اقتربت المشاورات لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة من نهايتها السعيدة، ويفترض أن تعلن قبل نهاية هذا الأسبوع، مع أن المصادر المواكبة لهذه المشاورات لم تستبعد احتمال ولادتها بعد غد الأربعاء على أن تسبقها جولة جديدة من الاتصالات لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الوزارية من 24 وزيراً من دون إقفال الباب في وجه توسيعها الى ثلاثينية، شرط مراعاة التوازن في توزيع الحقائب.

وعلمت «الحياة» من المصادر المواكبة للمشاورات، أن أول غيث ما ستحمله المؤشرات الإيجابية في اليومين المقبلين، والتي تسبق ولادة الحكومة، زيارة زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية رئيسَ المجلس النيابي نبيه بري في الساعات المقبلة، تليها زيارته رئيسَ الجمهورية ميشال عون في بعبدا، وربما فور صدور مراسيم التشكيل.

وأكدت المصادر نفسها، أن زيارة فرنجية لبري تأتي في سياق الاستعداد الذي أبداه الأخير للتنازل عن حقيبة الأشغال العامة لمصلحة «المردة» في مقابل تخصيص حركة «أمل» بحقيبة وزارية بديلة يفترض أن تكون وازنة، وتوقعت إسناد واحدة من اثنتين: الصحة أو العمل، على أن تعطى حقيبة التربية لحزب «القوات اللبنانية» الذي يتعاطى بمرونة وواقعية حيال توزيع الحقائب على قاعدة تسهيل مهمة الرئيس المكلف تشكيلها سعد الحريري.

ولفتت إلى أن زيارة فرنجية عون تهدف الى إنهاء القطيعة بينهما واستيعاب الارتدادات السلبية التي ترتبت على معركة رئاسة الجمهورية كمؤشر الى كسر الجليد بين الطرفين وفتح صفحة جديدة، باعتبار أن الانتكاسة التي مرت فيها علاقتهما أصبحت من الماضي. وقالت إن هذه الزيارة نتيجة لجهد خاص تولاه البطريرك الماروني بشارة الراعي، إضافة إلى الرئيس الحريري.

وإذ أبدى الحريري أمام زواره ارتياحه إلى ما آلت إليه المشاورات الرامية الى إزالة العقبات التي ما زالت تؤخر تشكيل الحكومة، رافضاً الدخول في التفاصيل، لأن ما يهمه «أكل العنب لا قتل الناطور»، أي تأمين ولادة طبيعية للحكومة من شأنها أن تعزز الاستقرار في البلد وأن تحافظ على انطلاق المسار العام في اتجاه الالتفات إلى احتياجات اللبنانيين وتوفير ما أمكن من الحلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، فإنهم نقلوا عنه أن تشكيل الحكومة دخل مرحلة وضع اللمسات الأخيرة عليها، تمهيداً للإعلان عنها بالتفاهم مع رئيس الجمهورية.

ونقل زوار الحريري عنه ارتياحه إلى علاقته برئيس الجمهورية، إضافة الى ارتياحه للّقاءات التي عقدها طوال الأسبوع الماضي، وأبرزها مع الرئيس بري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع.

وأكد الزوار أن مجموعة من العوامل الإيجابية تقاطعت في اليومين الأخيرين وباتت تدفع في اتجاه الإسراع بتشكيل الحكومة.

وفي هذا السياق، علمت «الحياة» أن الرئيس عون سيتمثل بوزير سني ولو شُكلت الحكومة من 24 وزيراً، بينما لن يتمثل بوزير شيعي قد يكون من حصة الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في حال قرر التحالف الشيعي من «أمل» و «حزب الله» تسمية وزير من الحزب.

وقالت المصادر المواكبة إن حزب «الكتائب» سيتمثل في الحكومة بوزير يسميه رئيسه سامي الجميل، وأكدت أن الحكومة الثلاثينية لم تُسحب من التداول وما زالت مطروحة، على رغم أن المشاورات تتمحور حول توزيع الحقائب على أساس حكومة من 24 وزيراً.

ولم يتبين حتى الساعة اسم الوزير الذي سيشغل حقيبة الدفاع الوطني التي ستكون من حصة رئيس الجمهورية الذي يحتفظ لنفسه بالاسم.

وأوضحت المصادر أن المشاورات توصلت إلى فصل مسار تشكيل الحكومة عن مسار قانون الانتخاب الجديد الذي يعود إلى البرلمان إقراره، وقالت إن هناك صعوبة في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيار (مايو) المقبل إذا ما تقرر اعتماد القانون الجديد وعدم العمل بالقانون النافذ حالياً، أي قانون الستين.

ورأت هذه المصادر أن لا مفر من التأجيل التقني للانتخابات النيابية في حال أجمعت أكثرية الكتل النيابية على إنجازها على أساس قانون جديد. وقالت إن تأجيلها سيمتد إلى أكثر من ثلاثة أشهر، وعزت السبب إلى أن هناك حاجة لمزيد من الوقت للتحضير لها، خصوصاً إذا كان القانون الجديد يجمع بين النظامين النسبي والمختلط، وهذا يتطلب تأهيل الناخبين من جهة والإعداد الإداري المطلوب من وزارة الداخلية من جهة ثانية.

... ودوفريج ضد مبدأ الحكومة التوافقية

لا تزال المساعي نشطة للإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. ولفت وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، إلى «أنني ضد مبدأ حكومة الوفاق الوطني التي تسير في حالات استثنائية والتي تتشكل في الخارج في الحالات الاستثنائية وحالات المخاطر والحروب»، مشيراً إلى أنه مع المداورة في الحقائب الوزارية. وقال: «نعيش في جنون دستوري وقانوني».

وأكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن «العمل بشكل فاعل، لتأليف الحكومة مع حلفائنا»، وقال: «لن أدخل في سجال حول من يعرقل الحكومة، لكننا لسنا من نعرقل في أمل وحزب الله، وما قدمناه من أجل تشكيل الحكومة هو كبير، وبالتالي على الآخرين أن يتراجعوا عن المطالب المضخمة لكي ننجز التأليف، والمطلوب التسهيل من قبل الآخرين، فتشكيل الحكومة هو مصلحة لكل اللبنانيين أولاً لكي نستطيع إنجاز قانون انتخاب يحظى بتوافق سياسي بفصل مساره عن مسار تأليف الحكومة حتى يستطيع اللبنانيون انتخاب مجلسهم المقبل في الموعد المحدد للانتخابات وفق قانون جديد حتى لا يلتزموا بالستين بعدما توافق الجميع على ذلك، وبعدما أكدوا أنه لا تمديد للمجلس الحالي».

ورأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ألان عون، أن «العقبة الأساسية لتشكيل الحكومة ستذلل مبدئيا في الـ48 ساعة المقبلة وتبقى بعدها اللمسات الأخيرة»، مشيراً إلى «أن الحكومة قد تبصر النور الأسبوع المقبل». وإذ توقع عون «أن يوقع مرسوم التشكيل في أي لحظة ابتداء من مساء الإثنين (اليوم)»، لفت إلى أنه «حصلت حركة أخيراً فتحت الأبواب في ما يخص تشكيل الحكومة وكل فريق أصبح جاهزاً للسير بها». وأضاف: «هناك غيمة عابرة في العلاقة بيننا وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وهذه الغيمة ستزول».

وأشار النائب أنطوان زهرا إلى «أن أجواء تشكيل الحكومة أمست إيجابية»، وأمل في «أن تمر الأعياد بوجود حكومة تنصرف فعلاً لإنجاز البيان الوزاري ونيل الثقة لإتمام خطوتين مهمتين، القانون الانتخابي، وإقرار الموازنة».

وطالب الوزير السابق فيصل كرامي بـ «الإسراع في تشكيل حكومة اتحاد وطني، وليس حكومة محاصصة. ووضع قانون انتخاب عادل ومنصف نستطيع من خلاله تمثيل كل شرائح المجتمع بشكل متوازن».