مدينة الكرك نمت وازدهرت وأصبح عدد سكانها نحو 250 ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين، مع وجود كبير للمسيحيين فيها بنسبة عالية أكثر من أي منطقة أخرى، ويعيشون مع بعضهم بعضا بسلام. والكرك تشهد نشاطًا عمرانيًا واقتصاديًا وثقافيًا، ونشاطًا علميًا تمثل في بعض جوانبه في انتشار المدارس والمستشفيات والجامعات. ويعود تاريخ إنشاء أساسات قلعة الكرك إلى عصر المؤابيين نحو عام 860 قبل الميلاد. وقد استخدمها الأنباط بدليل وجود تماثيل نبطية منقوشة في الأساسات الأولى للقلعة. وظلت في العصر الروماني ومن ثمّ البيزنطي درعًا واقية للأردن وحامية لتراثها.

 وفي الفتوحات الإسلامية طرقتها جيوش المسلمين بقيادة أبو عبيدة بن الجراح فاستسلمت له. وظلَّت قلعة الكرك تؤدي دورها الدفاعي في العصر الإسلامي، لأن المسلمين اهتموا بالقلاع القديمة وعملوا على تقويتها والإضافة إليها بالزيادة والبنيان. وقد كانت قلعة الكرك إقطاعًا للقائد الفاطمي بلتكين التركي سنة 982. وعندما أسس الصليبيون مملكة بيت المقدس اللاتينية سنة 1099، واحتلوا منطقة جنوب الأردن بعد أن أسسوا بارونية الكرك والشوبك، واستولى الصليبيون على حصن الكرك، زادوا عليها حتى أصبحت من أهم قلاع الصليبين في بلاد الشام. ولعبت القلعة دورًا مُهمًا في العصر الصليبي بالتحكم في طرق المواصلات في إقليم الأردن بين الشام من جهة والحجاز ومصر من جهة أخرى، إذ كثيرا ما تعرضت حاميتها للقوافل التجارية والحجاج المتوجهين إلى مكة في الجنوب، وأغاروا على الموانئ العربية على سواحل البحر الأحمر. وكانت هذه الهجمات المتكررة على القلعة سببًا من الأسباب التي دفعت صلاح الدين الأيوبي إلى جمع جيوشه والسير نحو الشام لقتال الصليبيين سنة 1178.

ومع اندثار الدولة الأيوبية آلت سلطة قلعة الكرك إلى سلاطين المماليك، الذين طَوروها بتشييد عدد من الأبراج والتحصينات الإضافية فيها، وقد رممها الظاهر بيبرس بعد أن وقعت في يده سنة 1263.