أنهى أمس الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة سعد الحريري، في المجلس النيابي، الاستشارات النيابية غير الملزمة قبل توجهه إلى قصر بعبدا ليطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على نتيجة هذه الاستشارات على أن يبدأ العمل سريعاً على تشكيلة حكومية.

وبشّر الحريري، بعد انتهاء الاستشارات، «اللبنانيين بإمكان تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال (22 تشرين الثاني- نوفمبر الجاري) إذا استطعنا أن نتعاون جميعاً»، مؤكداً أنه سيبدأ «العمل سريعاً لإنجاز تشكيلة حكومية». وأمل بعرضها «على فخامة الرئيس في أسرع وقت ممكن».

وقال: «اللبنانيون يريدون حكومة تبدأ العمل فوراً وهذه إرادتنا جميعاً كمسؤولين وقوى سياسية». وشكر الحريري «رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنواب على الإيجابية وإرادة التعاون التي أبدوها».

ورفض رداً على سؤال عن «فيتو من حزب الله» على تسليم «القوات اللبنانية» أي حقيبة أمنية»، الحديث عن «أي فيتو من أي فريق على فريق آخر في الحقائب الأمنية». وقال: «لا أظن أن هناك قوى سياسية تضع نفسها في مثل هذا الموقف».

وسئل عن رأيه في ما قاله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عن تفويض بري الكلام أيضاً باسم «حزب الله»، بما معناه رفض فكرة المداورة؟ أجاب: «من خلال كل هذا الجو الإيجابي الذي نلمسه في ما يخص تشكيل الحكومة، هناك تعاون كبير بين الرئيس بري وبيني وبين فخامة الرئيس، الجميع يريد تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن. والآن أعرف أن الجميع يريد أن يسأل عن أن هناك الكثير من القوى السياسية طالبت بحقائب سيادية عدة، فهذا أمر طبيعي». ولفت إلى أن «هذه الاستشارات مبنية على أن تأتي كل الكتل النيابية لتطلب ما تريد»، وهي لديها أحزاب تريد أن تتمثل في مجلس الوزراء. والجو إيجابي في البلد منذ انتخاب الرئيس عون». وتمنى على «الجميع مواكبة هذا الجو بالإيجابية وأن لا تتأخر تشكيل الحكومة بسبب مطالبة كل كتلة بأكبر حصة لها». وأضاف ممازحاً: «حتى كتلة المستقبل طالبتني بحصة وازنة».

وفي شأن الرسالة التي وجهها نصرالله، قال: «إن شاء الله إيجابيون بالتعاون مع جميع القوى السياسية في البلد لتشكيل حكومة وفاق وطني يشارك فيها أكبر عدد من الكتل السياسية».

وأجمعت الكتل النيابية أمس على دعم الرئيس المكلف، فيما ركزت مطالب من التقاهم على تشكيل «حكومة وفاق وطني» يكون في سلّم أولوياتها الشأنان الخدماتي والاقتصادي وإقرار قانون انتخاب جديد وللمرأة دور فيها. وأعلن النائبان أحمد فتفت وإميل رحمة أنهما لا يريدان منصباً وزارياً.

وكان النواب المستقلون والمنفردون والكتل النيابية سلّموا مطالبهم للحريري الذي استهل استشارات اليوم الثاني بلقاء كتلة نواب الحزب «السوري القومي الاجتماعي» التي طالب باسمها النائب أسعد حردان بـ «حقيبة أساسية»، مؤكداً «وجوب الانطلاق إلى مقاربة قانون انتخاب ينصف اللبنانيين ويقيم العدل بينهم ويوحد بين الصفوف على قاعدة لبنان دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي».

وبعدها طالب نائب بعلبك- الهرمل إميل رحمة بـ «حكومة وفاق وطني تضم الجميع»، آملاً بأن «تكون ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي جعلت من لبنان يصل إلى هذه الاستحقاقات، ظاهرة في البيان الوزاري». وأكد أنه لم يطالب بحقيبة، موضحاً أنه قال للحريري إن «أي حليف من الحلفاء المعروف أنني قريب منه أخذ حقه... يكون حقي قد وصلني».

 

«الوفاء للمقاومة»

ورحبت «كتلة الوفاء للمقاومة» التي تحدث باسمها النائب محمد رعد بـ «طرح حكومة الوفاق الوطني التي تجمع فاعليات لبنان ولا تستثني أحداً. وأكدنا أهمية هذه الحكومة وأولوية الاهتمام ولو خلال الفترة المتبقية بالوضع المعيشي ثم بتعزيز الوضع الأمني والاستقرار وما يحتاج إليه من دعم وأيضاً التأكيد على قانون انتخاب جديد يحقق أشمل وأعدل وأصح تمثيل للبنانيين». وتمنى «التوفيق للرئيس الحريري»، لافتاً إلى أن «الجو بدا متفائلاً ونأمل بأن تتم الخواتيم بسرعة». وأكد «أننا لم نطرح موضوع الحقائب والتوزيعات والأعداد لكن اتفقنا على آلية لمتابعة هذا الموضوع».

وعما إذا كان بحث والحريري في البيان الوزاري، قال: «هذا الأمر أصبح متجاوزاً منذ فترة ولا نستطيع في كل مرة أن نكرر، الامر تجاوزناه والأمور تسير».

وطالب النائب أغوب بقرادونيان باسم كتلة نواب الأرمن بـ «تشكيل حكومة من 32 وزيراً على أساس أن تتمثل الطائفية الأرمنية الأرثوذكسية بوزيرين»، موضحاً «أننا طالبنا بإسقاط بدعة الوزارات السيادية التي هي غير دستورية، فكل الوزارات سيادية». وتمنى على الحريري «الإسراع في تشكيل الحكومة لكن الإسراع لا يعني التسرّع، للبدء بورشة عمل إنجاز قانون انتخابي عادل». وأكد أن «حصتنا لم تكن في أي مرة من المرات من حصة التيار الوطني الحر، نحن كيان مستقل وحلفاء معه وحقنا بحقيبة للأرمن في وزارة من 14 وزيراً ووزيرين من 22 وما فوق، ووزير أورثوذكسي وآخر كاثوليكي من أصل 24 على أساس أكبر طائفة ضمن الأقليات».

وتمنى النائب عماد الحوت باسم «الجماعة الإسلامية» أن «تكون الجماعة ممثلة في الحكومة، وهي ترغب بأن تشارك لتنهض بمشروع الدولة وعملية بناء المؤسسات». كما تمنى أن «ينطلق البيان الوزاري من وثيقتين: بيان بعبدا الذي أجمعت عليه القوى السياسية على طاولة الحوار، وخطاب القسم». ولفت إلى أن الحريري «استجاب لهذه الرغبة واعتبر أن الوثيقتين أساس يبنى عليه».

وطالب النائب روبير غانم بـ «حكومة وفاق وطني تعيد الثقة بالدولة والمؤسسات وتؤمن الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وتعيد الاستثمارات العربية إلى لبنان وتحقيق متطلبات العيش الكريم».

أما ميشال فرعون فقال: «بعد أول حكومة، بعد الطائف هناك ما يسمى وزارات سيادية، لكن لا شيء اسمه وزارة سيادية أو غير سيادية، وكأن إبعاد بعض الطوائف من هذه الوزارات هو أمر متفق عليه. لا أحد اتفق على هذا الأمر، فقبل الطائف كانت هذه الوزارات دائماً منفتحة على الجميع».

وعما إذا كانت حقيبته ستحتسب من حصة «القوات اللبنانية»، أجاب: «كلنا يعرف أننا في الفترة التي مرت كنا في تنسيق مستمر مع القوات، ومن هذا الفريق الذي يحصن العلاقة بين الرئيس عون والرئيس الحريري وبين الدكتور سمير جعجع، وأنا شاركت بكل قوتي للوصول إلى هذا الاتفاق».

والتقى الرئيس المكلف بعد ذلك النائب دوري شمعون الذي لم يصرح، ثم التقى النائب نقولا فتوش.

وأكد النائب سيرج طورسركيسيان أن «مطالبي كانت محدودة»، رافضاً «المزايدات داخل الحكومة». وشدد على «وجوب أن تكون الحكومة الجديدة خلاصاً للبلد من دون زيادة أي ضرائب»، متمنياً أن «تكون المرأة موجودة من ضمن هذه التركيبة الوزارية وبقوة وليس ضمن كوتا معينة تطالب بها اللجان».

وطالب النائب أحمد فتفت الحريري الذي التقاه منفرداً قبل انضمامه إلى «كتلة المستقبل» النيابية بأن «تمثل المنية الضنية وعكار على الصعيد الخدماتي ومن الأفضل أن يكون ذلك على مستوى وزارة الأشغال لأن لدينا حاجات ماسة»، موضحاً «أنني غير مطروح لهذا الموقع ولا أطرح نفسي». وأكد «أنني تحدثت والرئيس الحريري في موضوع البيان الوزاري وأتمنى أن يجدد تشديده على القرارات الدولية التي لم تذكر بشكل كاف في خطاب القسم».

 

كتلة «المستقبل»

واختتم الحريري مشاوراته مع كتلة «المستقبل» النيابية التي أمل رئيسها الرئيس فؤاد السنيورة بـ «الإسراع في عملية التأليف، وهذا الأمر يقتضي المساعدة من الجميع في التسهيل». وأوضح أن «النواب أثاروا قضايا تهم مناطقهم، وكان هناك حرص شديد من النواب على أن تكون الحكومة قادرة على أن تعمل كفريق عمل متجانس يمكّنها من أن تكون منجِزة».

وكانت النائب بهية الحريري وصلت مع النائب معين المرعبي للقاء الحريري في وقت متأخر بعد اجتماع كتلة «المستقبل»، التي اجتمعت به قبل الوقت المحدد لأن «الحريري كان مستعجلاً لإنجاز الاستشارات للتعجيل بعملية التأليف»، كما أوضح السنيورة.

وطالب عضو كتلة «المستقبل» خضر حبيب بـ «تمثيل الطائفة الإسلامية العلوية في حال تشكلت الحكومة من 32 وزيراً ونكون بذلك حافظنا على حقوق الأقليات، وأن يكون لنا تمثيل في هذا الإطار».

وتلقى الحريري اتصالاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي، مهنئاً بتكليفه تشكيل الحكومة وبـ «الثقة الكبيرة التي نالها من النواب». وتمنى له «التوفيق في تأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات ومنسجمة سريعاً».