خالد أحمد الطراح

لعبة تنس بين اليابان وأميركا مهّدت لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة دبلوماسية تاريخية، بسبب حادثة هيروشيما. فيما مهدت ما اطلقت عليه في الثمانينات «دبلوماسية العيون» على غرار اختراع طبيب العيون فيدروف، الطيار السوفيتي السابق، في تشطيب القرنية لتصحيح النظر، ما ادى الى تمهيد الطريق نحو فتح قنوات دبلوماسية بين دول الخليج والاتحاد السوفيتي قبل انهياره.
في الكويت تبدو الامور اكثر تعقيدا برغم مما نتمتع به من سقف عال من حريات ديموقراطية، صانها دستور الدولة المكتوب، حيث نشبت ملامح خلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية،وهي في ايام مهدها من مجلس نوفمبر 2016، بسبب شجرة الكريسماس في احدى الجمعيات التعاونية الواقعة في منطقة يسكن فيها عدد كبير من المقيمين الاجانب من جنسيات مختلفة.
فتيل الازمة الذي اشعله أحد النواب، دفع الوزيرة الى مسح آثار شجرة الكريسماس حتى لا تهوي الحكومة او الوزيرة شخصيا في حصار نيابي مبكر جدا!
النائب عمل لسنوات في ادارة الفتوى والتشريع، ولا بد ان خبرته حتى لو كانت متواضعة تؤهله لأن يكون مطلعا بشكل مختلف عن غيره على القانون والحريات الشخصية والدستورية ومبادئ العمل الاداري والمدني ايضا، ومن أبرزها قيم التسامح التي اكدتها كل الاديان السماوية.
لا اظن ان النائب والوزيرة الصبيح لا يعلمان بوجود فئة كويتية من المسيحيين، ولهم حقوق، مثلهم مثل الآخرين من المواطنين، علاوة على وجود جاليات اجنبية وعربية من المسيحيين تنافس في عددها المواطنين الكويتيين، وقد يكون منهم عدد كبير من المسيحيين يستحقون احترام دياناتهم ايضا.
الخيال اخذني الى درجة بعيدة عن الشجرة التي كادت تثير صداما، لولا حماس الوزيرة السياسي وليس التنموي طبعا، فقد تساءلت ماذا عن المقيمين من الاجانب الذين ينتمون الى ديانات كاليهودية، وهي غير مبيّنة في جوازات سفرهم وفقا لقوانين بلدانهم أو ممن سافروا او ترددوا على اسرائيل لأسباب مهنية او شخصية؟
هل نتوقع تشريعا بتعاون بين النائب الذي استفزت مشاعره الشجرة واستنفرت الوزيرة في اقتلاع جذور الشجرة بحظر الاحتفال بأعياد الكريسماس والميلاد؟
الكويت حصدت لقب مركز الانسانية وقائدها صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه، والانسانية لا تعني مساعدات الدول الفقيرة فقط، وانما ايضا تتضمن مبادئ وقيم التسامح التي يفترض ان تسود اجتماعيا وسياسيا، حتى نقتلع جذور الصراعات مهما كانت طبيعتها، فالمجتمع الكويتي له تاريخ في التسامح، ابرزها الاخ العزيز الدكتور خليفة الوقيان في كتابه «الثقافة في الكويت»، ويفترض نشر وترسيخ قيم التسامح وليس وأدها!
تاريخيا، اخشى ان تصبح لدينا سنة الشجرة مثل سنة المجلس، ويبرز عدم التعاون بين السلطتين بسبب الشجرة!