&&سمير عطا الله&

تتوالى في لبنان فصول الكشف عن شبكة مقرها مدينة جونية، أخف جرائمها وأكثرها أخلاقية، الدعارة. 75 امرأة، معظمهن سوريات، يُحتجزن ويُضربن ويُرغمن على تعاطي الفحشاء، وإذا حمل بعضهنّ، تولى طبيب العصابة إجهاضهن. أخبار الممارسات الوحشية القائمة منذ عشر سنين، لا تُكتب لأنها تحفر في النفوس الكريمة اشمئزازًا لا يزول. وكالعادة، كان وزير الصحة وائل أبو فاعور، أول من تحرك، فأغلق عيادة الطبيب، ومنعه عن العمل، ولم ينتظر إشارة القضاء لأن القضاء في لبنان يخاف المجرم أكثر مما ينتصر للضحايا.

لكن لبنان الذي لم تهزه أخبار العبودية، والتعذيب، والسجن القسري، والحمل غير الشرعي، والإجهاض الإرغامي، كان قد انتفض انتفاضة مضرية بسبب رسم كاريكاتيري في «الشرق الأوسط» يسخر من غياب الدولة اللبنانية. وهكذا، هبت مفرزة من ثمانية على مكاتب الجريدة تعترض على الرسم بطريقتها: كسر وخلع وشتائم.

وقد تقدم المفرزة الغيورة على علم لبنان «ناشط» من منطقة البترون، عُرف بأغانيه الوطنية على «اليوتيوب»، ومن أدبياتها ومعانيها القومية أنه يستخدم قفاه في التعبير عن آرائه، اختصارًا للوقت.

وكان هذا، واسمه - وليس لقبه - بيار حشاش، لكثرة ما يغار على لبنان وسمعته، قد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية. وما بين الترشح للرئاسة والغناء لكرامة الوطن، يبرز فجأة أحيانًا في تظاهرة تقوم بها مفرزة الآداب الكاريكاتيرية على مكاتب أكبر الصحف العربية حول العالم.

كأنما كاريكاتير أمجد رسمي كان في حاجة إلى من يؤكده، فكان الهجوم الأول من نوعه في تاريخ الصحافة اللبنانية وتاريخ لبنان. وكأن صورة لبنان كبلد متحضر كان ينقصها إضافات ما، فحاول الحريصون استكمالها. وهكذا، في يوم واحد، كانت مسيرة بيار حشاش المظفرة من أجل علم لبنان وسمعته، وكان أيضًا الكشف عن أفظع أنواع الرعب والتعذيب والاضطهاد البشري، في مدينة كانت إلى الأمس رمز المدارس العريقة والجامعات، وتسمح اليوم بأن تعشش فيها السراديب الحمراء، وأقبية التوحش البشري، وأسوأ أنواع التغول في تجارة الرق. لو لم يكن المرشح بيار حشاش معتقلاً، لكان غنى النشيد الوطني: كلنا للوطن للعلا للعلم.

&

&

&