بندر خالد الهويش

طال الحديث عن أهمية الطاقة المتجددة وضرورة اعتبارها عنصرا فاعلا في خليط الإنتاج في المملكة. فمنذ الإعلان عن إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة عام 2010، تحركت معظم الجهات ذات الصلة لرسم السياسات والتشريعات والتنظيمات اللازمة لتحقيق الأهداف التي وصفت بالطموحة جدا، وعليه تأهب القطاع الخاص والمستثمرون من أنحاء العالم كافة للدخول بقوة في هذه السوق الواعدة. إلا أنه لم يتحقق شيء يذكر على أرض الواقع، وإن كان هناك بعض المشاريع المتواضعة وبمبادرات مستقلة إذا ما قورنت بحجم الأهداف المعلنة للمدينة. يذكر أن الدافع الرئيس لإدخال الطاقة المتجددة في خليط الإنتاج آنذاك كان التخفيف من الاستهلاك المحلي للنفط الذي ارتفع لمستويات قد تزاحم القدرة التصديرية للمملكة في المستقبل القريب. وذلك في الوقت الذي كان فيه الطلب العالمي على النفط يسابق المعروض حتى منتصف عام 2014. أما في الوقت الحالي، وقد تعرضت أسواق النفط لتغيرات هيكلية جذرية قد تستمر معها فوائض النفط لمدة طويلة نسبيا، يبقى السؤال عن دافع المملكة للاستثمار في الطاقة المتجددة في الوقت الحاضر. أشير إلى ما كتب عن إنشاء سوق للطاقة المتجددة في الموقع الرسمي لـ "رؤية المملكة 2030":

"على الرغم من تمتعنا بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أننا لا نملك - حتى الآن - قطاعا منافسا في مجال الطاقة المتجددة. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع مستوى الاستهلاك المحلي للطاقة ثلاثة أضعاف بحلول عام (1452هـ ـــ 2030). لذلك نستهدف إضافة (9.5) جيجاواط من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلي بحلول عام (1445هـ ـــ 2023) كمرحلة أولى، كما نستهدف توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في اقتصادنا، وتشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع وغيرها.

نمتلك كل المقومات للنجاح في مجال الطاقة المتجددة، ابتداء من المدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات، وانتهاء بما تمتلكه شركاتنا السعودية الرائدة من خبرة قوية في إنتاج أشكال الطاقة المختلفة، لذلك سنضع إطارا قانونيا وتنظيميا يسمح للقطاع الخاص بالملكية والاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، ونوفر التمويل اللازم من خلال عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعة لتحقيق مزيد من التقدم في هذه الصناعة وتكوين قاعدة من المهارات التي تحتاج إليها. وأخيرا، سنتولى ضمان تنافسية سوق الطاقة المتجددة من خلال تحرير سوق المحروقات تدريجيا، وسنطرح مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة".

من المهم أن نرى تصريحا يعبر عن الموقف الرسمي للمملكة من الطاقة المتجددة، وما إذا كان هذا الموقف مرتبطا بتغير ظروف أسواق الطاقة بشكل عام، أم أن الموقف سيكون ثابتا بغض النظر عن وضع تلك الأسواق. خاصة أن ما يدور حول الأسباب الحقيقية لتأخر طرح مشاريع للطاقة المتجددة تتعلق بقناعات معينة للاعبين كبار في صناعة الطاقة المحلية ليس مجديا الخوض فيها، لأنها تظل مجرد تكهنات. حتى إن سمعنا عن طرح مناقصات كبيرة وخطة زمنية واضحة لتحقيق هدف إضافة (9.5) جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2023.

أزعم أن التصريح بموقف المملكة وتحديد فلسفتها نحو دور الطاقة المتجددة في الاقتصاديين المحلي والعالمي سيلعب دورا مهما في حجم الاستثمارات الموجهة نحو القطاع، خاصة أن المناخ الاستثماري في العالم كله ليس في أحسن حالاته.