عبده خال

ربما أعادنا الشيخ عادل الكلباني إلى المربع الأول في قضية تحريم زيارة الآثار عندما رفض ذلك التحريم المطلق لزيارة الأماكن الأثرية عندما زار محافظة العلا.

إذ ظل التحريم شاملا المواقع الأثرية كمدائن صالح والأخدود مع جواز الزيارة للعظة والعبرة واشتراط عدم إطالة المكوث أو الأكل والشرب أو الصلاة فيها.

وهذا التحريم يفتح باب المناقشة واسعا خصوصا أن هناك أية قرآنية تحث على السير في الأرض «قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين» وإذا استحضرت هذه الآية أمام الأحاديث يظل الفهم المرسخ ثبات التحريم وإجازة الزيارة للعظة والعبرة مع الإسراع بالمغادرة والتباكي وعدم الصلاة في تلك المواقع.

ومع تغير الزمن والتمدد العمراني حول بعض تلك الأماكن إلى سكن لآلاف المواطنين ومزار سياحي للملايين.

وهي معضلة فقهية لم يتم الاقتراب منها، بل بقيت الآراء محرمة وتطوف حول إجازة الزيارة السريعة من غير إيجاد مخرج لمن يسكن أو يأتي سائحا.

ونعلم أن عشرات المواقع الأثرية تم طمسها وأزيلت من على وجه البسيطة فخسرنا مواقع أثرية تاريخية من غير الوقوف والمراجعة والبحث عن مخرج فقهي يتناسب مع فقه الواقع ببقاء إرث إنساني ليس ملكا لزمننا حتى نقرر إزالته... وفي هذه النقطة تحديدا يجب الإشارة إلى آلاف المواقع عبرها الصحابة والتابعون وأناس من قبلنا أكثر صلاحا منا ولم يمسوها بسوء إلى أن جئنا نحن فأزلنا ما لم يزل.

وإذا طمست بعض تلك المواقع كحل ينهى دوامة الصداع لدى البعض فلانزال نحمل أسفنا على ما تمت إزالته أو النهي عنه أو تحريمه.

واذا استطعنا التحريم أو النهى لمن ينوى المجيء إلى تلك الأماكن، ونجح خلال السنوات القريبة الماضية، فما هو الرأي الفقهي لمن يسكن فيها؟

- هل صلاة الساكنين بها غير جائز؟

- هل عليهم التباكي طوال اليوم والنهار لأنهم ماكثون وليس مسرعين في العبور؟

- وهل يمتنعون عن الأكل والشرب في مساكنهم؟

هذه الأسئلة يجب أن نقف أمامها قبل أن نمنع السياح من زيارة تلك المواقع المحرمة... لا شك أن هناك آراء فقهية قادرة على تقليب هذا الوضع وإيجاد منافذ لتمكين هيئة الآثار من التوسع في مشاريعها وأولها فتح الباب على اتساعه أمام السواح للوقوف على تاريخ أمم قبلنا.