خالد الطراح 

تباينت الآراء وردود الافعال حول عدد كبير من القوانين التي اقرها مجلس الامة المنحل؛ منها قانون العزل السياسي الذي اقره المجلس قبل شهور، او ما يعرف بقانون حرمان المسيئين، ولعل افضل وصف لهذا التشريع ما ذكرته القبس: «ان التشريع يصاب في مقتل حين يستهدف المصلحة العامة ويدخل بالتكتيك».

السلطتان الرقابية والتشريعية الممنوحتان للمجلس ينبغي ان تصبا في المصلحة العامة، وهذا يعني انه ليس كل ما تراه مجموعة معينة من النواب من مشاريع قانون ينتهي المطاف فيها الى تشريع قانون جديد، يعكس ارادة الشعب؛ فمن الواضح ان هناك مؤيدين ومعارضين وليس هناك مسطرة واحدة لقياس الرأي العام، او استطلاع الرأي، خصوصا في ما يتعلق بقوانين تمس المواطن والديموقراطية ككل، الا في حالة وجود استفتاء عام.

على سبيل المثال، بريطانيا، على الرغم من عراقة الديموقراطية وتعددية حزبية ممثلة في مجلس العموم البريطاني الذي يتمتع بأسنان حديدية، فقد أقدمت على استفتاء شعبي خرجت بموجبه المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي وترجل ايضا رئيس الوزراء كاميرون من رئاسة الحكومة احتراما لرأي الشعب وموقفه ايضا الذي اعلن عنه في العلن انه ضد خروج بلاده من الاتحاد الاوروبي.

الانتخابات البرلمانية لا تمنح الوصاية على الشعب بمختلف فئاته وشرائحه والتيارات الفكرية والسياسية، بل يجب ان يكون النظام الديموقراطي نافذة للتطوير السياسي للمصلحة العامة من دون اقصاء للرأي الآخر.

المفكر الاميركي روبرت دال في كتابه «الديموقراطية ونقادها» يقول «إن الحكم عن طريق الاوصياء البديل الدائم للديموقراطية وان العمل بنظام الوصاية هو استبدال للديموقراطية التي تشرك المواطنين في الرأي والعمل، ويتعلمون تصويب الاخطاء من خلال قنوات متفق عليها».

يفترض اليوم ان نكون في تطور تاريخي مختلف تماما عن السابق، تتسع فيه قاعدة المشاركة السياسية في صناعة القرار السياسي بالدرجة الاولى، وتتعمق الممارسة الديموقراطية. لكن ـــ للاسف ـــ تشهد الساحة المحلية تناقضات سياسية وتشريعية وتجاذباً بين مجاميع مختلفة، بينما صوت الاغلبية مغيّب!

الوصاية تعتبر مظهراً من مظاهر الحجر على الرأي الآخر، وممكن ان تتحول الى اداة هدم بدلا من اداة بناء للإنسان والقيم الاجتماعية، سواء على مستوى الدول او الاسرة او المجتمع ككل.

صحيح هناك خيار مفتوح امام الكل في الطعن دستوريا في القوانين، لكن هناك ايضا مراجع دستورية في مجلس الامة والدولة ايضا، يفترض ان يؤخذ برأيها تحصينا لقوانين تصدرها السلطتان التشريعية والتنفيذية حتى تخرج القوانين من دون ثغرات قانونية او دستورية من اجل المصلحة العامة.

اننا مقبلون على مرحلة جديدة، نأمل في ان يشارك الناخب فيها بمسؤولية ووعي من اجل مستقبل يحول دون ان تتوه فيه اجيال اليوم والمستقبل بين اجتهادات وقوانين تزيد من العزلة السياسية والاجتماعية، والامل معقود على نواب المجلس الحالي في تصويب اخطاء الأمس القريب.

خالد أحمد الطراح