علي سعد الموسى

يقول شيخ "القذف" الذي طعن بلا حياء أو خجل في شرف وأعراض آلاف الأسر السعودية اللواتي تعمل بناتها في مختلف شرائح القطاع الصحي، إنه "لا يقف ضده إلا المنافقون والليبراليون... ومن يظن أنني غلطت في حقه فليذهب للقضاء". لا أعرف ماذا سيقول بعد أن قال سماحة المفتي رأيه الواضح فيه، ومعه أيضاً عشرات الدعاة وطلبة العلم؟ وهل ينطبق على هؤلاء العلماء الأفاضل أيضاً ما كان بين "قوسيه" السابقين. وبالطبع، يتحدى شيخ "القذف" حتى أنظمة المرافعة وطاولات القضاء وهو يتحدث عن استعداده للذهاب مع من يريد وبشربة كوب بارد. ومن المؤكد تماماً، في ظل هذا الرفض الجارف الحازم على مستوى الخطابين الديني والشعبي لهذه السقطة الأخلاقية، أننا انشغلنا بالخطأ النسبي في اتهامه لعشرات آلاف الأسر بالدياثة، على حساب الخطأ القبيح الأعظم، وهو يصور كل شرائح هذا الشعب وأطيافه على أنهم "عرايا جنس" وظماء شهوة لا تشبه إلا قطيع حيوانات في محمية أو غابة. تأملوا هذه الجملة المقززة لكل المشاعر، لا للمسلم فحسب، بل للنوع الإنساني وهو يقول "أنا وأنتم كلنا فحول، وكلنا نشتهي وإذا رأينا امرأة جميلة ألا نعشقها ونهواها". لغة ساقطة تخجل حتى من كتابتها وإعادة نشرها للرأي العام. لا لا لا... يا أخي، لا تتحدث عنا بالنيابة، ولا تأخذنا مع "أناك" بصيغة الجمع في "وأنتم". لسنا فحولا إلا في الحلال والحق، ولسنا براميل شهوة مفلوتة، ولسنا أيضاً كلاباً ضالة في الخبت المفتوح تتزاوج وتتراكب بلا وازع أو ضمير أو دين أو روابط أعراف وأخلاق.

نساؤنا العفيفات الطاهرات، مهما كان الجمال، لسن بضاعة معروضة في شواطئ الهوى ودكاكين الليل. لا تتكلم باسمنا أبداً أبداً لتقول إننا "نعشق ونهوى" بمثل هذا التصوير الفج الذي لا يعكس أخلاقنا ولا تربيتنا ولا حشمة وتقوى أهلنا في وطننا. لا يحق لك أبداً أن تجعلنا معك في "أنا وأنتم" ولا تحشرنا في شهوة أو عشق أو هوى. لك أن تتحدث عن ضمير المتكلم بكل ما شئت ولكن لا تضم ضمير المخاطب ولا الغائب إليه ثم تسبغ علينا هذا السقوط الأخلاقي من أوهام خيالاتك التي رفضها كل علمائنا الكبار الثقات بحزم وجزم ومعرفة. لا تكرر علينا بعض خطاب الشلل والعار الذي نسمعه بين الفينة والأخرى في بعض خطب ومقاطع الشبق والهوس الجنسي المقيت الذي لم ير حتى في جنان الخلد وجوار الرحمن الأعلى إلا الجنس مع الحور العين، ثم ساقوه إغراء ولوحده من بين كل فضائل ورحمات الله على عباده. نحن أرفع وأسمى من هذا التصوير المقزز الذي لا يأخذنا إلا إلى عدمية الفوارق بين الإنسان والبهائم. نحن أكبر من كل هذه الخيالات التي لا ترانا في هذه الحياة إلا دمى تحركها غرائز الشهوة من النوم إلى النوم، فلدينا في تفاصيل يومنا آلاف وظائف الاستخلاف. نحن يا شيخ القذف بالفطرة على غير ما تظن وعلى خلاف ما تراه، ونحن لم نأت لهذه الحياة لمجرد وظيفة "الفحولة" فتحدث عن نفسك ولمفردك فلا تقل "أنا وأنتم". أما هؤلاء الشريفات من حفيدات "رفيدة وأم سليم" رضي الله عنهن، فلم يفعلن سوى ما قاله سيدنا المصطفى لصحبه حين جُرح سعد بن معاذ يوم الخندق "اذهبوا به إلى خيمة رفيدة حتى أعوده" ولست بأكثر غيرة من محمد على صحبه ونساء قومه. مشكلة كل شريفة عفيفة معك أنك لا تقرأ، ولكم كامل العذر ففي غياهب الجهل ينشغل المرء فينا بخزعبلات الصورة الأجهل الأسوأ.