زياد الدباس

 A+a-النسخة: الورقية - دوليالسبت، ٢٦ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٦ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)

تشكل احتياطات العملات الأجنبية في أي دولة حماية فعلية للعملة الوطنية، وتُعَدّ من عوامل جذب المستثمرين وعصباً للنمو الاقتصادي، ناهيك عن مساهمتها في تعزيز الثقة في السياسات النقدية للدولة المالكة هذه الاحتياطات والثقة في سعر صرف العملة الوطنية.

وتساهم الاحتياطات الكبيرة في دعم موقف المصارف المركزية على صعيد التدخل بكفاءة في سوق الصرف ومقاومة أي ضغوط خارجية على العملة المحلية، ما يساهم في ثبات العملة واستقرار قوتها الشرائية ويؤدي دوراً في إيجاد مناخ اقتصادي مستقر وجاذب الاستثمارات الأجنبية كما يساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية. ولارتفاع الاحتياطات الأجنبية دور أساسي في الحصول على تصنيفات ائتمانية متميزة.

في مصر التي حررت سعر صرف عملتها الجنيه، كانت الاحتياطات النقدية الأجنبية تراجعت في شكل حاد، ما دفع مؤسسات التصنيف العالمية إلى خفض التصنيف الائتماني لمصر. فارتفاع قيمة الاحتياطات يدعم ثقة الأسواق في قدرة الاقتصاد والدولة بالوفاء بالتزاماتها ومديونياتها الخارجية، مع الأخذ في الاعتبار أن الاحتياطات الأجنبية لأي دولة هي مقياس للملاءة المالية التي يتمتع بها اقتصادها وصمام الأمان الذي يحميه من أي صدمة.

نلاحظ هنا مدى قوة العملات الوطنية لدول الخليج، مثلاً، وعدم وجود مبررات منطقية لتعويم أسعار صرف هذه العملات أو تخفيضها، فالاحتياطات الأجنبية ضخمة، إذ بلغت قيمتها في دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة نحو 791 بليون دولار نهاية العام الماضي، أو 6.6 في المئة من إجمالي الاحتياطات العالمية.

عربياً، تحتل السعودية المرتبة الأولى في إجمالي الاحتياطات من النقد الأجنبي، تليها الجزائر فالإمارات فالكويت ثم قطر. في المقابل، تبلغ قيمة الاحتياطات الأجنبية لليمن، مثلاً، نحو 5.3 بليون دولار فقط.

معلوم أن صندوق النقد الدولي اشترط على مصر للحصول على قرض قيمته 12 بليون دولار تعويم سعر صرف الجنيه لتضييق الفارق بين السعرين الرسمي والسعر في السوق السوداء، مع الأخذ في الاعتبار أن التراجعات الكبيرة للجنيه المصري في مقابل الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، أعطت مؤشرات مهمة إلى وجود اختلالات هيكلية يعانيها الاقتصاد المصري، وفي مقدمها الانخفاض الكبير في احتياطات العملات الأجنبية التي تراجعت من 36 بليون دولار عام 2011 إلى أقل من 19 بليوناً قبل قرار التعويم، وهو مستوى يغطي واردات السلع الأساسية لثلاثة أشهر فقط.

في المقابل، أكدت المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وفي مقدمها صندوق النقد عدم وجود انحراف في سعر الصرف الحقيقي للدينار الأردني عن سعر الصرف التوازني، ما يؤكد أن نظام سعر الصرف الحالي، بعد تثبيت سعر صرف الدينار في مقابل الدولار الذي مضى على تطبيقه أكثر من 20 سنة، يتوافق مع أساسيات الاقتصاد الأردني ويساهم في دعم النمو الاقتصادي من خلال تعزيز أساسيات الاستقرار المالي والنقدي.

وساهمت سياسة الربط في الأردن في ترسيخ الاستقرار النقدي من خلال الحفاظ على معدل تضخم منخفض وعززت الثقة في اقتصاد المملكة وعملتها الدينار، وساهمت في زيادة تنافسية الصادرات وتعزيز قيمة الاحتياطات من العملات الأجنبية التي بلغت 11.64 بليون دولار نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي. وهذه الاحتياطات تكفي لتغطية حاجات الأردن من المستوردات السلعية والخدمية لفترة تقترب من سبعة أشهر. وتتجاوز قيمة الاحتياطات الأردنية الكثير من المعايير والمقاييس الدولية المستخدمة في تقويم كفاية الاحتياطات الأجنبية لأي دولة، وأهمها تغطية الواردات لحد أدنى يساوي ثلاثة أشهر، إضافة إلى ارتفاع نسبة الاحتياطات من معروض النقد ونسبتها إلى الديون الخارجية القصيرة الأجل.

وتتميز الاحتياطات من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي نسبة مهمة من ودائع غير المقيمين بالعملات الأجنبية لدى الجهاز المصرفي الأردني، علماً أن بعض المحللين لا يأخذون في الاعتبار قيمة الاحتياطات بالعملات الأجنبية المتوافرة لدى المصارف الأردنية، والتي أصبحت تتجاوز احتياطات المصرف المركزي، ما شجع المستوردين والمصدرين على الاعتماد على هذه الاحتياطات في تبادلاتهم التجارية.