ميرزا الخويلدي 


خسارة بارزة مني بها المرشحون المنتمون لكتلة الأغلبية السابقة من النواب السابقين المقاطعين للانتخابات على أساس الصوت الواحد، والذين شاركوا بكثافة في هذه الانتخابات، كما خسر نواب محسوبون على المعارضة، وتراجع تمثيل النواب الشيعة إلى ستة نواب في المجلس الجديد مقارنة مع تسع نواب في المجلس السابق، ولم يصوت الناخبون الشيعة لشخصيات دينية.

ومع صعود الجماعة المحسوبة على الإخوان المسلمين (حدس)، التي حصدت أربعة مقاعد (الشاهين، جمعان، الدلال، عبد الله فهاد)، فقد التجمع السلفي رموزه البارزة أمثال أحمد باقر، وعلي العمير، وحمود الحمدان.

الصوت الأقوى في البرلمان الجديد، هو المعارض لإعادة انتخاب رئيس المجلس السابق مرزوق الغانم لتولي رئاسة المجلس، والذي يزيد تعداده على 20 نائبًا، لكن وجود كتلة شبابية «رمادية» اللون السياسي من شأنه أن يمنح المجلس شيئًا من الغموض في ما يتعلق بعلاقته مع الحكومة، وذلك قبل تشكيل الحكومة التي يصبح أعضاؤها أعضاء في المجلس ويمكنهم ترجيح الكفة، وأبرز الفائزين الشباب: عمر الطبطبائي، عبد الوهاب البابطين، الحميدي السبيعي، خالد المونس.

وإذا نجح المعارضون وهم خليط من إسلاميين وليبراليين ومستقلين وقبليين في تجميع صفوفهم فسوف يتمكنون من تكوين كتلة معارضة يعتد بها، لكن المراقبين يشككون كثيرًا في إمكانية حدوث ذلك، نظرًا للتباينات الصارخة بين الأطراف.

وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قد أصدر نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي مرسومًا قضى بحل مجلس الأمة، بعد طلب الحكومة، موعزًا السبب إلى وجود «مخاطر إقليمية»، و«تحديات أمنية» تواجهها البلاد.

وتكشف هذه الخطوة الرغبة في قيام مجلس يتقاسم مع الحكومة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، خاصة بعد أن سجلت عجزًا بلغ 4.6 مليار دينار (15.3 مليار دولار)، خلال السنة المالية 2015 - 2016، هو الأول من نوعه منذ 16 عامًا، متأثرة بتراجع أسعار النفط عالميًا، بحسب ما صرح به وزير المالية أنس الصالح، في أغسطس (آب) الماضي.

في حين سجلت البطالة أرقامًا قياسية في البلاد، قالت عنها مصادر رسمية إن نسبتها وصلت في الكويت إلى 19.40 في المائة.

وتهيمن على الناخبين مشكلة البطالة، إلى جانب التردي الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد جراء تراجع عائدات النفط. فقد انحدرت إيرادات الكويت، إلى أقل مستوياتها منذ سنين، حيث بلغت 13.63 مليار دينار (45.5 مليار دولار)، بانخفاض 45 في المائة عن العام السابق، فيما بلغت النفقات 18.24 مليار دينار (60.5 مليار دولار)، بتراجع قدره 14.8 في المائة. وانخفضت إيرادات النفط بـ46.3 في المائة، خلال العام المالي 2015 – 2016.

وخلال الحملة الانتخابية صب المرشحون جام غضبهم على المجلس السابق الذي كان يوصف بأنه صديق للحكومة، وتم في عهده تمرير كثير من القرارات غير الشعبية، ومنها خفض الدعم عن بعض السلع، وزيادة أسعار البنزين والمحروقات، وزيادة تعرفة الماء والكهرباء.

ورجح محللون أن تؤدي التركيبة الجديدة لمجلس الأمة، إلى خلافات على قضايا عدة، ونقلت «رويترز» عن إبراهيم الهدبان أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، قوله إن مقاطعة الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان) للمجلسين السابقين خدمتها ولو كانت شاركت فيهما واعترضت على القرارات الحكومية لخدمها ذلك أيضًا.

في حين قال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عائد المناع لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج الانتخابات أفرزت برلمانًا شبابيًا يمتلك أعضاؤه كفاءات علمية مرموقة. لكنه أضاف أن الحضور الشبابي أعطى للمجلس شكلاً غامضًا في ما يتعلق بالميول السياسية للأعضاء الشباب.

وقال: «المعركة المقبلة ستكون على رئاسة المجلس، وبطلاها تحديدًا الرئيس السابق مرزوق الغانم، والنائب المخضرم عبد الله الرومي». وأضاف: «مع تصاعد حدة المعارضة لإعادة ترشح مرزوق الغانم، فإن رئاسة مجلس الأمة ستكون نقطة الجذب المقبلة. وسبق للغانم أن تبنى ترشيح الرومي». وتابع مناع: «الدور الآن على الحكومة لكي تتفاعل مع نتائج هذه الانتخابات، وتأتي بحكومة تتواكب مع هذا التغيير، وخصوصًا في احتضان القوى الشبابية القادرة على إيجاد حلول للمعضلات الاقتصادية، مع رؤية جديدة لمواجهة أزمات المنطقة السياسية».

وهذه هي الانتخابات السابعة التي تجري في الأعوام العشرة الماضية، ويبلغ عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت في الكويت 483 ألف ناخب نحو 48 في المائة منهم من الرجال و52 في المائة من النساء. ويبلغ عدد سكان الكويت 4.4 مليون نسمة منهم 1.3 مليون من المواطنين و3.1 مليون من الوافدين.

وتتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، يتم اختيار 10 نواب من كل دائرة، ويحق لكل ناخب الإدلاء بصوته لمرشح واحد فقط في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر التصويت باطلاً لأكثر من ذلك. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين في مجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم ولا يزيد عددهم على 16 وزيرًا.

ويغلب على المجلس الجديد الكفاءات العلمية، بالإضافة إلى معدل أعمار هو الأصغر في عمر مجالس الأمة السابقة، ويحمل 41 عضوًا من إجمالي أعضاء مجلس الأمة المنتخبين الشهادات الجامعية فما فوق، ليشكلوا بذلك ما نسبته 82 في المائة من إجمالي عدد الأعضاء. وهناك ثمانية أعضاء من حملة شهادة الدكتوراه، وتخصص 14 عضوًا في العلوم السياسية والاقتصاد والمحاسبة وإدارة الأعمال، فيما تخصص 11 عضوًا في الحقوق والدراسات القانونية وأربعة أعضاء في العلوم الإسلامية والشريعة والفقه والفكر الإسلامي.