة المدنية بل وحتى سلالم العسكريين ورواتبهم وبدلاتهم؟ هل لديه كل هذه المواهب الخارقة في سيرة ذاتية غير تلك المنشورة وغير تلك التي كشفها الجمهور بعد (الثامنة)؟ 
أخي العزيز داود الشريان: نحن نريد منكم مساء الأربعاء القادم وفي الذكرى الأسبوعية ليلة وطن للتاريخ: هذا وطن لن يفلس ولهذا نريد حلقة للفرح والطرب. تبدأ بالسلام الملكي كي نقف. ليلة للعرضة السعودية وللسامري وللخطوة والمزمار والدحة. نريدها حلقة تاريخية تجمل رد هذا الشعب العظيم إلى مثل هؤلاء من صناع الكوابيس. أبدا أبدا نحن لن نفلس.