سالم حميد

لا تزال قضية الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران في صدارة الاهتمام الرسمي والشعبي في دولة الإمارات. ومع الاحتفالات بذكرى مرور 45 عاماً على قيام الاتحاد، نستلهم من هذه الذكرى القيم الوطنية وحب الأرض وشموخ الإنسان الإماراتي، الذي اكتسب بقوة الاتحاد ورسوخه الثقة بمستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً. وتتجدد الثقة أيضاً بقيادة الوطن وبالخيارات الدبلوماسية الناجحة التي تنتهجها الدولة فيما يخص التأكيد المستمر على حق الإمارات في السيادة على الجزر المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى.

لقد حقق منجز الاتحاد رؤية واضحة لمستقبل الإمارات، عنوانها التقدم والتخطيط الجيد الذي يضمن رفاهية وسعادة الأجيال الإماراتية لعقود قادمة، كما حقق تراكماً في تقاليد السياسة الإماراتية الخارجية القائمة على الثقة بالذات والانطلاق من الشعور بالمسؤولية.

وبشأن موضوع الجزر المحتلة، استطاعت الإمارات بثقتها في حق السيادة على الجزر أن تضع إيران في موقف الخصم المرتبك الذي لا يملك سوى التصريحات العدائية القائمة على الإنكار بلغة مهزوزة تفتقر لليقين. وهذا هو السر الذي يدفع طهران بين فترة وأخرى إلى الضجيج الإعلامي. ومقابل مواجهة الحقائق التي تطرحها الإمارات بهدوء وثقة، تلجأ إيران إلى الانفعال الإعلامي المصطنع، لتغطية الشعور بالفشل في التعاطي مع موضوع الجزر الإماراتية.

ونتيجة لحرص الإمارات في كافة المحافل الدولية والإقليمية على تأكيد حقها في الجزر المحتلة واستعدادها للتحكيم الدولي، أصبح المجتمع الدولي على علم بأن إيران لا تملك أية وثيقة تثبت ملكيتها للجزر المحتلة، وإلا لما ترددت في القبول بالخيار الإماراتي المتمثل في طلب التحكيم الدولي للبت في موضوع الجزر. وتعرف طهران مسبقاً أنها ستخسر في محكمة لاهاي، لذلك تتهرب بشتى الطرق من بالتحكيم، وتغطي على تهربها بالصراخ الإعلامي المبتذل.

وكما نعرف فقد بدأت واقعة الاحتلال بضعة أيام قبل ال30 نوفمبر 1971 عندما كان العسكري أول رقم 190، سالم سهيل خميس من شرطة رأس الخيمة، يؤدي مهامه في جزيرة طنب الكبرى، ويرأس خمسة أفراد آخرين. أي أن العدد الإجمالي الذي كان يحرس الجزيرة حينها كان ستة أفراد فقط.

يومها استيقظ سكان الجزيرة على أصوات الطائرات العسكرية والسفن والزوارق الحربية الإيرانية المدججة بأحدث الأسلحة. وبينما استمرت الطائرات تحوم حول الجزيرة، أدرك العسكريون الإماراتيون الستة أنه غزو إيراني، فوضعوا أنفسهم على أهبة الاستعداد، وبدؤوا بالفعل مواجهة الآلة الحربية الإيرانية ببنادق بسيطة من نوع «أي فان».

قبل أن تبدأ المعركة، قام الغزاة بإسقاط المنشورات على أهالي الجزيرة، تأمرهم بالاستسلام وعدم المقاومة، وأنهم أصبحوا من رعايا الدولة الإيرانية، وهذا ما رفضه الأهالي، وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة بادر العسكريون الستة بإطلاق النار عليهم، ثم أمر سالم سهيل زملاءه بالتجمع حول سارية العلم، والدفاع والذود عنه، وتمكن الفرس من تعطيل جهاز اللاسلكي، واستمر حراس الجزيرة في إطلاق النار على كل من يحاول من الغزاة اختراق مركز الشرطة، ثم هدأت المعركة قليلاً وطلب الغزاة التفاوض على استسلام الجنود الإماراتيين، لكن سالم سهيل ردّ عليهم بأن علم بلاده لن ينزل من ساريته، وعاد الاشتباك واستمر لمدة ثماني ساعات، فاستعان الفرس بجنود كوماندوز ومظليين لاقتحام المبنى، قُتل منهم أربعة على يد الجنود الإماراتيين، وكان بين القتلى قائد للإيرانيين برتبة جنرال، ورد الإيرانيون بإطلاق قذائف من زوارقهم الحربية، وأصيب الجنود الإماراتيون بالإنهاك، وجرح اثنان منهم بطلقات إيرانية، وعندما أدرك سالم سهيل أنهم خسروا المعركة وقف عند سارية العلم إلى أن استشهد.

تلك باختصار قصة الجزر الثلاث المحتلة التي سوف تبقى إماراتية الهوية والانتماء، وسوف تظل ذكرى اليوم الوطني مناسبة لاستعادة قصة السطو المسلح الذي قامت به قوات الاحتلال الإيراني، باستغلالها انشغال الإماراتيين آنذاك لترتيب بيتهم الداخلي استعداداً لإعلان ميلاد الاتحاد.