هل كانت الانتخابات الرئاسية اختلفت لو لم تسبق الانتخابات الأميركية؟

روزانا بومنصف

عشية الانتخابات الاميركية التي يترقب العالم نتائجها ، لم يفت البعض الملاحظة ان ما حصل في لبنان لجهة حسم موضوع انتخاب رئيس للجمهورية بعد عامين ونصف من الشغور في سدة الرئاسة الاولى انما حصل قبل اسبوع واحد من موعد الانتخابات الاميركية. وليس موضوع الاسبوع او عشرة ايام او اقل او اكثر بقليل هو نقطة الثقل في هذا المعطى بل واقع انه تم قبل هذه الانتخابات فيما لا يعتقد اصحاب هذه الملاحظة انها مصادفة عابرة بل يفضلون اعتبار انها مقصودة ومتعمدة. اذ ان التوقعات التي ارتبطت بهذه الانتخابات انما بنيت على اساس احتمال انتظار ايران وصول ادارة اميركية جديدة من اجل ان تبيعها انجاز الانتخابات الرئاسية في لبنان باعتبار ان احدا لا يبيع شيئا لادارة راحلة هي ادارة الرئيس باراك اوباما او حتى بمجرد حصول الانتخابات الاميركية وقبل تسلم الرئيس او الرئيسة مقاليد السلطة في الولايات المتحدة. يضاف الى ذلك الربط الآخر الذي حصل مع حتمية بروز مؤشرات ما في الموضوع السوري من اجل حسم الموضوع في لبنان على غرار نظرية الاوعية المتصلة. السؤال الذي يطرحه البعض في هذا الاطار هو ما اذا كانت الانتخابات اللبنانية التي سبقت الانتخابات الاميركية كانت لتكون مختلفة لو لم تجر قبلها بحيث كانت لتحدث تغييرا ما في المعطى وفي الحسابات الاقليمية في حال فوز اي من المرشحين اي هيلاري كلينتون او خصمها دونالد ترامب خصوصا ان هناك مدا وجزرا حصلا في حظوظ المرشحين اي العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية قبل ان تحسم لمصلحة الاول في نهاية الامر انما ليس من دون تردد ومعارضة لم تكن قليلة ولو هادنت لاعتبارات متعددة لا مجال للدخول فيها؟ وهل لهذا اهمية فعلا ام ان اللبنانيين يكبرون حجمهم او اهميتهم من خلال ربط تطور الواقع السياسي في لبنان باستحقاقات دولية او اقليمية معينة من دون اغفال تأثر لبنان بما يحوط به؟

تتناقض الآراء في هذا الشأن بين رأيين سياسيين احدهما يعتبر ان استعجال العماد عون ان تكون جلسة 31 تشرين الاول هي جلسة انتخابه انما نتيجة لادراكه ان الحسابات يمكن ان تتغير وربما لغير مصلحته خصوصا متى كان استحقاق كالانتخابات الاميركية على الابواب. اذ سبق لجلسة 8 آب المنصرم ان طارت وهو كان ضامنا وصوله في تلك الجلسة ولم يحصل ذلك خصوصا انه مدرك ان هناك معارضة لانتخابه يمكن ان تنجح متى انتهت الانتخابات الاميركية في استدراج اهتمام قد يطيح حظوظه. وبالنسبة الى هؤلاء ممن لا يعتبرون الرئاسة طبخة لبنانية صرفة فان ايران استطاعت تمرير ما تريد في لحظة دولية مناسبة تتمثل في وقت ضائع للانتقال بين ولايتين رئاسيتين وهو الوقت المفضل الذي تختاره دول عدة لفرض امر واقع يصعب تجاوزه على ما يسود الاعتقاد ايضا بالنسبة الى احتمال ان تسجل روسيا امرا واقعا اضافيا من خلال مساعدة النظام على السيطرة على حلب في الوقت الاميركي الضائع وقبل تسلم الادارة الجديدة في اميركا خصوصا اذا كانت هذه الادارة برئاسة هيلاري كلينتون . يضاف الى ذلك ان انهاء الملف الرئاسي في لبنان وفق ما حصل في ظل تحفظات دولية عن وصول الجنرال عون الى الرئاسة في نهاية عهد اوباما لن يستدرج اي ردود فعل تذكر علما ان لبنان لم يرد في سلم اهتمام اوباما من جهة في حين ان فرنسا وهي الطرف الذي يهتم بلبنان عادة اكثر من سواها هي في خضم حملات رئاسية استعدادا للسنة المقبلة وهي فشلت وحدها في انقاذ الملف الرئاسي . فالرئيس في لبنان غالبا ما يكون رئيسا في اللحظة المناسبة ونتيجة ظروف محددة نتيجة حسابات سياسية لانه لا ينتخب مباشرة من الشعب .


الرأي الاخر يعتبر ان الانتخابات الاميركية وحسب نتيجتها لم تكن لتؤثر فعلا لاعتبارات متعددة من بينها في شكل اساسي ان لبنان لا يرد في اهتمام الولايات المتحدة وهو كان سيتعذر عليه انتظار تسلم كلينتون او ترامب الرئاسة مطلع السنة المقبلة خصوصا ان استحقاقات مهمة باتت تدهمه ومنها في شكل اساسي الوضع الاقتصادي وحتمية اجراء انتخابات نيابية في الربيع المقبل. اصحاب هذا الرأي يعتقدون ان الطبخة الرئاسية كانت داخلية في جزء كبير منها، على رغم عدم امكان نفي ربط الجميع سابقا هذا الاستحقاق بالعوامل الخارجية الاقليمية منها في شكل خاص ،انما التركيز على ان الانتخابات كانت محلية بنسبة اكبر اكثر انما انها سجلت وفق هؤلاء تنازلات كبيرة لم تحصل الا نتيجة ظروف معينة يعتقد انها لم تكن لتتغير في المدى القريب جدا. يضاف الى ذلك ان المعطى الاقليمي ليس مرشحا لان يتغير قبل وصول الادارة الاميركية الجديدة وبدء تعاطيها مع ملفات المنطقة حيث يكون انعكاسها على لبنان وليس كون لبنان بين اولوياتها وهذا المعطى رجح في كفة وضع اقليمي معين استفاد من اجل دفع الامور في اتجاهات معينة. والاعتبارات الداخلية التي رجحت حصول الانتخابات في نهاية الامر انما اتكأت على تلاقي مصالح داخلي جعل القدرة الداخلية على انتخاب رئيس تطغى على الاعتبارات الخارجية ظاهريا بغض النظر عن القدرة على الحكم بعيدا من هذه الاعتبارات في حال تم التسليم جدلا بان الامور ستكون مختلفة كثيرا عن ادارة مرحلة ازمة في انتظار انتهاء ازمات المنطقة. وعلى الارجح فان هذه المعضلة لم تعد مهمة راهنا.