دعا أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، العرب إلى النهوض وتفعيل مشروع التكامل البناء بينهم، وحثهم على ألا يسمحوا للاستعمار أن يعود إلى أراضيهم .
وفي كلمة وجهها أمس، خلال افتتاح مناشط المؤتمر السنوي "فكر15" الذي يقام في أبوظبي، حيّا الفيصل اتحاد الإمارات ومجلس التعاون الخليجي، باعتبارهما أنموذجين للتكامل، مطالبا الحضور بالوقوف إجلالا وتقديرا للعاصمة أبوظبي التي انطلقت منها أعمال المؤتمر. 
وبدأت أعمال المؤتمر الذي يستمر 3 أيام تحت عنوان "التكامل العربيّ: مجلس التعاون ودولة الإمارات العربية المتحدة".
ويصادف عقد المؤتمر الذكرى الخامسة والثلاثين لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذكرى الخامسة والأربعين لإعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. إذ كرم الأمير خالد الفيصل، رئيسَ دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بدرع تقديرية تسلمه الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، بحضور جمع من المسؤولين والوزراء العرب، ونخبة من قادة الفكر والثقافة في المنطقة.
وأجمعت كلمات المتحدثين في اليوم الأول من مناشط المؤتمر، على أن تجربة الوحدة في الإمارات تعد أنموذجا لتحقيق الاتحاد والتكامل العربي.

نموذجان مكللان بالنجاح 
ثمّن المدير العام لمؤسسة الفكر العربي هنري العويط، في كلمة له، عقد المؤتمر في دولة الإمارات التي أرسى دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وأوضح العويط أن مؤسسة الفكر العربي تبنت مبادرة من رئيسها الأمير خالد الفيصل "التكامل" هدفا للعمل العربي المشترَك، وتستكمل المؤسسة البحثَ في الموضوع نفسه عبر تسليط الضوء على صيغتين تكامليتين مميزتين.
وأوضح أن الصيغتين تجسدهما تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتجربة الإمارات، إذ لا يقتصر الأمر على إبراز ما تتسم به التجربتان من مزايا وما في رصيدهما من إنجازات، ولا إلى استنساخ النموذجين، لافتا إلى أن التجربتين تهدفان إلى دحض المقولة التي تتهم العرب بأنهم أمة عصية على التعاون والتعاضد، وإقامة الدليل على أن التكامل ليس مجرد شعار فحسب، أو حلما مستحيلا، بل هو واقع متحقق وملموس.

الزياني: نموذج لحلم عربي 
أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبد اللطيف الزيّاني أن مؤسسة فكر لا تنحاز إلى جانب، بل توفر بيئة مناسبة من شجون الأمة العربية للعصف الذهني، ومنذ عام 2014 تم اختيار موضوع التكامل العربي. وأشار إلى أن الإمارات تعطي مثالا رائعا للاتحاد، واصفا إياه بأنه حلم للوطن العربي ودول مجلس التعاون، يمكن تحقيقه على أرض الواقع لتحقيق التكامل والتنسيق بينها في مختلف القطاعات، سواء مجال التعليم أو الصحة أو الاقتصاد أو السياسة وكذلك التشريعي. وأوضح أن أبوظبي مكان ملائم لعقد مؤتمر "فكر 15" لتحقيق التكامل العربي، لافتا إلى أن فكرة مجلس التعاون لدول الخليج انبثقت من اجتماع في أبوظبي.
وتوقف الزياني عند أسباب نجاح المسيرة التكاملية لمجلس التعاون ومقومات استمراريته، معتبرا أن لكل تجربة تكاملية خصوصيتها، وفي حالة مجلس التعاون فإن الحاجة إلى المنظومة الإقليمية فرضتها معطيات خاصة بدول مجلس التعاون. وتضمنت العوامل الترابط الجغرافي والتاريخ المشترك والموروث الثقافي وتماثل الأنظمة السياسية والروابط الاجتماعية الراسخة، وغير ذلك من المعطيات، مما مثّل الأرضية الملائمة لتطوير لقاء تعاوني وتكاملي بين ست دول عربية في منطقة الخليج العربي. 
وأضاف الزياني أنه بعد 35 عاما من العمل المشترك أصبح مجلس التعاون نموذجا لتكامل إقليمي ناجح، يبعث الأمل في إمكان تكرار التجربة في مناطق عربية أخرى. واعتبر الزياني أن أحد أهم أسباب التكامل الخليجي هو منهجية النماء والارتقاء التي اتبعها مجلس التعاون منذ انطلاقة مسيرته، والتي اعتمدت على التدرج في خطوات مدروسة نحو بلوغ الأهداف المحددة التي تضمنتها المادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس. ولخص إستراتيجية العمل الخليجي المشترك في خمس نقاط، تضمنت تحصين دول المجلس من التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية، وزيادة النمو الاقتصادي، والحفاظ على مستوى عالٍ من التنمية البشرية، وتحسين السلامة العامة، وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية.

أبوالغيط: نجاح الإنجاز ببلوغه الجميع
شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، على الحاجة إلى النموذج الذي تقدمه الإمارات، بوصفه نموذجا نادرا في تأسيس الشرعية ووحدة الدولة، على قاعدة راسخة من الإنجاز الذي تعم ثماره على المواطنين جميعا.
وذكر أن الإمارات نموذج لافت في تحقيق الوحدة، وفي مرحلة التفكك والتفتت، فيما رأى أن البعض يجادل حول الأزمة التي تعود إلى ظروف نشأة بعض الدول العربية بحدودها المعاصرة التي رُسمت منذ مئة عام.
وأكد أن الوضع الحالي يتطلب إعمال الفكر وإطالة الدرس من جانب المثقفين والأكاديميين ورجال البحث الذين أرى أمامي بعضا من ألمع رموزهم في العالم العربي.
وتحدث أبو الغيط عن دول تتفكك ويتمزق نسيجها، وأخرى يناضل أبناؤها للحفاظ على كيانها، معرجا على "لاجئين بالملايين ونازحين يقطنون المخيمات ويعيشون على الكفاف".

4 جلسات يشهدها المؤتمر اليوم 
يشهد المؤتمر اليوم 4 جلسات متخصصة متوازية، يقدمها ممثلو المؤسسات والمجالس والهيئات والصناديق المتخصصة، لعرض رؤيتهم في التكامل الاقتصادي والأمني والثقافي والتكامل العربي.
وسيعقب في الجلسات ممثلون من دول مجلس التعاون حول تجديد الثقافة التكاملية وطرح الأسئلة التكاملية، إلى جانب عرض مسيرة مجلس التعاون والتحديات والانجازات التي حققها.

الصراحة جارحة
يُسعدني أن أتقدّم باسم مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربيّ وجميع منسوبيها بخالص الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة، قيادة وحكومة وشعباً، على احتضانها خمسة من مؤتمرات "فكر" السنويّة، والشكر موصول لكم معاشر الحضور الأفاضل، يا من تداعيتم إلى هذا المؤتمر بفكركم المُستنير، لوضع التكامل العربيّ خُطّة طريقٍ قويمٍ ينهض بأمّتنا العربيّة في هذا الظرف الدقيق.
لا يُحسد اليوم من يقفُ على منبرِ العروبةِ مُتحدثاً، ولا من يتقدّم صفوف المسلمين مُدافعاً، فلقد ظلمنا الإسلام وشوّهنا صورة المسلمين، وخذلنا العروبة وهجّرنا العرب لاجئين، وكفّر المستشيخون عُلماءنا، وسفّه المستغربون خطابنا، وصمتت الأكثريّة.
هل خشي العلماء الأدعياء؟! واستسلم الحُكماء للجهلاء؟! اعذروني إن كانت الصراحة جارحة.. فالجروح صارخة.
كنت أودّ أن أكون البشير، ولكن الشرّ مُستطير، فآثرت أن أكون النذير!!
انهضوا أيّها العرب.. واستيقظوا أيّها المسلمون، لا تسمحوا للاستعمار أن يعود، ولا للتقسيم أن يسود، فعّلوا مشروع التكامل البنّاءْ، واعملوا العقل لا عدمتم الذكاءْ، واستعينوا بالعلم والصّبر على البلاء. 
إلى متى نبقى أسرى مُعادلة عقيمة، إمّا التكفير أو التغريب، إمّا الأصالة أو المُعاصرة، إمّا التشدّد أو الانحلال، لماذا لا نخرج ببديلْ، مبنيّ على دليلْ، لماذا لا نطرحُ فكر نهجٍ جديد.. بالعلم والعمل والرأي السديدْ لنكتب منه للوطن نشيدْ.
خالد الفيصل 

قرقاش: المؤتمر منصة فريدة لتبادل الأفكار 
نقل وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، تحيات رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، للحضور في كلمة ألقاها نيابة عن راعي الحفل، متمنيا لهم التوفيق في بحثهم حول مسألة ذات أولوية قصوى لارتباطها الوثيق بمستقبل العالم العربي، مؤكدا أن الإمارات تنظر بإيجابية إلى المؤتمر الذي تحول إلى "فعالية ثقافية فكرية عربية سنوية، ومنصة فريدة لتبادل الأفكار بين نخبة من صناع القرار والمفكرين".
وتحدث قرقاش عن تجربة الاتحاد، موضحا أن إعلان تأسيس الدولة في الثاني من ديسمبر 1971 كان حدثا تاريخيا، وعلامة حضارية، مستعرضا نتائج التجربة على المستويات كافة.

استعادة العنفوان العربي 
في جلسة حول تجربة اتحاد الإمارات، أشار قرقاش إلى تحديات عدة تواجه المنطقة العربية، من بينها استعادة العنفوان العربي، والإمارات -بطبيعة الحال- شريكة مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر. وشدد على ضرورة الدفاع عن الفضاء العربي، واستعمال الشراكة الكبيرة بين الإمارات ودول عربية أخرى.
وتطرق إلى إنجازات الدولة منذ تأسيس الاتحاد في التمكين الاقتصادي والسياسي الداخلي والخارجي، تمكين المرأة والشباب، مستشهدا ببلوغ نسبة الموظفات النساء في الحكومة الاتحادية نحو 53 في المئة.
وأوضح أن الناتج الإجمالي المحلي بلغ عند تأسيس الاتحاد نحو مليار ونصف المليار دولار، فيما يبلغ حاليا نحو 400 مليار دولار، وذلك في مرتبة تأتي بعد السعودية وتركيا.
وأكد أن الامارات دحضت ادعاءات عدم نجاحها في الملف السياسي، مؤكدا أنها وسعت من أطر الانتخابات والمشاركة السياسية عام 2005 قبل الربيع العربي بـ6 سنوات.
وأوضح أنه على المستوى المحلي، مثل إنشاء دولة الاتحاد، إنهاءً لحالة الانقسام والفرقة، أما على المستوى الخليجي، فأكد أن إنشاء الدولة أدى إلى سدّ الفراغ الذي تركه الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج العربي أواخر عام 1971.
وأكد أن التجربة الإماراتية قدمت نموذجا مُلهما للوطن العربي في الوحدة والتنمية، وعلى المستوى العالمي، مشيرا إلى أن إنشاء الدولة حفظ الأمن والاستقرار، وشكلت إضافة مهمة إلى عوامل الاستقرار والسلام والتعايش، وحققت حضورا اقتصاديا مهما.