&انتهت جلسة مؤتمر هيئة الحوار الوطني اللبناني أمس بإطلاق رئيس المجلس النيابي نبيه بري، مبادرة تربط ما بين انعقاد جلسة لتشريع الضرورة وتضمين جدول أعمالها قانون الانتخابات النيابية، بهدف التصويت عليه وإقراره داخل الهيئة العامة، على أن تنعقد هيئة المكتب وتضع جدول الأعمال وفق ذلك، وفي حال وافقت القوى المختلفة على هذا الطرح يفتح الباب لجلسة تشريعية قبل نهاية أيار (مايو) المقبل. وهو ينتظر مواقف القوى السياسية حتى نهاية الأسبوع قبل الدعوة إلى جلسة. لكن هذا الطرح لم يكن محط إجماع فأظهرت مواقف المشاركين في الحوار داخل الجلسة ولدى خروجهم تبايناً في رؤيتهم له، حيال تمسك كل طرف بشروطه، علماً أن غالبية الحضور، بمن فيهم ممثلو القوى المسيحية، أيدت تشريع الضرورة لتسيير الأمور والقضايا الملحة التي لا تحتمل الانتظار.

وكانت جلسة الحوار السابعة عشرة انعقدت برئاسة بري وحضور جميع أقطاب طاولة الحوار باستثناء رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون الذي مثله الوزير جبران باسيل والنائب إبراهيم كنعان، بحثت قانون الانتخاب، من باب التقرير الذي أعدته اللجنة النيابية التي كلفت درسه، لكنها ركزت مداولاتها على تفعيل العمل النيابي من زاوية تشريع الضرورة في ظل الشغور الرئاسي. واستهلها بري بعرض البنود العالقة على خانة الضرورة، ولم يجد فيها المجتمعون استفزازاً كونها تتعلق بتسهيل أمور ومصالح المواطنين، إضافة إلى الهبات والقروض، وهذه الأمور كان مكتب المجلس وافق عليها، وفق بري الذي أضاف: «يعقد اجتماع لهيئة مكتب المجلس ويقدم اقتراح يقضي بإلغاء توصية كان صوت عليها المجلس باقتراح من عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب إيلي عون أن لا قانون انتخاب قبل انتخابات الرئاسة وبعدها ننتقل لتشريع الضرورة، وفي آخر أيار (قبل نهاية الدورة العادية للمجلس) تعقد جلسة لقانون الانتخاب، وننتظر من الجميع أن يأخذوا وقتهم لإعطاء الجواب».

ثم قدم النائب سليمان فرنجية مداخلة قال فيها: «نحن أمام أزمة كبيرة، البلد يرزح تحت وطأة انقسام كبير، ويوجد خلاف حول تفسير الدستور، بالنسبة إلى النصاب لانتخاب الرئيس لا شيء في الدستور ينص على الثلثين، وإنما تم الأخذ به للتوافق على الرئيس».

وأضاف: «أنا أكثر واحد متضرر من هذا النص، لكن ضرورته هي لإفساح المجال أمام التوافق، وأنا أقول إنني مستفيد من النصف زائداً واحداً. نتكلم الآن بالتشريع وانتخاب الرئيس، فلنستفد من الظروف الحرجة التي نمر بها لتسيير عجلة الدولة، وشؤون الناس، ولا مانع من تشريع الضرورة إذا تعذر انتخاب الرئيس». وقال: «أنا كماروني أنتمي إلى كبرى البلدات المارونية، زغرتا، أؤيد تشريع الضرورة الذي لا يضر بحقوقنا. وما دام انتخاب الرئيس متعذراًَ لماذا لا نفعّل عمل الحكومة والمجلس النيابي؟».

&

كفى اجتهاداً

وقال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل: «أنا بالمبدأ مع انتخاب الرئيس قبل أي شيء آخر لأن الدستور واضح في حال الشغور الرئاسي أو انتهاء ولاية الرئيس، والمجلس ينبغي أن يبقى في حال انعقاد»، مستنداً في ذلك إلى مواد الدستور 73 74 و75، إذ أحضر معه نسخة عن الدستور، وقرأ هذه المواد التي تنص على أن المجلس في غياب الرئيس يعتبر هيئة ناخبة لا هيئة اشتراعية حتى أنه ينعقد حكماً من دون دعوة رئيسه وقال: «لا شيء اسمه ثلثان، هناك عرف يتبع، ولازم يصير فيه تفسير للدستور، وكفى اجتهاداً؟».

أما باسيل فقال: «اتفقنا على قانون الانتخاب أولاً»، بري مقاطعاً: «مع مين اتفقت». باسيل: «نحن والقوات والرئيس سعد الحريري». بري: «هناك توصية من المجلس وتم التصويت عليها والمجلس سيد نفسه». وأشار الوزير ميشال فرعون إلى «أننا ما زلنا في دوامة منذ اتفاق الدوحة حتى اليوم وقانون الانتخاب في الدوحة هو الذي تم على أساسه انتخاب الرئيس. لكن إذا تعذر ذلك ما العمل؟». وقال: «نحن في مأزق أنا مع قانون لكن إذا تعذر ذلك فلنتفق على ما هو المعيار في تشريع الضرورة».

وقال رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة: «صحيح اتفقنا، لكن إذا لم نتفق فهل ننتظر رئيساً ونبقي البلد مكربجاً. ونوقف مصالح الناس، والقوانين تبقى عالقة، في النهاية المجلس سيد نفسه».

وأكد الوزير بطرس حرب «أننا مع انتخاب الرئيس، لكن ما العمل إذا لم نتمكن من الاتفاق، هناك ضرورة للتشريع، فهل يبقى البلد مكربجاً». وأيد تشريع الضرورة أيضاً نائب رئيس المجلس فريد مكاري، الذي قال في مداخلته: «أنني مع التشريع الكامل لأن عدمه لن يؤدي إلى رئيس، ولو كان انتخابه مرتبطاً بتعطيل التشريع لكنت أول المعطلين».

وتابع: «ثمة مستجدات حصلت، أولها موقف الرئيس سعد الحريري الذي ربط حضور كتلة المستقبل بأن يكون بند الانتخابات بندا وحيداً على الجدول، وقد سألت الرئيس الحريري قبل أسبوع وقال لي إنه لا يزال عند رأيه، وإنه مصرّ على القانون المقدم من تيار المستقبل والقوات والحزب التقدمي. أما المستجد الثاني فهو أن اللجنة النيابية اجتمعت على مدى أربعة أشهر وقارنت بين مشروعين ووصل أعضاؤها إلى نقاط مشتركة كبيرة وبقيت نقاط أساسية غير متفقين عليها». وقال: «إذا جمعنا موقف الأحزاب المسيحية مع موقف الرئيس الحريري نستنتج أن لا جلسة إلا إذا كان هناك قانون انتخاب، لأن النصاب لا يعود متوافراً في الجلسة، وتالياً إذا أردنا بحث موضوع التشريع يجب أن نبحثه مع قانون الانتخاب».

وفي مداخلة أخرى، قال مكاري: «في الجلسات الأولى للحوار حصل جدل كبير في شأن جدول الأعمال، إذ كان ثمة فريق مصرٌّ على حصره ببند انتخاب رئيس، ورأى الرئيس بري يومها أن طرح البنود الأخرى، ومنها قانون الانتخاب، يساعد على انتخابه، وقد أيدته في ذلك».

وأضاف: «اللجنة بحثت الاقتراح المشترك، والاقتراح المقدّم من النائب علي بزي، وتوصلت إلى نقاط مشتركة بنسبة 90 في المئة، وبقيت البنود الصعبة والأساسية». ولفت إلى أن «الأحزاب المسيحية والكثير من المسيحيين يعتبرون أن أول جلسة يجب أن تتضمن قانون الانتخاب، وسعياً إلى حل هذه المشكلة وتالياً العودة إلى التشريع في ما بعد، فلنطرح المشروعين اللذين بحثا في اللجنة ونأخذ رأي المجلس في النقاط المتوافق عليها». وأوضح أن «النقاط المختلف عليها يتم إنهاؤها بالإقناع أو بالتصويت خلال جلسة للهيئة العامة».

&

مخاطر فراغ اضافي

وطُرح سؤال آخر عما اذا كان انجاز قانون الانتخاب يحتم اجراء الانتخابات قبل انتخاب الرئيس لأن الأمر يتطلب انهاء ولاية البرلمان وضمان حصول الانتخابات في موعدها، مع ما يحمله ذلك من مخاطر فراغ اضافي؟.

وقبيل انتهاء الجلسة التي أرجئت إلى 18 أيار، خرج رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط من دون الإدلاء بأي تصريح وأعقبه فرنجية الذي قال: «السكوت من ذهب».

وكان سبق الاجتماع لقاء جمع بري والسنيورة. وتلا الاجتماع لقاء بين سلام والسنيورة بعيداً من الأضواء لأكثر من ساعة غادرا بعده من دون الإدلاء بأي تصريح. ورافق السنيورة سلام في سيارته التي كان يقودها بنفسه.

وقال وزير المال علي حسن خليل لدى خروجه: «الرئيس بري عرض موضوع الجلسة التشريعية وأكد حرصه على الميثاقية التي كرسها خلال كل ممارسته. ودعا القوى والأطراف للتفكير بالصيغة التي طرحها لعقد جلسة تشريعية يحدد جدول أعمالها مكتب المجلس ويطرح خلالها إعادة النظر بقرار المجلس عدم إقرار قانون الانتخابات قبل انتخاب رئيس».

وقال الرئيس نجيب ميقاتي: «قدم الرئيس بري عرضاً كاملاً وتقدم باقتراح سيكون مقبولاً خلال الجلسة التشريعية المقبلة بعد التشاور طبعاً مع هيئة مكتب المجلس. وأعتقد أن قانون الانتخابات يفترض أن يكون بعد انتخاب رئيس الجمهورية لأن لهذا الرئيس حقوقاً لجهة مبدأ مراجعة هذا القانون».

واعتبر حرب أن «أي تدبير يمكن أن يتم اللجوء إليه لتفعيل عمل المجلس لا يجوز أن يؤدي بالنتيجة إلى تشجيع من يعطل نصاب انتخاب رئيس وبالتالي يعطيه مجالاً للتمادي في تعطيل هذا الانتخاب».

وأضاف: «حصل نقاش قانوني حول هذا الأمر ونقاش دستوري حول آلية انتخاب رئيس والنصاب الذي يفترض أن يتوافر في الدورة الثانية، لأننا أصبحنا في الدورة الثانية والنقاش لا يزال مستمراً حول بعض الآليات والأطروحات التي يمكن أن يتعاطى المجلس بها وخصوصاً في القضايا المستعجلة والتي لا تحتمل التأجيل لكن من دون أن يخرق القاعدة التي تقوم عليها أي أن لا تعطل دستورية لكي تشرع، وألا يشكل التشريع اعتداء على موقع رئاسة الجمهورية». وقال: «إذا حظيت فكرة الرئيس بري بالموافقة من كل الأطراف عندها يمكن اعتمادها. وهذه الصيغة برأيي هي عقلانية توفق بين الموقفين ولكن البعض يرفضها، ويبقى القرار لهيئة مكتب المجلس، خصوصاً أن المجلس كان اتخذ قراراً بعدم بت قانون الانتخابات قبل انتخاب رئيس وهذا هو موقفي أيضاً فلا يجوز أن نمنع على رئيس الجمهورية: حق رد القانون، وحق طلب إعادة النظر فيه مرة ثانية في المجلس، وتالياً حق مراجعة المجلس الدستوري في قانون بأهمية قانون الانتخابات».

وقال النائب علي فياض: «المواقف لا تزال متباعدة وليس هناك من مؤشر إلى إمكان الاتفاق على الأقل. فالجلسة كانت فرصة لعرض القانون الذي تقدمت به اللجنة النيابية الخاصة المكلفة به، وقد أبدت القوى الحاضرة ملاحظاتها وأعادت التذكير بمواقفها، ولا تزال تتمسك بمواقفها».

وقال باسيل: «لم نتفق على شيء والقصة قصة عدالة ومساواة بين اللبنانيين، ومنطق العدالة فقد»، واصفاً ما يحصل بالـ«مناورة لعدم طرح أو إقرار قانون الانتخاب».

الحريري وجنبلاط اتفقا على التهدئة

قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع، أن اتصالاً جرى بين زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط جرى خلاله البحث في الحملات المتبادلة بين جنبلاط وبين وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي دافعت عنه وعن المدير العام لوزارة الاتصالات عبدالمنعم يوسف كتلة «المستقبل» في وجه حملة جنبلاط ووزير الصحة وائل أبو فاعور عليهما.

وذكرت المصادر أن الحريري وجنبلاط اتفقا على التهدئة ووقف الحملات المتبادلة وأن تأخذ التحقيقات في فضائح الإنترنت مجراها ليتم تحديد المتهمين ومحاسبتهم.