&عبدالرحمن الطريري

هذا الأسبوع من فبراير عادة ما يشوبه الترقب لدى محلات الزهور، حيث تمنع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بيع الزهور الحمراء في الرابع عشر من فبراير «الفالانتاين»، بينما تختار السلامة بعض محلات الزهور والهدايا وبالتالي تغلق أبوابها في هذا اليوم.

ولكن هذه السنة تبدى وكأنه أسبوع حافل بأخبار الهيئة، بدءا من دمية أمام محل حلوى بمحافظة الخرج، لتصادرها الهيئة وتنصح مرتديها بتجنب التشبه بالنساء، وصولا لمشهد مطاردة عضو هيئة لفتاة أمام النخيل مول، لا يذكر إلا بالمطاردة التي حصلت في شارع العليا العام بالعاصمة الرياض، وأدت لوفاة شابين بعد سقوطهما في حفرة نتيجة السرعة والخوف من سيارة الهيئة التي صدمتهم في بداية المطاردة، مع العلم أن توجيها صادرا بوضوح بمنع المطاردة.

مبارك الدوسري رجل الأمن الذي لم يمسك بالفتاة التي هربت في المجمع التجاري، عوقب بالفصل من عمله وعاد إلى مدينته، الفتاة الأخرى أظهرتها المشاهد تقتاد إلى سيارة الهيئة بوحشية غريبة، هذا الأسبوع أيضا شهد حادثة ضرب لمعدة برنامج، كما أورد القصة الزميل قينان الغامدي في مقال بعنوان («الهيئة» تعتدي على فتاة وتضربها وتتهمها: للدكتور السند «المية تكذب الغطاس»)، وقد نسبت الهيئة للمعدة تهمة الخلوة لأنها كانت تركب سيارة أجرة.

وبالتزامن مع قضايا الهيئة في الداخل، كانت المملكة تخوض اجتماعات بروكسل للتنسيق مع دول التحالف الدولي ضد داعش، حول دخول قوات برية لقتال داعش في سورية، وكانت قوات الجيش اليمني بدعم وإسناد من التحالف العربي، تدخل للمرة الأولى العاصمة صنعاء، وتخوض معركة شرسة لتحريرها من ميليشيات الحوثي.

كانت الديبلوماسية السعودية في أنشط درجاتها، عبر المؤتمر الصحفي للعميد أحمد عسيري في بروكسل للحديث حول التدخل البري السعودي، وفي اليوم التالي وزير الخارجية عادل الجبير في ميونخ، يجيب على أسئلة الإعلاميين حول علاقة المملكة بداعش، وعلاقة داعش بالإسلام وعن حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، وبينما كان يحسن ردا حول سماحة الإسلام وأن داعش لا تمثله، وأن المملكة أكثر من يتأذى من الإرهاب، والأكثر جدية في التصدي له.

ولكن حوادث الهيئة كانت مادة جاهزة للإعلام المعادي للمملكة، ولم تحتج إيران أو الصحف التابعة لليمين المتطرف في عواصم غربية للقيام بحملة ضد المملكة، فدمية الخرج تحديدا كانت من السخرية بمكان يدفعنا جميعا للخجل، ويكون مادة سهلة لكل خصوم المملكة الذين أزعجتهم قوة المملكة الديبلوماسية والعسكرية.

حتى وصلنا يوم الجمعة الماضي والذي ظهرت فيه حادثة القبض على الصديق علي العلياني، وسيقت له التهم تباعا وتم التشهير به ونشر صورته، وتم اقتحام المنزل وظهور الخبر على عدة مواقع مع صياغة انتقامية، وأوردت وصفا لمحتويات المنزل بشكل مبالغ فيه ولا يصدقه عاقل، واستخدمت ألفاظ داعشية من باب الترويع، حيث ذكر على سبيل المثال «تمكن أسود الهيئة»، وهل تحتاج هيئة تأمر بالمعروف إلى أسود؟ وهل علي القدر نحيل القد يحتاج لأسود لكي يمسكوا به؟

أتفهم أن يحاسب كل مخطئ إذا ثبت الخطأ، ولكن التشهير والشماتة لا تتماشى مع قيم الإسلام السمحة، بل هي سمات من يشخصنون الأمور ويحملون حقدا شخصيا، يكون في أول الأسبوع بضرب المعدة، وفي آخره بالقبض على المذيع، أم أن ما حدث رد فعل لغضب داعية مما قاله بشجاعة علي في برنامجه.

وهذا هو الأخطر، فتقصير جهاز من أجهزة الدولة وارد ويحصل من التعليم والإسكان وخلافه، ولكن أن يغرد الداعية فجرا شماتة بالحادثة قبل الجميع، فهذا أمر يدعو للريبة، وأذكر الداعية أن من ينتقده ينتقد ما يقدمه من آراء وما يخرج عنه من حديث في لقاءات أو برامج، أما حين قُبض عليه فلم يشمت به أحد من خصومه الفكريين، لأن هذه شيم الرجال في الخصومة.