خالد أحمد الطراح

منذ التحرير، ونتيجة التلاحم الشعبي، داخل الكويت وخارجها، في مواجهة العدوان الصدامي، لبس المجتمع الكويتي ثوب التسامح والمودة المميز من جديد، كما كان الوضع عليه في كويت ما قبل النفط وبعده.
لكن لم تستثمر الحكومة هذا الوضع الايجابي اثناء فترة اعادة بناء الكويت، وبالتالي نشبت نزعة لدى البعض في «إيقاظ الفتن» من خلال دعوات وتعليقات تسللت، للأسف، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والندوات وجلسات بعض أعضاء مجلس الأمة إلى درجة الانفلات والتحريض العلني على التفرقة وإثارة النعرات الطائفية والفئوية والقبلية.
يتحمل الإعلام الرسمي مسؤولية التصدي لمثل هذه النزعات المدمرة للمجتمع المدني وخطاب الكراهية، خصوصاً في ظل محيط مضطرب وسياسات لدول مجاورة في إثارة الطائفية وتصديرها عبر شعارات حماية المستضعفين من الشيعة، وتجاهل المضطهدين الآخرين كالاحواز والاذريين والاكراد والبلوش.
منظمات حقوق الانسان ومراكز البحث اشبعت هذا الموضوع نقاشاً مستفيضاً، وكذلك التجمعات الصحافية، إلا ان الواقع او التحديات يبدو انها اكبر تعقيداً مما نتصور بسبب التأثير القاتل لمواقف ودعم بعض الدول والمنظمات للفتن والتحريض على رفض التعايش السلمي مع جميع الاطراف والآراء مهما كانت مصادرها، حتى ولو كانت ضمن نطاق الحريات التي ترتكز على احترام الرأي الآخر وعدم ممارسة الاقصائية.
الآن لدينا ما هو أخطر من خطاب الكراهية والطائفية، حيث ينتشر بين الحين والآخر تبادل الاتهامات بالتكفير، كما يسعى إلى تصديره البعض، وان «التدخل في سوريا والعراق ايضا يهدف الى مواجهة التكفيريين»، وهو نفس الغطاء الديني الذي يرفعه الدواعش في نحر الابرياء في سبيل «اقامة الدولة الاسلامية»!
هذا لا يعني عدم وجود تطرف سني من بعض المشايخ، خصوصا من يستخدم الفاظا استفزازية لمن ينتمي الى المذهب الشيعي، وهذا بحد ذاته اثارة طائفية مدمرة لكل الاطراف وربما افضل وصف انها باتت تجارة في تصدير الكراهية والتحريض على تمزيق نسيج المجتمع الكويتي والشعوب الاخرى.
قضايا كهذه تحتاج الى ترسيخ لمفاهيم التسامح، منعا لتدفق خطاب الكراهية وازدراء الاديان. وربما نقطة البداية ان تبادر الحكومة الى مراجعة اي قرارات تنطوي على وأد الطائفية، وان تتبنى خطط التنمية والإعلام على وجه الخصوص، تحرك مهني وباحتراف في كيفية تصدير التسامح ونبذ خطاب الكراهية بدلا من التركيز على مسلسلات دراما وكأن الهدف الاساسي لوزارة الاعلام فقط الترفيه! بينما يفترض ان تكون هناك اهداف تثقيفية يشرف عليها من هو قادر على التصدي للغلو وليس الاجتهاد باتجاهات متواضعة!
هناك اتفاقيات دولية ينبغي ان تبادر دول مجلس التعاون الخليجي الى تطبيقها لمصلحة ترسيخ التسامح والعدالة الاجتماعية ومكافحة خطاب الكراهية وازدراء الاديان، فنحن وسط محيط اقليمي ملتهب بالطائفية والكراهية.