&محمد القويز

&مجموعة من الكتّاب العرب اشتهروا بمعارضتهم لأي مشروع عربي يضم دول الاعتدال واختاروا دوماً أن يقفوا ليس على الحياد ولا موقف الناقد الموضوعي، وقفوا موقف الخصم اللدود الذي ينتقل من خصومة لخصومة.

وقفوا مع صدام في احتلال الكويت وتقربوا منه ونفثوا سمومهم ضد دول الخليج بالذات، واستنكروا عليها أن تدافع عن نفسها. ذهب صدام فبحثوا عن بديل. بعضهم مجّد القاعدة وكان يسمي قائدها الشيخ أسامة وكان يرى صراحة أن طريقته هي الأكثر ملاءمة للرد على تغطرس أميركا.

كان محتوى المقابلات في القنوات العربية مختلفاً عن محتواها عندما تكون المقابلة في «البي بي سي» أو «السي إن إن» ولم يكن يجرؤ على مثل تلك الآراء فيها. سقطت القاعدة وتكشفت أقنعة الجهاد الكاذب وخرج منها داؤها داعش وغير داعش وكانت مجالاً خصباً لطرح جديد يمجد الوضع باسم الموضوعية.

وقف بعضهم مع القذافي وسقط القذافي. اصطفوا مع حزب الله ومع الحوثيين ضد الشرعية وضد التحالف. تحدثوا وأفاضوا في حوادث معينة وصفوها بالجرائم وتباكوا على الأبرياء، ولكنهم تغاضوا عن جرائم حلفائهم الجدد رغم فداحتها. وهاهم الحلفاء الجدد يتساقطون كما تساقط سابقوهم.

وعندما جفت المنابع بسقوط القوى التي كانت توظف الكُتاب لخدمة أهدافها مقابل مكاسب مادية ومعنوية، انسلخ بعضهم من عروبيته وغازل الفرس رغم الزخم القومي الذي سممونا به لعقود. تسابقوا على القنوات الفضائية وقد فهموا جيداً أن معارضة دول الخليج بالذات وكذلك مصر في عصر الاعتدال هي الطعم الذي به يصطادون القنوات والمشاهدين ويضمنون استمرارية هذه الحالة.

الملاحظ أنهم دائماً يقفون مع الفريق الأسوأ من العرب. ليس فقط ذلك بل هم دائماً يراهنون على الحصان الخسران. ثم يبحثون عن حصان جديد ليراهنوا عليه.

حاولت أن أحدد خصائص هؤلاء الكتّاب من خلال تتبع مقابلاتهم وقراءة مقالاتهم وخرجت بنتائج أهمها:

أولاً: انهم جميعاً حادّوا الذكاء ويتميزون بذاكرة قوية ولديهم كاريزما طاغية.

ثانيا: انهم متحدثون جيدون ولديهم رصيد معرفي وثقافي كبير.

ثالثا: انهم يتميزون بنرجسية عالية جدا يتضاءل أمامها الآخرون مهما عظموا ويتجاهلون النجاحات مهما كانت واضحة.

رابعا: ان هناك عوامل شخصية حددت مواقفهم ولهذا فهناك ثأر دائم يفتعل في أنفسهم المريضة التي ضحت بكل شيء في سبيله.

خامسا: لا شك أن العوامل المادية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل آرائهم، وقد قالها أحدهم صراحة «أن تؤلف كتاباً عن فلسطين فلن تجد ناشراً أو قارئاً، أما أن تؤلف عن داعش أو القاعدة فستتسابق دور النشر لتظفر به وستكسب منه كثيراً».

هل لنا بعد هذا أن نتساءل لماذا آلت حال العرب لما آلت إليه، ونحن نرى نخبة من مفكريهم وكتّابهم يقودون مسيرة الخاسرين العرب.