فضيلة الجفال

تذكر آخر أخبار تهريب الأسلحة إلى اليمن أن طائرات التحالف العربي استهدفت زوارق محملة بالأسلحة ومهربة لميليشيات الحوثي قبالة سواحل المخا ومنطقة ذوباب غرب محافظة تعز عند المدخل الشمالي لمضيق باب المندب. ولا يبدو أن تهريب الأسلحة والصواريخ من إيران إلى الانقلابيين سيتوقف، ولا سيما أن الأسلحة المهربة تأتي من مصادر معروفة لقوات التحالف العربي وللقوى الدولية التي تراقب ما يحدث في اليمن، حيث يقوم عدد من التجار اليمنيين واللبنانيين بتهريب الأسلحة الإيرانية والأموال للحوثيين عن طريق البحر، مستغلين تصاريح رسمية لبعض تجار الأبقار والمعدات الزراعية. كما قالت المصادر إن عمليات تهريب أخرى تتم عن طريق دولة ثانية في القرن الإفريقي عبر رجل أعمال يمني بارز يورد أبقارا للمؤسسة العسكرية، ويستخدم اسمها وتصاريحها لتهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها، وتصل عبر قوارب صيد تابعة للحوثيين. فضلا عن وجود خبراء من إيران وحزب الله دخلوا عبر السواحل ومن خلال قوارب صغيرة لدعم الحوثيين. هذه التهريبات تشمل تهريب ملايين الدولارات إلى المتمردين الحوثيين الذين يستخدمون سفن البترول لتهريب الأسلحة، حيث يعمدون إلى تعبئة إحداها بالنفط والبقية يتم من خلالها تهريب السلاح، فضلا عن تهريبهم الأموال إلى صنعاء عبر الوفود القادمة من الخارج. 

كما كشف تقرير غربي مهم أخيرا أن إيران مستمرة في عمليات تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وأن السفن الحربية الغربية تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الأسلحة على متن قوارب إيرانية، أثناء مرورها في بحر العرب في طريقها إلى مناطق سيطرة الحوثيين على الساحل الغربي لليمن. وأفاد التقرير، الصادر عن مؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات "كار" التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، أن السفن الحربية الغربية أوقفت هذا العام ثلاثة قوارب شراعية في بحر العرب، وتبين أن الأسلحة التي تمت مصادرتها منها تطابقت مع أسلحة صودرت من حوثيين في اليمن. هذه القوارب من صنع "شركة المنصور" الإيرانية لبناء السفن، التي يقع الحوض الخاص بها بجوار قاعدة للحرس الثوري الإيراني. وهي القوارب نفسها المتورطة ليس في الأسلحة فحسب بل في حالات تهريب عديدة للهيروين والحشيش. بعض هذه القوارب بحسب التقرير ربما أرسل بتواطؤ من قوات الأمن الإيرانية. كما صادرت الفرقاطة الأسترالية "داروين" مطلع هذا العام كميات كبيرة من الأسلحة كانت في قارب صيد على بعد نحو 300 كيلومتر من السواحل العمانية، شملت ألفي قطعة سلاح، بينها مدافع رشاشة ومائة قاذفة صاروخية وبنادق آلية وقاذفات هاون وذخيرة مختلفة. كما أوقفت الفرقاطة الفرنسية "بروفانس" قاربا بالقرب من جزيرة سقطرى وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة، بينها آلاف البنادق من نوع كلاشينكوف والقنص إيرانية الصنع، إضافة إلى تسعة صواريخ كورنيت روسية مضادة للدبابات. وفي هذا العام أيضا، واستمرارا للسيناريو، اعترضت المدمرة الأمريكية "سيروكو" قاربا وصادرت حمولته من الأسلحة، وبينها بنادق كلاشنكوف وقاذفات "آر بي جي" ورشاشات. ولا ننسى أيضا تعرض سفن حربية أمريكية أخيرا لعمليات إطلاق صواريخ "فاشلة" من مناطق يسيطر عليها الحوثيون على السواحل الغربية لليمن، من بين ذلك استهداف الحوثيين سفينة "سويفت" الإماراتية المدنية.

لا شك أن تهريب الأسلحة تقويض للحلول السياسية، وهي أفعال تتطلب حزما أكبر في المواجهة الدولية مع تحركات إيران المقوضة للسلم في المنطقة، سواء بهدف إطالة أمد الحرب في اليمن أو استهداف السعودية بهذه الأسلحة، ولا سيما أن تقارير التهريب لم تشمل سوى عمليات تهريب الأسلحة التي ضبطتها سفن غربية، وليس المهمات الناجحة التي قادتها بحرية التحالف العربي، وأسفرت عن إحباط عشرات المحاولات المماثلة في العامين الماضيين.