&صحف بغداد: علاج أزمة العراق بالصدمة وأحزاب تلغي دور الشعب ولغز إغفال الفلوجة وحقيقة العلاقة بين العرب والكرد وغياب ثقافة المواطنة

مصطفى العبيدي

&تناولت الصحف العراقية علاقة الأحزاب بالشعب وعلاج الأزمات بالصدمةـ وتساؤل عن تأخير تحرير الفلوجة وفضائح وثائق بنما وغياب ثقافة عراقية حامية للوطن وعلاقة الكرد بالعرب.

العلاج بالصدمة

تناول مقال في صحيفة «المشرق» المستقلة أزمة تشكيل الحكومة قال كاتبه: «أمام رئيس الوزراء، الدكتور حيدر العبادي، سيناريو فريد من نوعه، يبدأ بتدويل الحرب على داعش للانتهاء من الخلافات الداخلية وحل مجلس النواب وإعلان الأحكام العرفية، بالتعاون مع قرار دولي يعيد البلد إلى أحكام الفصل السابع وسلطة القانون الدولي وعقد مؤتمر في بغداد للأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة في المنطقة لخلق محور عراقي يمارس فيه دور «الموازن الإقليمي».

واقع الحال ان حكومتي المالكي انتهت إلى شيوع مظاهر الفساد في الدولة، من خلال منظومة متداخلة من تشابك المصالح الحزبية، وسيادة مافيات إدارية ومظاهر مسلحة بعناوين مختلفة، لا يمكن لأي محلل سياسي موضوعي ان يعتقد بأن العبادي يملك العصا السحرية لحلها، لاسيما وانه من ذات الوسط الذي سبق له وأن اتى بها إلى الدولة.

في تجارب الشعوب هناك نموذج العلاج بالصدمة لإنقاذ البلد – كما فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكما في التجربة المصرية. لذلك اعتقد ان إعلان الأحكام العرفية وحل مجلس النواب بعد تفاهم دولي- إقليمي على العلاج بالصدمة لإزالة كوارث ما تقدم من آثام المحاصصة المقيتة، يمنح العراق بارقة أمل لرؤية الضوء في نهاية النفق.

اما الإصلاحات التي يجري الحديث عنها من معطف المحاصصة فهي مجرد تدوير للأزمات ودحرجتها إلى الأمام كما سبق وان حصل طيلة مرحلة ما بعد عام 2003. وهناك مسؤولية دولية مطلوب استثمارها بفعالية وعقل منفتح لتفادي الدمار الشامل للغضب الشعبي، الذي ليس باستطاعة حكومة العبادي تفاديه، وهي مفلسة بسبب انخفاض أسعار النفط وتقشف اقتصاد الحرب الذي يثقل كاهل المواطن!

وكتب عادل عبد المهدي القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي» مقالا في صحيفة «العالم» ان تيارين أساسيين هما «المجلس الأعلى» و«التيار الصدري» أدركا، فطرة او وعيا، أهمية إشراك الشعب في قرارات التنظيم واختيار ممثليه، وقاما بممارسات جنينية، ما زالت تحمل الكثير من النواقص والسلبيات، وفيها الكثير من البساطة.

وتأثر الكثير من مفاهيمنا التنظيمية والحزبية بالتجربة الغربية… وجاء التأثير الأكبر من الأحزاب الشيوعية.. ومشكلة التنظيمات اللينينية التي تأثرت بها عندنا الأحزاب القومية والدينية أيضا، ناهيك عن ان الشيوعية تضع فاصلا بين النخبة او الطليعة او ممثلي الطبقة القائدة وبين عموم الشعب.. فالحزب يمثل الشعب ويقوده بتفويض ايديولوجي وافتراضي، وليس فعليا او حقيقيا.

ان من أخطر الأخطار تحول التنظيم إلى مجتمع يلغي المجتمع الحقيقي ويكون بديلا له.. ولعل هذا هو السبب لرفض الشهيد الصدر الأول وكثير من المفكرين أطروحة الشهيد سيد قطب حول «الجاهلية الثانية».. فالمجمتع مسلم والناس مسلمون، وان معالجة الأخطاء والانحرافات الفردية والاجتماعية، شيء، وتكفير المسلمين والمجتمعات الإسلامية شيء آخر. فهو يقود بالضرورة إلى انحرافات أكبر كما يشهد على ذلك التطور إلى مفهوم السلفية الجهادية، وما أفرزته من فكر إرهابي يدعو لتكفير وقتل كل من لا ينتمي لتنظيماتهم.. فولدت «القاعدة» و«داعش».. ففصل المجتمع والشعب عن التنظيم، له مآلات خطيرة، كما تبين التجارب.

لغز الفلوجة

وكتب وفيق السامرائي مقالا في موقع «براثا» المقرب من المجلس الأعلى الإسلامي ذكر فيه أن «قصة الفلوجة أصبحت أمرا محيرا، ولم يجر حتى استكمال تحرير قصبة الكرمة المجاورة لها، وترك الناس تحت سلطة الدواعش، وأراد المغرضون داخل العراق وخارجه استغلال الحالة لمصلحة مشروعهم.

والسؤال هو: هل أن الفلوجة أكثر صعوبة من الرمادي؟ الجواب: كلا.

وبغض النظر عن التفسيرات والمواقف غير المجدية، فإن من المستغرب عدم تحريرها، والتركيز على فتح عمليات بطيئة جدا شمالا نحو الموصل، علما أن فتح جبهة مخمور ليست خطأ، بل ضرورية للقيام بها من قبل أبناء نينوى وتجربة المغرضين والوطنيين من سياسييها. لكن، لا يجوز تشتيت موارد الدولة المركزية، وليصفيّ المسؤولون من المحافظة الشكوك حولهم قبل أن يستمع إليهم.

الآن، غاية المخربين والحرامية إرباك أمن الوسط والجنوب، والرد عليهم يكون بسلسلة إجراءات متداخلة أهمها تحرير الفلوجة، وستلمسون تحسنا كبيرا في أمن بغداد والجنوب.

العراق ووثائق بنما

وتناول مقال في صحيفة «الزمان» المستقلة فضائح وثائق بنما جاء فيه أن « العالم يدخل دوامة وثائق بنما التي وصلت حتى هذه اللحظة أكثر من 11 مليون وثيقة ذات طابع مالي صرف عبر تبييض أموال أو تهرب ضريبي وليست وثائق سياسية كما اعتدنا من ويكيليكس في السابق.

ونحن في العراق، كشعب سرقت أمواله بطرق شتى، سنهتم بالموضوع وستضج صفحات الفيسبوك بالكثير منها وسيتحول كل منا إلى مروج لهذه الوثائق ونقيم الدنيا ولا نقعدها.

وبطبيعة الحال كل واحد منا سينظر للأمر من زاوية انتقائية في نشر من ترد أسماؤهم من المسؤولين العراقيين، فيما نجد المعنيين بهذه الوثائق بلا تصريح، وإن صرحوا سيكتفون بالقول إنها مزورة وتمثل استهدافا سياسيا لهذا وذاك من الذين ترد أسماؤهم، رغم أن الضجة عالمية تشمل رؤساء دول عظمى وأبناءهم وأصهارهم وزوجاتهم.

المسألة لدينا في العراق غير ذلك، طالما أن الجميع مشمولون بفضائح بنما كما كانوا من قبل مشمولين بويكيليكس.

فلا أحد يحرك دعوى ضد الآخر. وسنكتفي، نحن الشعب المسروق والذي تم تبييض أمواله عبر قنوات عالمية، بالفيسبوك وسيلة نعبر فيها عن غضبنا العارم ضد سراق المال العام في بلدنا.

لهذا أجد أن تأثير هذه الوثائق محدود جدا في الرأي العام العراقي باستثناء صفحات الفيسبوك كما قلنا والتي ستتحول لساحة معركة وتصادم بين الناس، خاصة وأن هذه الوثائق لا تقدم الجديد للشعب العراقي الذي يعرف جيدا من هم سراق أمواله وأين ذهبت هذه ألأموال التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات عبر سنوات عديدة منها سنوات قبل 2003 خاصة وأن العمر الزمني لوثائق بنما يبدأ من عام 1977 وصولا لنهاية عام 2015 ولنا منها حصة ربما هي ألأكبر بين حصص بقية شعوب العالم.

وهنا يجب أن تتحرك السلطة القضائية في العراق للإطلاع على الوثائق بعين دقيقة من أجل استرجاع ما يمكن استرجاعه.

لا ثقافة عراقية

ونشرت صحيفة «طريق الشعب»، التابعة للحزب الشيوعي، مقالا للكاتب فلاح المشعل أكد خلاله على أن «الأواصر الوطنية تشتد ويتكافل الشعب مع بعضه عندما تضرب المحن والكوارث والأزمات الكبرى أي مجتمع بشري.

والتجربة العراقية بعد الإحتلال، تجيز لنا القول ان لا ثقافة عراقية يمكن ان نحتكم لها وفق مقاسات وطنية وجمالية، يمكن ان تعطي سمات محددة للمجتمع العراقي، خصوصا بعد صدمة الإحتلال الأمريكي، وتدخل دول الجوار، وتشرذم المجتمع في سابقة خطيرة لم تحدث حتى عند أشد شعوب القبائل الأفريقية تخلفا حضاريا.

وإذا كانت القاعدة الوجودية تشير إلى تماسك أفراد المجتمع إزاء العدو الخارجي كما في الحرب، أو أية كارثة بيئية، تحت مظلة المواطنة، فإن ما حصل في العراق هو العكس تماما. فقد انكفأت الجماعات والمكونات على ذاتها الطائفية والعنصرية.

بلا شك ان عوامل السياسة وتدخل دول الجوار ومشروع الاحتلال وجرائمه اللاإنسانية واللاأخلاقية، كانت احد أهم الأسباب الدافعة لواقع الكراهية وثقافة الانتقام والصراع، لكن السؤال: أين ثقافة المجتمع ومصداته الوقائية، ما هو دور المؤسسة الثقافية إزاء ما يحدث..؟

العقلية الازدواجية سيف بوجه الإصلاح

وتناول مقال في جريدة «الاتحاد» الصادرة عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» عقلية الحاكم جاء فيه: «من المبادئ التي يحتكم إليها العقلاء في تقييم قراراتِهم سلبا وإيجابا هي الوسطية والاعتدال، بيد أنّ تطبيق هذا المبدأ على إطلاقه في التعاملِ مع مجمل المواقفِ التي تواجهنا وخصوصا حين يحتدم الصراع قد يحيد بنا عن دائرة الوسطيةِ والاعتدال إلى حيث التطرفِ والابتذال، وهو ما نلمسه بوضوح في بعض مشاريع الإصلاح؛ إذ إن كلَّ محاولة للإصلاح هي شروعٌ بعمل ما نحو تحقيق أهداف ضمن خطة أعدتْ سلفا.هكذا ينبغي أن تسيرَ الأمور، وهي بين النجاحِ والفشلِ.

هذا منطقٌ حاكم في عقلية البعض، ومن هنا تبدأ الكارثة؛ فما كان خيرا فهو لنا وحسب ولا يشاركنا فيه الآخرون ولنا حصة الأسد في إيجاده، وما كان سوء لا نتحمل مسؤوليته، وهذه العقلية التي تحاول الجمع بين الموقفين (الإقدام والإحجام) في صفقة واحدة تكون بعيدة كلَّ البعد عن التسديد الإلهي.

فالجميع يبحث عن الإصلاح ويطالب به، إلا أنَ ما يرغب فيه المضطَهدون من قادة الإصلاحِ أن يكملوا ما بدأوا به إلى النهاية معهم ولايتركوهم في منتصف الطريق، فيكتفون بجني الغنائم حين تنوع الثمار وتخضر الجناب.

علاقة الكرد بالعرب

ونشرت صحيفة «التآخي»، المقربة من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مقالا للكاتب جلال الشيخ علي جاء فيه: «عندما ننظر إلى الخارطة السياسية للعالم ولا نجد أثرا للدولة الكردية فيها فإننا نَلعَن ذاك اليوم الذي صوت فيه الكرد على الانضمام للعراق في عام 1925، عندما صوت الكرد، الذين كانوا يشكلون 75٪ من سكان ولاية الموصل، وبدعم من بعض المستفيدين وقتها على الانضمام إلى العراق ولم يشددوا على المطالبة بإنشاء الدولة الكردستانية.

هنا نتساءل: هل هناك علاقة تأريخية بين الكرد والعرب لكي نختار الانضمام اليهم؟ فلنفترض انه كانت هنالك علاقة تأريخية بين الكورد والعرب، فهل هذا مسوغ او دافع للانضمام اليهم والعيش تحت رايتهم، أم كان ذلك لتحقيق مصالح شخصية؟

ثم ألمْ تكن هناك علاقة تأريخية بين الاتراك والعرب؟ لماذا أصبح لكلا الجانبين دولتهما القومية ولم ينضم احدهما للطرف الآخر؟ ربما تتساءلون عن جدوى ما ذكرت برغم مرور عشرات السنين على ذلك.

نعم لا جدوى في ذلك سوى التذكير لعدم تكرار خطأ الماضي السحيق، إذ يبدو ان التأريخ يعيد نفسه من عدة جوانب. فالعلاقة التأريخية المزعومة ما بين الكرد والعرب منهارة ومستمرة في انهيارها وبسبق الإصرار والترصد وعلى أعلى المستويات… لذا لا أعلم عن أية علاقة تأريخية يتحدثون. فعندما يقطعون عنا الموازنة والرواتب وكل المستحقات القانونية، يؤكدون انتهاء تلك العلاقة.

اما في الجانب السياسي فالحمد لله نجد ان مشاركة الكرد في الحكومة العراقية تتقلص يوما بعد آخر، إذ لم يبق في بغداد العاصمة إلا منصب فخري وقلة قليلة من السياسيين الكرد كممثلين لنا، ولكنهم يتمتعون بامتيازات شخصية كبيرة فهل سنقدم حلم الدولة الكردية الذي يحلم به كل فرد كردي كبش فداء لهؤلاء السياسيين المتبقين في بغداد؟ آن الأوان لتكاتف كل الاحزاب الكردستانية بشأن مشروع الدولة الكردستانية والابتعاد عن تحقيق المصالح الحزبية او الشخصية الضيقة، لأن التأريخ لا يرحم من يخطىء».

&