&أحمد عبد الملك

نظمَ مركز عيسى الثقافي بمملكة البحرين النسخة الثانية من تحالف عاصفة الفكر الأسبوع الماضي، حيث جاءت هذه النسخة تالية للنسخة الأولى التي أقامها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بمبادرة من مدير عام المركز سعادة الدكتور جمال سند السويدي، سعياً لمؤازرة جهود حماية الأمة من شرور الإرهاب ونشاطات الجماعات الإرهابية والسعي لتسوية المشكلات التي تواجهها المنطقة العربية ورفعها إلى أصحاب القرار، وتأييد كل ما من شأنه حماية الدول العربية والدفع بقضايا التنمية والأمن العربي المشترك.

وكان الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، قد ألقى كلمة حدّد فيها مسارات اللقاء، وأهمية وجود تحالف فكري لدراسة ما يدور في المنطقة من أخطار استهدفت بعض الدول العربية، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، كما أشار إلى دور الإرهاب الذي ترعاه إيران عبر أذرع لتوسيع نفوذها في المنطقة، والذي بدأت ملامحه في لبنان أولاً ثم في العراق ومن بعده سوريا ثم اليمن.

ورأى بعض المشاركين أن الإرهاب يأتي على شكلين في الوطن العربي: الشكل الأول فوقي (تمارسه بعض الحكومات)، وتحتي (يأتي من قاعدة المجتمع). وأشار أحد المشاركين إلى أن القوة العسكرية لا تستطيع القضاء على الإرهاب، بل يمكن أن تقضي على 20% منه، كما أن الإعلام العربي يغذي التطرف لخدمة مصالح آنية، وأنه تم إهمال دور المنزل، كما أن الأب يفقد قدرته على التواصل مع أبنائه بسبب شراسة التكنولوجيا، وضعف المناهج التعليمية، وعدم وجود رؤية واضحة لمكافحة الإرهاب.

وفي المحور الذي عالج العقبات التي تواجه التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، تحدث أحد المتداخلين حول أهمية تحالف عاصفة الفكر وضرورة التعامل معه على أنه عمق فكري وإعلامي لمواجهة الأخطار، كما يجب أن تُبنى الاستراتيجيات العسكرية على القوة العربية، ويجب أن نتأهل كي نواجه مخططات تفكيك الأمة العربية التي تشترك فيها قوى طائفية إرهابية محلية وجهات إقليمية ودولية.

لذلك فالعرب مطالبون بوضع استراتيجية واضحة تستند أولاً إلى الاعتماد على الذات، لأن الأصدقاء لا يمكن الوثوق بهم على المدى الطويل، وثانياً إلى تشكيل استراتيجية عربية موحدة، إذ لا دولة عربية يمكن أن تواجه تلك الأخطار وحدها، هذا علاوة على أهمية تشكيل القوة العربية المشتركة، وذلك بإزالة الخلافات وحشد الطاقات نحو تشكيل الجيش العربي الموحد.

ورغم ما في ذاك الحديث من أمنيات تصطدم بواقع عربي مرير، فإن المفكرين دوماً يحلقون في عالم الأماني، ويحاولون تطويع الواقع لأمل يبدو لهم قريباً، ذلك أن المشاريع العربية المشتركة لم تنجح، والهيئات العربية المشتركة التي مولها العرب لم تحقق المراد منها.

وأصدر تحالف عاصفة الفكر 2 بياناً أشار إلى أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب ولا ملة ولا حدود، ولابد من مواجهته والتصدي له فكرياً واجتماعياً وتربوياً، كما أكد البيان على أهمية تعزيز التعاون العربي لتأطير الجهود الأمنية والاستراتيجية في مواجهة التطرف الأيديولوجي والطائفي متعدد الأقطاب والانتماءات، والذي يهدف إلى تدمير مفهوم الدولة الوطنية، وسلخ ولاءات الشعوب العربية لأوطانها، وأشار البيان إلى الدور الإيراني الذي يعكس مخططاً توسعياً لفرض هيمنة فارسية على منطقة الخليج العربي، المخطط الذي تجاوز مرحلة التنظير إلى مرحلة التنفيذ، وأن إيران وإسرائيل دولتان راعيتان للإرهاب، وأن «حزب الله» في لبنان وسوريا و«الحشد الشعبي» في العراق والحوثيون في اليمن وتنظيمي «القاعدة» و«داعش».. كلها أدوات للتدخل في الدول العربية، كما أيد البيان كل الجهود العسكرية المشتركة لـ«عاصفة الحزم» و«التحالف الإسلامي» ضد الإرهاب، الساعية للمحافظة على المصالح العربية وإعادة التوازن والاستقرار الاستراتيجي في المنطقة. كما أوصى المشاركون بوضع مخرجات الندوة تحت تصرف الجهات السيادية داخل الدول العربية.

ومن أهم توصيات الندوة: تعزيز قيم المواطنة، وترسيخ مفاهيم الولاء للوطن والتسامح والتعايش الإنساني في إطار الدولة الوطنية، ومن خلال فتح قنوات التواصل مع المعنيين بصياغة المناهج التعليمية والتربوية، وإثرائها اجتماعياً وثقافياً وتاريخياً لبناء أسس فكرية تحصن الأجيال القادمة.