بولا أسطيح

رضخ معارضو زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لواقع عدم قدرتهم على التأثير حسابيا على نتائج الجلسة النيابية المرتقبة في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، والمرجح أن تنتهي بانتخابه رئيسا للجمهورية، إلا أنهم قرروا التكتل، بهدف فرملة اندفاعته وتوجيه الرسائل بالجملة إلى داعمي ترشيحه وأبرزهم رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي حسم بقراره الأسبوع الماضي المعركة الرئاسية بترشيحه عون المتحالف مع «حزب الله».

وقال وزير الاتصالات بطرس حرب، أحد أبرز القيادات المسيحية المستقلة إنّهم لن يستسلموا لفكرة أن النتائج محسومة في الجلسة المرتقبة يوم الاثنين المقبل، «لأننا بذلك نساهم بإسقاط النظام الديمقراطي بكامله الذي يقوم على التصويت وعلى تعدد المرشحين»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على عدم وجوب إسقاط إمكانية أن «يحمل الصندوق الذي سيحوي الأوراق التي سيُسقطها النواب مفاجآت تقلب المعطيات الحالية. أضف أن النجاح بنسبة عالية لا يشبه بشيء النجاح بنسب منخفضة، ولا شك يؤسس لحالة ما بعد الانتخاب».

وكان حرب أكد أن «الفريق المعارض لانتخاب عون سيحاول دعم توجه قيام معركة جدية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، لأن المشكلة تكمن في أن أحدهم منع البلد من أن يكون لديه رئيس جمهورية، وهذا الشخص هو المرشح للرئاسة، لذلك قررنا ألا نكون جزءا من هذا الأمر، لكي لا نكرس الخضوع إلى من مارس الابتزاز السياسي لسنتين ونصف».

وتشير المعطيات إلى جهود تُبذل لتصويت كل معارضي عون لصالح فرنجية في حال بقي هذا الأخير متمسكا بترشحه ولم ينسحب من السباق الرئاسي، حتى ولو كان ذلك لن يؤدي لفوزه.

وأشار حرب إلى أنه «لو لم يقفل رئيس المجلس النيابي نبيه بري محضر الجلسة السابقة التي عقدت قبل عامين ونصف، ولم تؤد لانتخاب رئيس، لكانت الدورة التي ستنعقد الاثنين المقبل دورة ثانية وليست دورة أولى، وبالتالي تحتاج فقط لتصويت الأكثرية المطلقة لأحد المرشحين ليفوز.. أما وقد أُقفل المحضر، فقد بات وجوب حصول المرشح في أول دورة على ثلثي عدد أصوات النواب».

وبحسب الدستور اللبناني، يتوجب حضور 86 نائبا جلسة انتخاب الرئيس لتأمين النصاب القانوني، على أن ينال أحد المرشحين أقله 86 صوتا في الدورة الأولى، على أن يفوز في الدورة الثانية بمجرد حصوله على الأكثرية المطلقة.

ويؤكد ربيع الهبر، مدير عام شركة «ستاتيستيكس ليبانون» أنه ومن ناحية الأرقام والحسابات، فإن «المعركة الرئاسية باتت محسومة لصالح العماد عون، وبالتحديد بعد تبني الرئيس الحريري ترشيحه الأسبوع المقبل»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يمكن الحسم بحصول عون على 76 صوتا من أصل 127 نائبا بعد استقالة النائب روبير فاضل. وأضاف: «هناك 30 نائبا آخر لم يحسموا خياراتهم، وهناك إمكانية كبيرة لأن يعطي قسم منهم أصواتهم لصالح العماد عون.. وبالتالي إذا لم يفز بالدورة الأولى لحاجته إلى 86 صوتا، فالمحسوم أنّه يفوز بالدورة الثانية».

وتُعقد عادة الدورة الثانية مباشرة بعد فرز صندوق الاقتراع الناتج عن انتخابات الدورة الأولى في حال بقي النصاب القانوني متوفرا (86 نائبا).

وفي حين كان المراقبون يتوقعون عقد لقاء جامع لقوى «8 آذار» بدعوة من أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله لتقريب وجهات النظر بين حلفائه للتخفيف من الحدة والتشنج اللذين يرافقان عملية انتخاب عون رئيسا في ظل معارضة رئيس حركة «أمل» والمجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، أعلن صباح أمس عن لقاء عُقد مساء الأحد بين نصر الله وعون، «تم خلاله استعراض آخر المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة، خصوصًا ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي القائم وضرورة مواصلة الجهود لإنجاحه في أفضل الأجواء الإيجابية الممكنة». وقال عون بعد انتهاء الاجتماع: «جئنا نشكر السيد حسن نصر الله على مساعدتنا في حل المشكلة التي كانت مستعصية في انتخاب رئيس الجمهورية، وأعطى كل التسهيلات لحل هذه القضية، والحمد لله وصلنا إلى نهاية سعيدة. ونتمنى أن تستكمل الأمور، ودائمًا كنا نجد كل مساعدة وكل تسامح في القضايا الوطنية».

وبدا واضحا أن ما يسمى «حزب الله» الذي أعلن أمينه العام صراحة في إطلالته الأخيرة التصويت لصالح عون في الجلسة المرتقبة في 31 من الشهر الحالي، يسعى حاليا للتعويض لحليفه بري الممتعض مما آلت إليه الأمور؛ فبعدما خصص نصر الله جزءا كبيرا من خطابه الأخير للتشديد على صلابة ومتانة العلاقة مع حركة «أمل»، أكد عضو كتلة الحزب النيابية، نواف الموسوي في تصريح له تمسكهم ببري رئيسا للمجلس النيابي في العهد الجديد، لافتا إلى أن «موقع حركة أمل في المعادلة السياسية الوطنية، دور ثابت وطبيعي وراسخ، ولا يمكن لأي قوة سياسية أن تحل محلها في دورها الوطني، ولا يمكن أن تقوم مقامها»، وأضاف: «استنادا إلى هذا التحالف، نحن متمسكون بالدور المهم الوطني الوفاقي البناء الذي قام به على الدوام الرئيس نبيه بري، ومتمسكون بهذا الدور لحماية الوفاق الوطني وتدوير الزوايا وإيجاد الحلول للأزمات، ومتمسكون به مرشحا رئيسا واحدا وثابتا لرئاسة المجلس النيابي، باعتبار أن دوره لا ينحصر في رئاسة المجلس فحسب، إنما يستمر في بناء المؤسسات الدستورية والوطنية».