نجيب عبد الرحمن الزامل

&صحيح أن هناك ظروفا صعبة تمر على المسلمين بسبب الإرهاب. وصحيح أن الإرهاب نجح في وضع صورة مالطة للحقيقة أمام الرأي العالمي وبالذات الغربي، وصحيح أن الذي سيدفع أكبر حصة من الثمن هم المسلمون المقيمون في أوروبا وأمريكا. إلا أن هناك مشاهد أود عرضها عليكم، ولنستنتج معا العبَر منها، وكيف يمكن أن تتطور الأمور.

&المشهد الأول:&

لاحظت أن كثيرا من الفنانين في الغرب والذين ترجع أصولهم للمشرق من المسلمين عادوا بصور قوية للدين، ويصرون على كتابة الأدعية والأذكار في حساباتهم، ويزداد اعتزازهم بدينهم، ويتوجهون بالنقد وأحيانا بالاحتجاج الصريح على المجتمع الغربي الذي هم من أبنائه ويعيشون وسطه لما يتعرض له الإسلام والمسلمون. خذ أن مغنيا سويديا مسلما من أصل لبناني وحائز الأسطوانة البلاتينية أكثر من مرة، وهي درة الجوائز في عالم الموسيقى، لم يكتفِ بالكتابة بالإنجليزية والسويدية كل يوم للأذكار والأدعية الإسلامية، بل صار يكتبها بالعربية. وهناك فنانة اسمها إيميلدا زاهي ليست مشهورة جدا لأنها وراء الكواليس وتكتب أغاني تعرف بفن "البوب" كتبت قصيدة إسلامية تقرب للنفس الصوفي وتتكلم فيها عن الزهد، وتقول إن ما تراه الآن يصير باسم الإسلام جعلها لا تهرب منه بل تلجأ إليه، لتعرف جوهر دينها التي لم يدرّسها إياه أحد ووجدت فيه السكينة. وتقول مكتبة لوس أنجلوس كاونتي إنها ستنشر لها كتابا باسم العودة للدفء وسيحدث تأثيرا حتى في الشباب المسيحي. هذا جعلني أتصفح بعض حسابات الفنانين والفنانات العرب ووجدت الشيء ذاته، الحرص على الأدعية والأذكار وبعض منهم ومنهن تلبسوا وشاح الوعّاظ. وهذا يتطلب بحثا أنثروبولوجيا ـــ ثيولوجيا من قبل المهتمين ألأكاديميين.&

المشهد الثاني:&

الدكتور حاتم بارزيان بروفيسور في جامعة بيركلي الأمريكية وكاتب مشهود له بالحضور الإعلامي في أمريكا وبالذات في كاليفورنيا، يكتب مقالا عاصفا احتجاجيا يكاد يخرج فيه عن طوره وهو العقلاني البارد الأعصاب بروح علمية محايدة.. إلا لما شعر أن المسلمين يهانون في الولايات المتحدة بإقرار مشروع تأهيلي جديد - قليل الأدب- والتعبير أيضا من عند البروفيسور. والمشروع التأهيلي الجديد يسمى "مجابهة العنف التعصبي"، وراج الآن تحت الاختصار: CTV- Encountering Violent Extremists برنامج موجه للمسلمين والتأكد من سلوكياتهم أو تغييرها قبل قبولهم في الأعمال والجامعات والانخراط في العمل المجتمعي العام. واحتجاج البروفيسور حاتم:"لماذا فقط المسلمون؟! أليس المسلمون بالملايين في أمريكا وساهموا في نهضتها وعلومها؟ ألم يزوروا المجتمعات الإسلامية بالذات في المساجد، حيث إنه في لوس أنجلوس سجلت المساجد أكثر المساهمات التطوعية المدنية وأعمال الخير، وحصدت جوائز المدينة، وهذا أيضا يعم باقي مدن أمريكا؟!، ألا يستحي مصممو البرامج على مسألة واصطلاح "تأهيل" لتستخدم فقط لأتباع الدين الإسلامي، وهم من سجلوا أكبر درجات التفوق والذكاء في المدارس والجامعات والهندسة والأعمال؟!"، ويمضي المقال الطويل جدا بهذا النفس، وتداولته الأوساط وبرامج التلفزيون.&

المشهد الثالث:&

عراقي قابلته صدفة في محل أحذية في "أرفاين" بكاليفورنيا منذ ثلاث سنوات، وتعززت صداقتنا وعرفت أنه أكبر صاحب شركة مقاولات في المنطقة، ومن أثرياء ولاية كاليفورنيا المعدودين. ليس بيني وبينه أي صلة تجارية، كل ما جمعنا الصداقة وحب اقتناء الكتب الكلاسيكية. هاتفني قبل أيام لتعرض أبنائه للتنمر في المدرسة لكونهم من المسلمين. وهو يفكر جادا، وهو الأمريكي الذي لم يخرج من أمريكا منذ 30 عاما، في الهجرة لأي بلد خليجي. معلومة: صديقي هذا ليس مسلما بل آشوري مسيحي، ولكنها العنصرية العوراء والكره الأعمى.

&وأترك لكم المشاهد الثلاثة لتتأملوا فيها.