سلطان الكنج

أطلق ناشطون سوريون وشرعيون في حلب حملات إعلامية عدة تطالب فصائل المعارضة هناك بالتوحد، محمّلة إياها مسؤولية تقدم قوات النظام السوري في أحياء حلب الشرقية التي كان يحاصرها، وتمكنه من السيطرة على الأحياء الشمالية الشرقية بشكل كامل.

يقول الشيخ الشرعي والقاضي في «جيش الفتح» عبد الرزاق المهدي في حديث لـ»القدس العربي»: إن لم يتم استدراك الوضع من قبل مقاتلي المعارضة فقد تسقط حلب المدينة بالكامل، موضحاً أنه إذا اجتمعت الفصائل عسكرياً، فعليها أن تنفذ واجباً شرعياً غفلت عنه وهو التجنيد الإجباري للشباب، فهناك عشرات الآلاف في المناطق المحررة وفي المخيمات وفي تركيا، ونحن في جهاد، وقتالنا للرافضة هو قتال عقائدي.
كما دعا المهدي المقاتلين إلى إنقاذ حلب من السقوط بيد النظام، مؤكداً على أهمية أمور عدة لإنقاذ حلب، أولها اندماج الفصائل الكلي في جسد واحد، كدولة صغيرة أو حكومة، وهذا واجب شرعي فإن لم يتمكنوا من ذلك فعليهم توسيع جيش الفتح ليضم جميع الفصائل بما فيها «الجيش الحر».
كما اعتبر أن الفصائل ثلاثة أنواع، بعضها قدم ما يستطيع، وبعضها قدم لكنه قصّر وبإمكانه أن يقدم أكثر، والبعض الآخر وخاصة بعض الفصائل الحلبية التي حوصرت، لم يقدم إلا القليل، بل لم يكن صادقاً ولا جاداً في قتال النظام، ولم يصلنا من هناك إلا بعض الأخبار التي تفيد بأن بعض المجموعات في حلب، تقاسمت المناطق وصار الواحد منهم زعيم حارة، لا يهتم إلا بنفسه وبجماعته، حيث يطلقون بعض القذائف على النظام بهدف التصوير، ولا تصيب الهدف فيجمعون الفوارغ، بهدف الحصول على دعم فقط.
وناشد الشيخ المهدي العالم الإسلامي، العلماء والسياسيين في الدول «السنية»، «دعم الثورة السورية، كما يدعم العالم كله النظام، وليعلموا أن سوريا هي باب مشروع شيعي وهو الدولة الفاطمية الباطنية».
كما انتقد الدور التركي تجاه ما يجري في حلب، قائلاً: لم تقم تركيا بالدور المطلوب، والذي كنا نتوقعه، فهي بإمكانها أن تقدم أكثر للثورة السورية من خلال التسليح النوعي، والعمل على توحيد الفصائل.
وطالب المهدي فصائل عملية «درع الفرات» بأن يساهموا في قتال النظام، وفك الحصار عن حلب، «فكما تقاتلون تنظيم الدولة، فعليكم أن تقاتلوا النظام الذي يغتصب النساء ويذبح الأطفال».
من جهته، يقول الفاروق قائد «أحرار الشام» في حلب المدينة لـ»القدس العربي»: إن هجوم النظام العنيف، أجبرنا على الانسحاب من بعض الأحياء، حيث استمر هجومه قرابة أسبوع من القصف المكثف، إذ بلغ عدد غارات طيرانه والطيران الروسي أكثر من 1500 غارة.
ويرى القيادي في «أحرار الشام» أن تفرق الفصائل هو السبب الأكبر لهذا التقدم، فعلينا الآن أن نجد سبيلاً لإخلاء الجرحى وتجنيب المدنيين مزيداً من القتل، معتبراً أن سقوط حلب بيد النظام حتى الآن لم يحسم، ولا زلنا قادرين على فعل الكثير.
ويقول عطية الله، القيادي في «جبهة أنصار الدين» في حديث لـ «القدس العربي» إن: الوضع في حلب يسير إلى الأسوأ، فأهلنا في الداخل يعانون الجوع والتشرد والقتل الذي لا يتوقف، حيث أن النظام يريد اتباع سيناريو داريا وإخوتها في الشام نفسه في حلب، مبيناً أن ما يجري في حلب لا يهدد ثورة الشام وأهلها فقط بل الأمة كلها.
كما اعتبر أن «تشرذم الفصائل هو سبب كبير في تقدم النظام، ووحدة الفصائل أمر ندعو إليه لأنه هو أساس النصر، كما ندعو لتأجيل كل هدف لا يخدم أهل الشام، وهناك تضحيات قدمتها كل الفصائل، ويوجد هناك تقصير وتخاذل في كل مرحلة وفي كل منطقة، ومعركتنا اليوم هي ضد جميع المشاريع، وهي معركة وجود فنحن مستمرون في جهادنا حتى الرمق الأخير مع إخواننا في بقية الفصائل، حتى رد هذا العدوان عن أهلنا».
أما الناشط الإعلامي خالد الحلبي، فقد بين أن ما يجري في حلب هو أمر يعرفه كل من تتبع أحوال الفصائل منذ وصول قوات النظام إلى سجن حلب، حيث كانت الفصائل تحاصر النظام في أواخر 2012 وأول 2013، حينها كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، لكن الفصائل ساعدته على البقاء، بل وكثير منها رفض أي عمل عسكري يستهدف النظام في الراموسة وكلياتها، وكذلك في مطار النيرب العسكري.
وأوضح أن حلب لم تحاصر في يومين بل النظام اتبع سياسة ما يسمى «دبيب النمل»، مستفيداً من تخاذل كثير من الفصائل بشكل غير مباشر، فعندما تكون قوياً وعندك القدرة أن تنقض على عدوك وتتركه، ستدفع الثمن، وهذا ما يحصل اليوم في حلب.
وهو يعتبر أن أهم أسباب تقدم النظام في حلب الاتفاق الروسي – التركي، وكذلك عملية «درع الفرات»، التي جعلت كثيراً من الفصائل لاسيما تلك التي تملك السلاح النوعي تذهب باتجاه ريف حلب الشمالي لقتال تنظيم «الدولة»، ما أحدث فراغاً في السلاح الذي تملكه تلك الفصائل، وهو أمر استفاد منه النظام.
كما أشار إلى خلافات الفصائل لاسيما في مدينة حلب التي ضاق أهلها ذرعاً من تصرفات البعض منهم، واليوم تملك الفصائل السلاح والعتاد لكن تنقصها الإرادة والجدية، فهي تستطيع على الأقل أن تجعل كل شبر يتقدم إليه النظام يدفع ثمنه باهظاً.