غسان حجار

ليس مهماً اذا كان كلام نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان من عندياته، او موحى به كما في ردّه على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الاسبوع الماضي. المهم هو المضمون الذي لم يكن من أدبيات الخطاب الشيعي في الاعوام الماضية، بل عمل اركان المذهب الشيعي في لبنان على اطفاء نار الحرائق المذهبية، مع السنّة تحديداً، كما مع المسيحيين. ولم يكن خيار دعم "حزب الله" العماد ميشال عون الى الرئاسة إلا من هذا القبيل، رغم تعاطفهم الضمني مع النائب سليمان فرنجيه اكثر، لكنهم ادركوا أن عون اقدر، بل هو تمكّن من حمل المسيحيين في لبنان، وربما في المنطقة، الى خيارات وسياسات جديدة تنسجم مع الخط او المشروع الذي يؤيدونه.

فقد اعلن الشيخ عبد الأمير قبلان انه توقف عند المشهد الذي حصل الأحد الفائت خلال انتخابات أربعة أعضاء لمجلس نقابة المحامين في بيروت "والتي أفرزت استمرار انعدام التمثيل الشيعي في النقابة للسنة الثالثة، الأمر الذي نعتبره يشكل ضربا للميثاقية المتفق عليها في النقابة منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي، وللعيش المشترك الذي دفعت الطائفة الإسلامية الشيعية ثمن تكريسه غالياً في الحياة السياسية والإجتماعية. لذلك فاننا نطالب بأن يتشكل مجلس نقابة المحامين في بيروت مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وأن تتم المداورة على منصب النقيب بين مختلف الطوائف أسوة بما يحصل في نقابات أخرى، وفي حال عدم التجاوب مع هذا المطلب فاننا نرى لزوم العمل بجدية من قبل ممثلي الطائفة في مجلس النواب على إنشاء نقابة أخرى للمحامين يتمثل فيها المسلمون الشيعة تمثيلا صحيحاً".


والكلام الاخير للشيخ قبلان عن "انشاء نقابة جديدة للمحامين يتمثل فيها الشيعة تمثيلا صحيحا" يعني شرذمة جديدة للعمل النقابي وضربة له، واذا ما عطفناه على كلام سابق تخوّفَ من العودة الى ميثاق العام 1943، يظهر الشيعة وكأنهم طائفة محرومة، ويتنامى لديها الشعور الاقلوي الذي يقلق الآخرين. وهو بالتأكيد شعور في غير محله. بل إنه يولّد شعوراً لدى الآخرين برفضهم شركاء، او بالأحرى رفض وصول مسيحي قوي الى الرئاسة، والاعتراض على الاتفاق المسيحي الداخلي، كما على التقارب المسيحي السني. وهذه امور تناقض كل مسببات الحوار الذي رعاه الرئيس نبيه بري بهدف تقريب وجهات النظر.


إن المطالبة بعدالة التمثيل في السلطة كما في النقابات "حق ميثاقي" ولا غبار عليه في بلد التوافقات. لكن طريقة المطالبة به جاءت بغير وجه حق، ويراد بها رفع السقوف، وزيادة العراقيل، وتعيد بغير قصد إحياء المشروع الارثوذكسي بان تختار كل طائفة من يمثلها، مع المحافظة على التوزيع المذهبي ودائماً تحت عنوان "الميثاقية"، وهو المشروع الذي اجمع الشيعة على رفضه.