خالد بن حمد المالك

لا بأس أن تتباين وجهات النظر بين دول الخليج، ضمن إطار مصلحة الجميع، وأن يتم فرز كل الآراء للوصول إلى موقف واحد يعزز اللحمة الخليجية، ويقوي مسارات التعاون، ويفضي إلى الأهداف المشتركة لكل دول الخليج.
* *
فالتشاور، وتبادل وجهات النظر، واحترام الرأي والرأي الآخر، وتمكين كل دول المجلس للدفاع عن مواقفها للوصول إلى موقف خليجي واحد، هو الذي أبقى مجلس التعاون متماسكاً وقوياً ومؤثراً لصالح دول الخليج العربي دون استثناء.
* *
وإذا كانت سلطنة عمان قد تأخرت في إعلان انضمامها للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب الذي كان قد أعلنه سمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، فلأن سلطنة عمان كانت تحتاج إلى مزيد من الوقت للتأمل والدراسة والتعرف على أبعاد هذا التحالف لتكون مشاركتها عن علم وفهم وقناعة.
* *
وهي اليوم إذ تعلن انضمامها إلى الدول الإسلامية، وتحديداً ضمن جميع دول مجلس التعاون إلى هذا التحالف، فهي تضيف بُعداً مهماً وجديراً بالاحترام إلى هذا التحالف الذي تبنته المملكة، وظل محمد بن سلمان حريصاً على أن تكون الدول الإسلامية بما فيها جميع دول مجلس التعاون أعضاء فيه، لما يمثله ذلك من أهمية في التصدي للإرهاب الذي طرق باب كل دولة، وهدد الاستقرار في جميع دول العالم.
* *
إن خطوة مهمة كهذه التي خطتها سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان قابوس لا تقدر بثمن لدى العقلاء والمنصفين، فقيمة هذه المشاركة أنها ألجمت من اعتقد أن الشقيقة عمان خارج سرب منظومة دول مجلس التعاون، وأن مشاركتها بالمجلس لا تعدو أن تكون شكلية، فإذا بالرد على هؤلاء يأتي من عاصمة السلطنة، وفي رسالة خطية للأمير محمد بن سلمان، مؤكدة موقفها الثابت والفاعل في مجلس التعاون.
* *
فسلطنة عمان هي جزء من هذا الخليج العربي، بالجوار، والأرومة، والتزاوج، والدين، واللغة، والتاريخ المشترك، ولا يمكن لها إلا أن تكون ضمن الجسم الخليجي الواحد، بالتعاون والتفاهم حول كل القواسم المشتركة التي تجمعها بأشقائها دول الخليج العربي الأخرى شعوباً وحكاماً، فمصالحنا لا تتجزأ، ومستقبلنا واحد، وهي ثوابت ورثناها أباً عن جد.
* *
وإذا كان البعض يرى في تأخر انضمام سلطنة عمان إلى التحالف العسكري الإسلامي بمثابة سحابة صيف، فأنا أنظر إلى هذا التأخير على أنه حرك المياه الراكدة، بل وأذهب إلى أكثر من ذلك وأقول: كأننا نردد مع عاصمة السلطنة بأن الود يبقى ما بقي العتاب، مع أننا نحن وهم في ود دائم، وبلا عتاب مستمر.
* *
أهلاً بسلطنة عمان ممثلة بجلالة سلطانها وشعبها وحكومتها، حيث يأتي انضمامها تأكيداً على دور السلطنة في إنجاح مثل هذا التحالف، وأن غيابها - لو حدث - فإنه لا يستقيم مع تاريخها وأدوارها السابقة، ومن هنا كان حضورها - وإن جاء متأخراً - دليلاً على أن مشاركتها هي جزء من استراتيجيتها في الأخذ بالأسلوب الأمثل الذي اعتادت أن تتبعه في كل قرار ليكون منسجماً ومتوافقاً مع سياسياتها في مثل هذه الحالات.
* *
وشكراً للأمير الشاب النشط محمد بن سلمان الذي لم يهدأ له بال والسلطنة خارج هذه المنظومة، فظل يتابع الأمر مع الأشقاء مسؤولي السلطنة إلى أن ظفر بموافقتهم، وهي موافقة سوف تمتد نتائجها السارة نحو تفعيل خطوات دول مجلس التعاون القادمة التي ستمهد الطريق إن شاء الله إلى انتقال المجلس بمسماه وصلاحياته من التعاون إلى الاتحاد.
* *
والتحية الأهم بكل معانيها ومدلولاتها وقيمها إلى من كان خلف الستار في صدور هذا القرار، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجلالة السلطان قابوس، فالقرار كما يقول المراقبون قلب موازين المنطقة، وأعاد سلطنة عمان لمكانها الطبيعي الذي تستحقه مع دول الخليج العربية.